في افتتاح أيام قرطاج السينمائية 2020: 6 أفلام تُحيي ذاكرة السينما التونسية والإفريقية

من الافتتاح إلى الاختتام وما بينهما من مواعيد وأفلام، ستكون أيام قرطاج السينمائية 2020 استثنائية الشكل والمضمون. وبدوره

سيكون حفل افتتاح المهرجان مختلفا هذا العام، فلن يقتصر على عرض فلم طويل كالمعتاد بل سيتم عرض 6 أفلام قصيرة مستوحاة من 6 أفلام طويلة مرّت بشاشة الأيام وتركت أثرا عميقا وبصمة عصيّة عن النسيان. ويأتي هذا الخيار وفاء للمبدإ العام للدورة 31 التي أخذت على عاتقها مسؤولية إحياء الذاكرة والاحتفاء بالريادة واستشراف آفاق المهرجان في المستقبل القريب والبعيد.
قبل الافتتاح الرسمي لأيام قرطاج السينمائية يوم الجمعة 18 ديسمبر 2020، تم تأمين عروض خاصة بالصحافة والإعلام لأفلام الافتتاح، يوم أمس الخميس، بمدينة الثقافة. وقد تم إنتاج هذه الأفلام الستة القصيرة خصيصا لعرض الافتتاح في إنتاج للمركز الوطني للسينما والصورة.
«الوقت الذي يمر»... هدية إلى روح أحمد السنوسي
في اقتفاء لأثر فلم «شمس الضباع» للمخرج رضا الباهي والمتوّج بعديد الجوائز ، قامت المخرجة سنية الشامخي بإخراج الفلم القصير «الوقت الذي يمر» في اقتباس من هذا الفلم الطويل الذي تم إنتاجه سنة 1976. يتحدث فلم رضا الباهي عن قرية ساحلية تونسية يحترف أهلها مهنة الصيد لكن حالها ينقلب رأسا على عقب بعد عزم رجال أعمال هولنديين تحويلها إلى قرية سياحية بتواطؤ من مسؤولين في الدولة. أما فلم سنية الشامخي فإنه عبارة عن تكريم للممثل الراحل أحمد السنوسي على لسان أرملته «هيلين كاتزاراس» التي شاركته بطولة «شمس الضباع» في أول ظهور سينمائي لها. بعيون «هيلين» نقلت لنا المخرجة سنية الشامخي صورة أحمد السنوسي الممثل الموهوب والإنسان المحبوب... كما عادت بنا سنوات إلى الوراء، إلى ظروف إنتاج فلم «شمس الضباع» الذي تم منع تصويره في تونس فاستقبلته المغرب.
انتقام أمّ لشرف ابنتها في «المصباح المظلم في بلاد الطرنني»
إلى سنة 1973 يعود بنا فلم «المصباح المظلم في بلاد الطرنني» ليحث الذاكرة على استذكار الفلم الشهير «في بلاد الطرنني» من إخراج حمودة بن حليمة  والهادي بن خليفة  وفريد بوغدير. وإن اقتبس هذا الفلم عن ثلاث قصص  من كتاب «سهرت منه الليالي» لعلي الدوعاجي، فإن المخرج طارق الخلادي قد قام باقتباس حر من هذا الفلم ليخرج فلمه القصير «المصباح المظلم في بلاد الطرنني». في أولى مشاهده يظهر بطل «المصباح المظلم في بلاد الطرنني» وهو يلعن مصباح الشارع المظلم قبل أن تستدرجه امرأة جميلة وغامضة إلى فخ الجنس. وفي نهاية مشوّقة للفلم تبوح السيدة الحسناء بأسرارها وتنفذ مخططها في الانتقام من الشاب الذي اعتدى على ابنتها في نزوة عابرة !
«على عتبات السيّدة»... معاناة الأحياء الشعبية متواصلة !
من أشهر عناوين السينما التونسية الخالدة في الذاكرة فلم «السيّدة» للمخرج محمد الزرن الذي نفذ فيه إلى عمق الحي الشعبي «السيدة» ونقل معاناة سكان الهامش في ملاحقة الحياة. في استلهام طريف من هذا الفلم، أخرج فوزي الشلي فلمه القصير «على عتبات السيدة» حيث حافظ على وجود البطل هشام رستم من جهة، ومنح حضورا شرفيا إلى المخرج الأصلي لفلم «السيدة» محمد الزرن. في هذا الفلم قدم المخرج فوزي الشلي تحية إلى روح الشاذلي بوزيان، بطل «السيدة» والذي لقي مصرعه تحت عجلات حافلة عمومية في مصير مشابه لطريقة موته في نهاية الفلم. مرّت عقود على إخراج فلم «السيّدة» ولكن وضع هذا الحي الشعبي لم يتغير في «عتبات السيدة» لتبقى المعاناة واحدة والمأساة متواصلة...
«ماندة»... أموال بطعم الخذلان
تبقى سينما «عصمان صمبان» مرجعا في سجل السينما الإفريقية المناضلة والحاملة لهواجس وقضايا... في هذا السياق استوحى المخرج هيفل بن يوسف فكرة فلمه القصير «ماندة» من الفلم الروائي الطويل «الحوالة» للمخرج عصمان صمبان. في هذا الفلم برع المخرج في رواية الحكاية بأسلوب طريف ومشوّق لا يخلو من كوميديا سوداء. يروي فلم «الماندة» قصة زوجة هاجر زوجها إلى إيطاليا ولم يعد يربطه بها سوى حوالة بريدية يرسلها لها من حين إلى الآخر. حين تصل «الماندة» إلى الزوجة «دليلة»، فإنها تكون سخيّة في توزيع بعض الأموال على جيرانها من سكان الحي الشعبي... في نهاية الفلم، تحدث المفاجأة حيث كانت «الماندة» الأخيرة ثمنا لإجراءات الطلاق بعد قرار الزوج التخلي عن «دليلة» والاقتران بعجوز إيطالية.
«سوداء 2»... وفاء إلى سينما «عصمان صمبان»
بفضل فلمه «سوداء» كان السينمائي السينغالي العصامي «عصمان صمبان» شرف الفوز بأوّل تانيت ذهبي لأيام قرطاج السينمائية في دورته الأولى سنة 1966. ومن أجواء هذا الفلم استوحى المخرج الحبيب المستيري مشاهد فلمه القصير «سوداء 2» في تكريم لروح عصمان صمبان وتكريسه الكاميرا من أجل إخراج سينما إفريقية مناضلة... كانت رسالة عصمان صمبان إلى المخرج حبيب المستيري هي النواة الأساسية لفلم «سوداء2» وبمثابة الوصية لتكمل بعده سينما الجنوب المشوار والنضال.
«السابع» يقتفي أثر السعادة الضائعة في «العرس»
تحت عنوان «السابع» قام المخرج علاء الدين بوطالب بصياغة محاكية لفلم «العرس» للمخرج فاضل الجعايبي وبطولة جليلة بكار ومحمد إدريس وفاضل الجزيري وحبيب المسروقي. وقد حافظ المخرج على أجواء «العرس» وسمات شخصياته وحتى ألوان مشاهده التي جاءت بالأبيض والأسود... يصوّر «السابع» علاقة مهتزة بين زوج وزوجته ويبرز الشرخ العميق في علاقة رجل وامرأة جمعهما الزواج وفرّقهما اختلاف الطباع والأهواء والرغبات...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115