في مؤلف جماعي بعنوان «في اللّا تفاضلية بين الحقوق والحريات»: شمولية حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة

هل نحتاج اليوم إلى التدليل على أنه لا تفاضل بين الحقوق والحريات، وخاصة بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

من ناحية وبين الحريات الفردية من ناحية أخرى؟ كان هذا السؤال المحوري هو منطلق دراسة متعددة الجوانب قدمتها الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية في شكل مؤلف جماعي تحت عنوان «في اللّا تفاضلية بين الحقوق والحريات: في علاقة الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة بالحريّات الفرديّة».
تحت إشراف دكتور القانون وحيد الفرشيشي وبمشاركة دكاترة في اختصاصات متنوعة صدرت الدراسة القيّمة «في اللّا تفاضلية بين الحقوق والحريات» في حوالي 400 صفحة مع أجزاء باللغتين الفرنسية والانقليزية .
رئيس ونواب لا يؤمنون بالمساواة بين الحقوق والحريات
«العقل في مواجهة الوهم» تحت هذا العنوان جاء التقديم العام للدراسة بقلم الدكتور وحيد الفرشيشي في إبراز أنه «لا تفاضل بين الحقوق والحريات».
ويعتبر أستاذ القانون أنّ «حقوق الإنسان  لا يمكن إلا أن تكون شاملة، كونية، مترابطة، متكاملة، لا يمكن التراجع عنها ولا يمكن المفاضلة بينها. إلا أنه لا تزال عديد الأصوات المدنية والسياسية  تجاهر بأنها لا تقرّ بهذه الكونية ولا بالشمولية ولا تؤمن بأفقية الحقوق والحريّات! هذه الأصوات العالية والفاعلة لم تعد فقط سياسية حزبية ناشطة بل أصبحت حاكمة: في مجلس نواب الشعب وفي رئاسة الجمهورية : صعود تيارات سياسية محافظة  وتيارات شعبويّة  إلى مجلس نواب الشعب وتمركزها ككتل برلمانية فاعلة، وانتخاب رئيس جمهورية ذي الخطاب الشعبويّ إلى حدّ مخيف، مغلف بنظريات المؤامرة  والخطر الذي يهدّد الدولة والأعداء غير المرئيين والشعب الذي يعلم ويعرف كل شيء».
في شرح أسس الخطاب التفاضلي بين حقوق الإنسان وحرياته، يقول الدكتور وحيد الفرشيشي: «يعتمد خطاب التفرقة بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من ناحية وبين الحريات الفردية من ناحية أخرى على مفهوم الخصوصية الرافضة للكونية والشمولية. هذه الخصوصية المبنية أساسا على عناصر «هوويّة» تجعل من الخصائص «الثقافية» المكونة للهوية المتخيلة هي الأصل وترفض المقاربة الشاملة والكونية لحقوق الإنسان.
ويعتبر الأستاذ وحيد الفرشيشي أن «الحركات والتشكيلات السياسية والإيديولوجية التي تضرب الحريات الفردية تؤسس خطابها على تقديم هذه الحريات على أنها خطر على الحقوق وعلى المجتمع. وتدعم هذه «الفكرة» بنظرية المؤامرة وأن الحقوق والحريات الفردية المستوردة من الخارج بل ومفروضة منه وأن الهدف منها زعزعة ثوابت المجتمع وضرب ثقافته وتقديم المدافعون والمدافعات عنها على أنهم «عملاء» و»خونة» مأجورين من الخارج».
في الدراسة الجماعية «في اللّا تفاضلية بين الحقوق و الحريات»، يحذّر الدكتور وحيد الفرشيشي من مخاطر الخطاب التفاضلي بين الحقوق والحريات وتأثيراته الوخيمة على المدى القريب والبعيد معتبرا «أن تجزئة الحقوق والحريات وتبني بعضها دون البعض الآخر من شأنه أن يعرض مجموعات اجتماعية عديدة إلى انتهاك حقوقها وإقصائها وحتى إلغائها (تصفيتها جسديا)».
عن «الأبعاد التاريخية الحقوق الأساسية في تونس: مسألة يتوجب توضيحها» جاءت مساهمة الدكتورة قمر بندانة لإبراز أشكال بلورة حقوق الإنسان على مدى القرنين الماضيين في البلاد التونسية. أما الدكتور زهير بن جنات فيقدم موقف علم الاجتماع من المفاضلة بين الحقوق والحريات بما تشريع لانتهاكات حقوق الإنسان. على مستوى البعد الاقتصادي ، قدمت الدكتورة ريم عبد مولاه دراسة بعنوان «الحد من الحريات الفردية: عقبة أمام ريادة النساء للأعمال. وفي شرحها لمقاربة العلوم السياسية، تساءلت الدكتورة أسماء نويرة: الحريات الفردية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أي مقاربة في الخطاب السياسي؟ في في إضاءة حقوقية، تقدم الدكتورة ماجدة مرابط دراسة بعنوان: الحريات الفردية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: في تباين عدم القابلية للتجزئة».
في خاتمة المؤلف الجماعي»في اللّا تفاضلية بين الحقوق و الحريات»، اهتمت آلفة بالحسين بدراسة التناول الإعلامي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحريات الفردية أثناء الحجر الصحي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115