وإلا ويعمّ الدمار والخراب. ومن أجل كنس دنس هؤلاء المتطرفون من الأوطان الآمنة في سلام يلقي رجال الأمن والجيش صدورهم إلى الرصاص كما يفضح المفكرون والمثقفون والفنانون زيف هذه «العقيدة» ويحذرون من رايتها الموّقعة بالدم صباحا، مساء.
على جبهة النضال الفكري والكفاح الثقافي، تقف المفكرة والباحثة ألفة يوسف في صمود أمام عواصف الهجوم المجاني والانتقاد العنيف بسبب فكرها وكتبها وآرائها في الدين والسياسة والهوية والشأن العام...
بعد الثورة، ارتفع منسوب التكفير والترهيب والإرهاب في طفرة غير مسبوقة. وكانت النخبة التونسية المثقفة في صدارة قائمة الأشخاص المهددين بالاغتيال لا لشيء فقط لأنها تدعو إلى إعمال العقل والاحتكام إلى المنطق واحترام الآخر المختلف... ولأن الدكتورة ألفة يوسف تنتصر إلى الانفتاح والتسامح وتتسلّح بالجرأة والشجاعة في قراءة الدين والتراث الإسلامي وتنشد العمق ولبّ الفكرة في زمن عزّ فيه التفكير، كانت في مرمى سهام التهديد المباشر والصريح بالتصفية !
بينما كانت الكاتبة ألفة يوسف في طمأنينة «روحانية» ومصالحة مع فكرها وذاتها، حاول عنصر تكفيري يوم الخميس 28 جانفي 2021 اقتحام منزلها بولاية سوسة. ولكن رجال الأمن كانوا بالمرصاد لهذا الاستهداف الجبّان فتم إلقاء القبض على الجاني والاحتفاظ به على ذمة التحقيق.
لأنّ ألفة يوسف ليست من دعاة الإثارة وهواة «البوز» فقد التزمت الصمت أمام الخطر الذي كان يتربص بها، إلا أن تسرب الخبر جعلها تنشر تدوينة على صفحتها بالفيسبوك أوضحت فيها ما يلي: «لطمأنة جميع الأصدقاء والصديقات... فعلا، هناك شخص تكفيري حاول الدخول إلى منزلي... وقد ألقى عليه الأمنيون القبض. لم أشأ ذكر الموضوع، لكن الخبر تسرب... أنا بخير حال، والحمد لله، وأشكر كل الأمنيين على مجهوداتهم... حفظ الله بلادنا... كم أحبكم وأحبكن».
إلى حدّ اللحظة، لا أحد يمكنه التنبؤ بمقصد العنصر التكفيري وهو يحاول اقتحام منزل ألفة يوسف وهل كان ينوي استهداف حياتها أم كتبها أم مكتبها... ولكن الثابت في الموضوع أن صاحبة «حيرة مسلمة» لا ترهبها التهديدات ولا يفزعها التوعّد والوعيد. وهي التي تجيب عند سؤالها في كل مرة عن الإرهاب الذي يحاصرها لتقول بمنتهى الإيمان والهدوء: «الموت هو الحقيقة الوحيدة ... سنرحل وفق الصورة المادية الزائلة بالضرورة نحو صورة أخرى هي جوهرنا الروحي كما أرى. أنا مؤمنة... فكيف أخاف الموت؟!».