في اليوم العالمي للغة الأم: مناظرة بين الفصحى و الدارجة؟

هل نسمح لأنفسنا بالكتابة بالدارجة لأنها جزء من حضارتنا التونسية أم نكتب بالعربية الفصحى لأنها أبلغ في المعنى ولأن البعض يعتبر أن الدارجة والأمازيغية

تهدد هويتنا اللغوية؟ هذه الأسئلة تثير حيرة في عقل المواطن التونسي بما أن اللغة الأم مهمة يتواصل بها الإنسان لأنه يتقنها منذ طفولته وعن طريقها يجد موقعه في هذا العالم.
هذا الجدل الشيق نوقش يوم الخميس بدار الثقافة ابن رشيق حول استعمال اللهجة الدارجة في الكتابة من عدمه, وأعدت مناظرة في هذا الشأن بين الأستاذ الجامعي محمد عبد العظيم والناقد الصحفي حاتم بوريال وقد نظمتها بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم جمعية «تونس الفتاة» في افتتاح أنشطة منتدى الآداب والفنون «عبور».
لا توجد مفردة دارجة في لسان العرب
انطلقت المناظرة بمداخلة الأستاذ محمد عبد العظيم الذي عرف اللغة واللسان انطلاقا من «لسان العرب» واعتبر أن اللسان هو ما يطلق على اللغة وأن ما نقول عنه لغة عربية هو خطأ شائع وإنما نقول لسان عربي وأن اللغة هي ما يقوله جميع الناس في العالم واعتبر أن كلمة الدارجة لا توجد في اللسان العربي فكلمة درج تعني مات ويمكن أن نعتبر هذا الشرح تلميحا بأن الدارجة لسان ميت لا يمكن أن يحل مكان لسان العربية الحية التي نجد فيها أكثر من 12 مليون كلمة فهي من أكثر اللغات ثراء في المفردات
كما يعتبر أن استعمال الدارجة والأمازيغية كلغة رسمية مناقض للدستور وهو يرى بأن مطالب بعض أطراف المجتمع المدني لإدخال الدارجة والأمازيغية تهديد للهوية وتمييع للغة خاصة عندما تمزج الدارجة باللغات الأجنبية وهو يلوم الشباب لكتابتهم غير المفهومة باللاتينية في الفايسبوك. الإشكال يتمثل في أن التعليم لم يقع تعريبه لذلك لم يواكب ميدان البحث العلمي والإعلام بتونس آخر التطورات العلمية والتكنولوجية حسب رأيه.
الدارجة هي لغتنا التونسية
يوجد في الأعوام الأخيرة جهود من المجتمع المدني للتشجيع على الكتابة بالدارجة باعتبارها اللغة التونسية وهناك من يشجع على استعمالها في المجال الأكاديمي كلغة رسمية إلا أن هذا الاستعمال لا يمكن في جميع الميادين مثلا لا يمكن ترجمة أشعار من العربية الفصحى إلى الدارجة فستنعدم لذتها وفي هذا الصعيد اعتبر الصحفي والناقد الفني حاتم بوريال أن الدارجة والفصحى ليستا متنافستين تاريخيا بل يمكن أن نبقي كل لغة في مجالها فمثلا سنجد صعوبة إذا تواصلنا في حديثنا اليومي باللغة العربية وإنما الفصحى ستعطينا حرية وأريحية في التعبير وأعطى أمثلة كثيرة في واقعنا مثل أن نقول «كلينا كعبات تريلية تحت الفيراندة متاع الكوجينة» فهذه الجملة أغلب المفردات فيها إيطالية وهو يعتبر ذلك انفتاحا وتثاقفا مع اللغات الأجنبية. وأضاف أن اللغة الأم هي الدارجة والدليل أننا عندما ذهبنا للمدرسة وتعلمنا الحروف والكلمات لم نكن نعلمها وكأننا أبحرنا في عالم جديد وبالتالي فإن اللغة الأم حسب رأيه هي الدارجة التونسية.
فقد صرح المشرف على منتدى الآداب والفنون «عبور» معز الحامدي لـ«المغرب» أنه يريد إثارة القضايا الفنية بطريقة تفاعلية بالمناظرة كما شدد على الاحتفاء بالفن والجماليات في هذا البلد واعدا بلقاءات شهرية فيها مناظرات في كل الفنون.
المناظرات في الفكر والفن مكسب يضاف للديمقراطية والحوار بعد الثورة في تونس خصوصا في مواقف تعد ثابتة ومقدسة من طرف البعض كاللغة الأم وهذا يسعدنا إذ يوجد احترام للأطروحات المتباينة ويوجد عمق في الأفكار التي تجعلنا نحترم كلا الموقفين.

محمد فراس كواش
(متربص)

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115