وهذا المشروع مركون في رفوف المجلس ومن حوله النقابات والفنانون في انقسام وعدم إجماع. وحتى بعد تعديله، بقي هذا المشروع محل اعتراض وجدل... وقد زادت وطأة الكورونا من حاجة القطاع الثقافي إلى دخول مشروع قانون الفنان والمهن الفنية حيز التنفيذ حماية لمكانة الفنان وحقوقه الاجتماعية والاقتصادية...
إلى حدود سنة 2015، يعود انطلاق إعداد إطار تشريعي لقطاع الفن والمهن الفنية ليتم إحالة مشروع قانون الفنان والمهن الفنية على البرلمان بتاريخ 27 ديسمبر 2017 ، لكنه لم يحظى بإجماع الفنانين في كل نسخه احتجاجا على فصوله الزجرية أو مطالبة باعتبار بطاقة الاحتراف هي الفيصل ... فهل سينجو هذا القانون قريبا من مساره المتعثر؟
النائبة سميرة سايحي: مشروع قانون الفنان من أوكد أولوياتنا
بين سحب نسخة قديمة وإيداع نسخة معدّلة بمجلس النواب، ظل مشروع قانون الفنان والمهن الفنية يراوح مكانه لسنوات طويلة دون الخروج إلى النور كقانون قابل للتطبيق والتنفيذ. وبعد صمت وركود، يبدو أن بمجلس نواب الشعب قد قررت أخيرا بدء النقاش حول هذا المشروع. وقد أعلنت في الساعات الأخيرة أنها ستشرع في دراسة مشروع القانون المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
وقد دعت اللجنة مختلف مكوّنات الطيف الثقافي وممارسي المهن الفنية إلى تقديم مقترحات كتابية بخصوص مشروع هذا القانون المدرج بالموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب.
وعن موعد انطلاق الحوار والنقاش بخصوص مشروع قانون الفنان والمهن الفنية الذي لا يزال موضع جدل، صرّحت نائبة رئيس لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي سميرة سايحي لـ «المغرب» بالقول: « إنّ مشروع قانون الفنان والمهن الفنية هو من أوكد أولويات لجنتنا لقناعاتنا بضرورة المصادقة على هذا المشروع ضمانا لكرامة الفنانين الذين بهم يتطوّر مجتمعنا وتنهض ثقافتنا... ومباشرة بعد الانتهاء من نقاشات مشروع قانون تنظيم العمل المنزلي مع نهاية شهر جانفي الحالي، سنشرع في مناقشة ملف مشروع قانون الفنان والمهن الفنية مع فتح باب التدخل لكل الفاعلين في القطاع الثقافي من فنانين ونقابات وسلطة إشراف. وطبعا سيكون التعديل متاحا في كل مراحل النقاش ليكون مشروع قانون الفنان والمهن الفنية في نسخته النهائية المعروضة على المصادفة يستجيب لأقصى حد ممكن من التطلعات والانتظارات».
وأضافت النائبة سميرة سايحي: « شخصيا سأبذل قصارى جهدي من أجل حلحلة هذا الملف ودفعه نحو تحديد موعد الجلسة العامة قصد المصادقة بصفتي نائبة رئيس لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي نائبة عن كتلة الحزب الدستوري الحرّ الذي ساند الفنانين في اعتصامهم وتحركاتهم الاحتجاجية. فلا خير في سلطة سياسية لا تنتصر لحقوق الفنانين والمثقفين».
لقاءات و نقاشات... وبعد؟
في تداولهم على كرسي وزارة الثقافة بعد الثورة، حاول كل وزير قدر استطاعته الدفع بملف مشروع قانون الفنان والمهن الفنية إلى الأمام إلا أن التغيير المتواتر في الحكومات وقف حجرة عثرة أمام كل مبادرة أو محاولة إصلاح. بدورها سعت الوزيرة السابقة شيراز العتيري في الأيام الأولى لتسلم مهامها إلى تنظيم يوم دراسي بخصوص مشروع قانون الفنان والمهن الفنية في شهر جوان 2020 بمدينة الثقافة. وكان من المنتظر أن يكون هذا اليوم الدراسي مقدّمةٌ لسلسلة من اللقاءات التشاورية لمناقشة نسخة القانون وتعديلها، ولتقريب وجهات النظر والرؤى بهدف صياغة قانون يستجيب لمتطلّبات أهل القطاع، ويواكب التطوّرات الحاصلة فيه، بما فيها بروز أنماط فنية جديدة، ولإيجاد الأطر القانونية اللازمة للإحاطة بالفنّانين والمبدعين ...
وقد عرفت وقتها مختلف ورشات هذا اليوم الدراسي احتجاجا وإعلان الرفض القاطع لمشروع القانون في صيغته الحالية، في الوقت الذي أكدت فيه الوزيرة السابقة شيراز العتيري أنّ وزارتها سحبت مشروع القانون من مجلس النواب، بهدف إدخال تعديلات عليه وحذف ما يتضمّنه من «فصول زجرية» بالتشاور مع الفنّانين والهياكل المهنية والفاعلين في المجالات الإبداعية والفنية، بما يستجيب لتطلًّعات أهل القطاع ويضمن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية».
منذ أربعة أشهر بالتمام والكمال وتحديدا منذ شهر أكتوبر 2020 بقيت وزارة الشؤون الثقافية بلا وزير، في انتظار تزكية البرلمان لتعيين يوسف بن إبراهيم على رأس وزارة الثقافة وتثمين التراث يوم 26 جانفي الجاري. ولاشك أن الوزير الجديد سيولي اهتماما خاصا بمشروع قانون الفنان والمهن الفنية باعتباره كان شاهدا ومواكبا لمختلف مراحله من الفكرة إلى الصياغة إلى النقاش... ولأن الفنانين يضعون هذا الملف في أوّل سلم مطالبهم واجتماعاتهم سيما وقد عرّت الكورونا هشاشة القطاع الثقافي وعدم متانة مكانة الفنان المعلق بين سقف غايات نبيلة وقاع واقع أليم !