"إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "الحجرات:18، وقوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "الحجرات:13، وقوله تعالى: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ "الروم:54، وقوله تعالى: "ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "التوبة:27 وقوله تعالى: "وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" الشورى: 23. وإمّا حثًّا على الالتزام بما ورد في الآية من تكليفات شرعية امتثالا في جانب الأمر ، وترغيبًا في الطاعة، كقوله تعالى: "وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "البقرة:110. وانتهاء في جانب النهي ، وترهيبًا من المعصية ، كقوله تعالى: "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "هود:112 ، وقوله تعالى: "هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ "آل عمران:163 أو تعليلًا لما ورد فيها كقوله تعالى: "إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ "الطور:28 . قال البقاعي: "عللوا دعاءهم إياه مؤكدين لأن إنعامه عليهم مع تقصيرهم مما لا يكاد يفعله غيره، فهو مما يعجب منه غاية العجب فقالوا: إنه هو أي وحده البر الواسع الجود الذي عطاؤه حكمة ومنعه رحمة، لأنه لا ينقصه إعطاء
ولا يزيده منع، فهو يبر عبده المؤمن بما يوافق نفسه فربما بره بالنعمة وربما بره بالبؤس، فهو يختار له من الأحوال ما هو خير له ليوسع له في العقبى، فعلى المؤمن أن لا يتهم ربه في شيء من قضائه الرحيم المكرم لمن أراد من عباده بإقامته فيما يرضاه من طاعته ثم بإفضاله عليه وإن قصر في خدمته". وكقوله تعالى: "وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً "النساء:43. قال أبو السعود: "إِنَّ الله كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً تعليلٌ للترخيص والتيسيرِ وتقريرٌ لهما فإن مَنْ عادتُه المستمرَّةُ أن يعفوَ عن الخاطئين ويغفرَ للمذنبين لا بد أن يكون ميسِّراً لا معسراً وقيل هو كنايةٌ عنهما فإن الترفيهَ والمسامحةَ من روادف العفوِ وتوابعِ الغُفران" وإما توسلا من الداعي إلى الله بأسمائه وصفاته ؛ ليستجيب الدعاء كقوله تعالى :" وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "البقرة:127، وقوله تعالى: "رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ "آل عمران:8 ، وكوله تعالى:" أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ "الأعراف:155 . وغير ذلك من الفوائد. لذا فإن العلاقة بين الأسماء الحسنى في خواتيم الآيات وبين الآيات تحتاج منا إلى تفحص وتأمل وتدبر. يقول الشيخ ابن سعدي " عليك بتتبعها في جميع الآيات المختومة بها، تجدها في غاية المناسبة، وتدلك على أن الشرع والأمر والخلق كله صادر عن أسمائه وصفاته، ومرتبط بها. وهذا باب عظيم في معرفة الله ومعرفة أحكامه، وهو من أجل المعارف. وأشرف العلوم. ثمّ إن المناسبة بين الأسماء الحسنى في آخر الآية ، وبين الآية قد تكون واضحة جدًّا لا تحتاج إلى كثير تأمل كقوله تعالى : "وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "البقرة:199، وقوله تعالى: "وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ "المائدة:114، وقوله تعالى: "قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "الأعراف:151.
يتبع