معرض الفنان ناجي الثابتي بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون: مجالات فكرية وجمالية تتزاوج وتتمازج داخل العمل الفني الواحد...

بقلم: شمس الدين العوني
أعمال فنية متنوعة يجمع بينها هاجس الفنان ناجي الثابتي الملون بالبحث و الابتكار..الأعمال انتظمها معرض شخصي بعنوان « تقنيات ممزوجة

« بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون ضمن أنشطتها الثقافية للموسم الثقافي الجديد .

الفنان التشكيلي ناجي الثابتي نفذ الى جوهر عمله الفني و صار يحاوره يسائل ممكناته الجمالية القصوى في ضروب من الانشغال المفعم بالتفكير قصد بناء حالة تشكيلية تستجيب لما يرنو اليه و هو الذي يرى «... ان العمل الفني الحقيقي لا يدعو الى مجرد التطلع اليه بل الى التجوال داخله , الى استنطاقه, الى التفكير فيه ,الى التفاعل معه ,الى … تلك هي شواغل فنون التشكيل المعاصر و مقاصده..على هذا الأساس لا يمكن للفعل الإبداعي ان يمارس بذهنية منتج الصور التزويقية او كذلك بذهنية الحرفي الناسخ الذي يعيد نفسه دوما . فما قيمة التجربة الفنية ان لم تساهم في بناء معجم تشكيلي جديد و التفكير في أدوات جديدة لتقديم مشاريع فنية او منجزات جمالية تواكب جميع التحولات و تستلهم منها, تتاثر بها وتؤثر فيها ..من هذا المنطلق كان لا بد من الانخراط في مسار التجريب و البحث المستمر عن صياغات جديدة ,عن أدوات لم نالفها عن خامات (matières) و مواد (matériaux) و محامل و تقنيات و… من خارج المرسم الكلاسيكي مستمدة من المحيط البيئي و الصناعي تعود أساسا الى سجل الفنون الوظيفية ( عجائن فضلات صناعية متنوعة : خشبية

مطاطية بلاستيكية (…يتم انتقاؤها وفقا لخصائصها البصرية و الملمسية و الجمالية مع استنطاق قدراتها التعبيرية و التقنية .. من جانب اخر و فيما كان كل مجال من هذه المجالات التعبيرية ( رسم وحفر و نحت وخزف …) متمسك باستقلاليته عن البقية  ,يُّبقي خصوصيته واضحة . يتجه المشروع الفني الإبداعي الذي انخرطت فيه الى كسر الحدود بين مختلف هذه التعبيرات الفنية و السماح لها بالتفاعل فيما بينها قصد تحرير الفعل الإبداعي من نواميس و قيود مكبلة و الارتقاء به الى أوسع مجالاته الفكرية و الجمالية و التقنية اذ يمكن لهذه الاجناس التعبيرية المذكورة ان تتزاوج و تتمازج داخل العمل الفني الواحد , يفضي الى توليفة جديدة تأخذ من الخصائص التشكيلية و الجمالية لكل واحد منها في تفاعل محمود يؤسس لخطاب تشكيلي متفرد  . وهي رؤية ما زلت ماضيا في تاكيدها ,حريصا على تعميقها اكثر فاكثر اذ بالإمكان بناء جسر بين الفن التشكيلي (بكل روافده) من جهة و التصميم (design) من جهة أخرى لما يتضمنه معجم التصميم من ثراء و تنوع في المواد و الخامات و الأدوات و التقنيات و كل ما تفرزه التكنولوجيا في هذا المجال , و هو ما يساعد على تطوير هذه التجربة الفنية و يعمل على تجددها...» .

نعم هي لعبة الفن الباذخة تقصدا لمساحة جمالية تمنح شيئا من التآلف بين الأنواع الفنية تلغي ما يفصل بينها نحو شكل متعدد الالأسلوب و التقنية ..هي رؤية الفنان المغامر بجدية و وعي بعد بحث و مراكمة ..الفن في ابداعيته التي تتخير المسالك الوعرة بعيدا عن النمطية في التعاطي و السهل العادي المألوف...الثابتي من معرض الى آخر يبرز هذا الجانب في البحث التقني ومنذ منتصف الثمانينات حيث انطلاقته الفنية .

بين الاشكال الهندسية و الاجساد و ما يحيل على الحالات المتعددة بين التراثي التفاصيل يكمن هذا الذهاب الجمالي للثابتي و هو يحاور الذاكرة والزمن .. تعج لوحته بالضجيج الذي هو منتوج جمع من الهيئات الجسمية فكأنه ينقل هذا القلق البشؤي الآن و الهنا ..زمن التعليب المعولم للمادة والحواس والعواطف .
محتشد من الحالات الدالة في مساحة اللوحة وبلا حدود فاصلة بين الرسم و الحفر في تلوين مخصوص يمنح العمل الفني شحنة رمزية وتاريخية في حيز بين من راهن الحال.
مساحة من الشغل الفني في دأب من البحث والتجاوز حيث الأثر الفني في صياغة جديدة من الحفر والتلوين في مشهدية جمالية تحويها لوحات كبيرة الأحجام..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115