جمعية النساء الديمقراطيات: مساندة مطلقة للدكتورة نائلة السليني وتحذير من (الاغتيال المعنوي) ...

«من تمنطق فقد تزندق» عبارة توشّحها المكفرون»، ولم تندثر حتى بعد قرون من فترات تاريخ مظلم، درّسونا إياها في المناهج الدراسية ولم نكن نعتقد أبدا أنها سترجع يوما بأنياب القوالب الإيديولوجية والشروح الميتافيزيقية وبخيال المتاهات الماورائية من أجل إعلاء أوهام الخلافة ومشتقاتها..

اليوم نقرأ بيانا من جمعية النساء الديمقراطيات ينددن فيها بما تتعرض له الدكتورة نائلة السليني من حملات تكفيرية مغرضة.. فهل من يفكّر في تونس لا بدّ له أن يكفّر ويهرسل؟
«إنّ ما تمرّ به البلاد من ظاهرة تعود بنا إلى أجواء ما عشناه في 2012 و 2013، من محاصرة للمثقفين والمفكّرين التونسيين، تبعث على القلق، وخاصّة أنّها ظاهرة سبقت ما واجهته البلاد من اغتيال سياسي بقي مرسوما في ذاكرتنا.. إنّ المنهج الجديد من قبل حركات

تحمل راية الإسلام الحق إنّما تطبّق أجندة حركية تعرف بالاغتيال المعنوي، وهو اغتيال لا يقلّ خطورة عن الاغتيال الحقيقي، إنّ الوضع الدقيق الذي تعيشه البلاد يفرض على المجتمع المدني والشخصيات الوطنية الحرّة اليقظة والتصدّي لكلّ محاولة تنبئ بإدراج البلاد في منعرجات الظلامية والاستبداد والعنف باسم الدين». هكذا صرخ البيان، لا للوقوف إلى جانب الدكتورة نائلة السليني فقط وإنما الوقوف إلى جانب كل المفكرين الأحرار، وما الحرية إلا غاية الكافرين بالأغلال والقيود..

ما تتعرض له الدكتورة نائلة السليني اليوم ليس جديدا.. فالمكفرون أخذوا في كل مرّة بالإنفراد بشخصية وقذفوها بويلات التكفير، بالأمس كانت الضحية أمال القرامي وألفة يوسف ومحمد الطالبي ويوسف الصديق والقائمة أوسع.. وما الضحية الحقيقية إلا ضحية الجهل.. لم نكن نتصوّر أنّ الجماهير المكفرة التي لقّبت ابن سينا الطبيب والفيلسوف بإمام الملحدين وشيخهم، سيرجعون بعد قرون، لم نكن نتصور ملقبي أبي حيان التّوحيدي الفيلسوف المتصوّف والأديب الجلي بالزنديق والملحد سيرجعون من جديد.. أننتظر أن ينكّل بأحد المفكرين ويقتلونه في سيناريو أشنع من سينريوهات داعش الإرهابي حتى تعلن الدولة الحرب على التكفير؟ بالأمس القريب اغتيل الشهيد شكري بلعيد وبالأمس القريب أيضا اغتال المتطرفون المفكر المصري فرج فودة بعدما أشبعوه بفتاوى التكفير، كما اغتالوا وكفروا المفكر السوداني محمد محمود طه..

على كل المؤمنين بقيم الحداثة، على كل من يعتبرون أنفسهم مثقفين، على كل من لا يريدون أغلال الأفكار المضيئة أن يقفوا صفا واحدا ضد التكفيريين.. من يظل صامتا فإن الدور سيأتي عليه وصمته لن يسمّى إلا تخاذلا، لأنّ القضية ليست قضية نائلة السليني أو أي مكفَّر بل هي قضية الحرية وقضيتنا جميعا..

كأن من ينادي باحترام حق التفكير في تونس يحرث في ماء بحر ملوحته لا تُزكي غير طعم صنيع المكفرين.. كلما تُنبت الصحراء زهرة يفوح أريجها بين صنان الجهل، عندما ينهمر ماء عذب بين الصخور العقيمة، عندما ينير نجم في رحم سماء مظلمة بلا أفق، كلما تمرّدت حرّة على قيود الرجعية والتخلّف، حاولوا إخماد صوتها الإلاهيّ، عقروها وعقروا فرصتهم لولوج الحضارة والتاريخ.. حاولوا تحطيم كل الأجنحة واكسروها غير أنّ جناح الأفكار سيظلّ يحلّق بنور الإله دائما أبدا..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115