بالنظر في مدى توفق وزارة الشؤون الثقافية والهياكل التابعة لها في تجاوز الإخلالات والنقائص التي تم رفعها ضمن التقرير السنوي عدد 28 للمحكمة في مجال التصرف في التراث الأثري.
في تقريرها 32 الصادر مؤخرا، أفردت محكمة المحاسبات قطاع التراث بحيز مهم من الاهتمام في متابعة ميدانية للتقرير السنوي لدائرة المحاسبات 28 في جزئه المتعلّق بالتصرف في التراث الأثري.
ثغرات... ومحاولات إصلاح
احتل قطاع التراث حيزا مهما من التقرير السنوي لمحكمة المحاسبات في متابعة ميدانية للتقرير السنوي لدائرة المحاسبات 28 في جزئه المتعلّق بالتصرف في التراث الأثري. وقد رفعت المحكمة ملاحظاتها وتوصياتها بعد القيام بزيارات ميدانية لعيّنة من المواقع والمتاحف وهي المواقع الأثرية بكلّ من أوذنة وأوتيك وتيبوربو ماجوس وقرطاج ومتاحف باردو وأوتيك وقرطاج ورقادة وفضاء «العرض غير الدّائم» بالقيروان. كما تمّت زيارة عدّة معالم تاريخية على غرار دار رشيد ودار قائد السبسي ودار الشريف ودار بن عبد الله ودار المقراني بالإضافة إلى الفضاءات المخصصّة لخزن القطع الأثرية بكلّ من قصر السعيد وأوذنة وأوتيك وتيبور بوماجوس والمخازن الجديدة برقادة.
وجاء في تقرير محكمة المحاسبات أنّ «بعض النقائص التي تمّ رفعها سابقا قد تمّ تداركها عبر تنفيذ بعض التدابير على غرار تركيز لجنة للحفريات ودعم أنشطة جرد المواقع والقطع الأثرية والصيّانة وتطوير بعض التطبيقات المعتمدة في التصرف. كما تم تسجيل الشروع في تنفيذ عدّة إجراءات تصحيحيّة تهمّ تركيز المجلس العلمي للمعهد وتحسين التصرّف في اتفاقيات التعاون وإصدار عدد من خرائط المسح العام للمواقع الأثرية إضافة إلى سعي المعهد إلى تدارك بعض الهنات التي شابت ترتيب المعالم وإسناد التراخيص وتوصّل الوكالة إلى تسوية وضعية المنح المسندة للمعهد وإنجاز بعض الأشغال المتعلّقة بالبيانات التقديمية و»التشوير» الداخلي بالمواقع والمتاحف واستخلاص بعض المداخيل».
في المقابل أفادت محكمة المحاسبات أنه تمّ معاينة عديد النقائص التي لا تزال قائمة وذلك لعدم إيلاء ملاحظات دائرة المحاسبات وتوصياتها العناية اللّازمة وعدم بذل الجهود الكافية أو لتواصل العوائق في علاقة بالإطار القانوني المنظّم لقطاع التراث عامّة وبالنقص المسجّل في الموارد البشرية والمالية واللوجستية.
وقد أحصت محكمة المحاسبات نقائص إضافية طرأت خلال السنوات الأخيرة تعلقت على وجه الخصوص بالتصرّف المالي في تنفيذ اتفاقيات التعاون الدولي وفي حماية المتاحف وصيانة المخطوطات ومنظومة التصرف في المداخيل المعتمدة لدى وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية وإشراف الوزارة على تنفيذ بعض المشاريع الهامة في مجال التراث الأثري.
لزمات استغلال المعالم من الخواص إلى المحاكم
أفاد تقرير محكمة المحاسبات بأنّ وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية قد قامت بفوترة 63 % من جملة المبالغ المستوجبة بعنوان عقود لزمات ولم تتولّ فوترة ولا استخلاص غرامات التأخير. وتولّت الوكالة فوترة المعاليم المتعلقة ب4 عقود سارية المفعول إلى موفّى 2019 ورفع قضايا بخصوص 3 منها لعدم خلاص المعاليم المتخلّدة بذمة أصحابها صدرت في شأنها أحكام قضائية خلال الفترة 2014 - 2019.وتمّ خلاص المبالغ المتخلّدة بذمّة صاحب لزمة «فينيكس قرطاج». أما فيما يتعلق بلزمتي «أكروبوليوم قرطاج» و»فضاء بن عبد الله» فقد بلغت المبالغ المستوجبة بعنوانهما إلى حدود موفّى جويلية 2020 على التّوالي333,027 أ.د (منها 18,850 أ.د تمت فوترتها كغرامات تأخير ) و36,413 أ.د واتّضح أنّ الوكالة قد توصّلت إلى إبرام عقد صُلح مع صاحب لزمة «أكروبوليوم قرطاج» ليتولّى خلاص معاليم اللزمة على أقساط كما وجّهت استشارة خلال شهر جويلية 2020 إلى الوزارة للنظر في إمكانية تنفيذ الحكم ضدّ صاحب لزمة «فضاء بن عبد الله» علما بأنّه صدر حُكم استعجالي في ديسمبر 2014 بإلزامه بالخروج من الفضاء إذا لم يدفع المبالغ المستوجبة وتمّ إرجاء تنفيذه.
ولئن أشارت محكمة المحاسبات في تقريرها السابق إلى غياب سياسة تسويقية تضبط أهداف وإستراتيجية عمل لدعم المتاحف والمواقع والمعالم... فقد نوّهت في تقريرها الجديد بحرص وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية على تحديد مجموعة من الأهداف تتعلق بتثمين التراث والمخزون الوطني وخلق حركية دائمة بالمواقع والمتاحف. إلى جانب عملها حاليا على وضع خطة إستراتجية ترويجية وتسويقية لمزيد التعريف بالتراث.
وفي مجال المسح العام وحماية القطع الأثريّة، دعت محكمة المحاسبات إلى استحثاث نسق إعداد الخارطة واستكمال هذا المشروع الذي مضى على انطلاقه حوالي ثلاثة عقود.
في التقرير السنوي لمحكمة المحاسبات: التراث الوطني بين تضخم النقائص وشح الموارد البشرية والمالية
- بقلم ليلى بورقعة
- 10:17 16/02/2021
- 948 عدد المشاهدات
لأنّ التراث هو الذاكرة والتاريخ والأثر الباقي وصمّام الأمان ضد النسيان، فقد اهتم التقرير السنوي العام عدد32 لمحكمة المحاسبات