في ظل ما يشهده من انقاسامات وصراعات مذهبية وعرقية وفي ظل انعدام المناعة الداخلية فقد تنامت هذه الأفكار والتكفيرية عند الكثير من المسلمين حيث وصل الأمر الى حد الظاهرة المخيفة لأن المسلم الذي يحمل الفكر التكفيري يتحول الى انسان صدامي وعدواني تجاه الآخر الذي لا يتفق معه في الراي او يختلف معه في المذهب أو في الدين صدام يصل حد الإرهاب وما حصل مؤخرا في مدينة نيس الفرنسية وما حصل في النمسا بعد ذلك يؤكد بلا مجال للشك ارتباط ظاهرة التكفير الفكري بالارهاب هذا الغول الذي أساء الى الإسلام والمسلمين وفي هذا الاطار يندرج كتاب الأستاذ عمر بن عافية والصادر مؤخرا عن دار ابن عربي للنشر بعنوان «ظاهرة تكفير الرأي في الفكر الاسلامي المعاصر : حالة نصر حامد أبو زيد أنموذجا «وينقسم هذا العمل وأطروحاته في مقاربة التراث الديني –(ثانيا) تكفير نصر حامد أبو زيد دوافعه وخلفياته .
وقد تضمن كل قسم مجموعة من الفصول على غرار : تأصيل مفهوم معاصر للنص – علاقة الوحي بالواقع – الناسخ والمنسوخ – اليات الخطاب الديني – تاريخية النص القرآني – دوافع التكفير المتعلقة بايمة المسلمين وغيرها من الفصول .
يقول الأستاذ عمر بن عافية ان ظاهرة التكفير لها جذور في الماضي زمن الأمويين والعباسيين حيث كان هناك من يكفر العلماء والمثقفين والمبدعين بسبب كتاب او رأي وقد تصاعدت وتيرة التكفير خاصة مع ظهور حركات الإسلام السياسي في البلدان العربية في النصف الأول من القرن العشرين مثل تكفير الطاهر حداد بسبب كتابه (امرأتنا في الشريعة والمجتمع) كما انه طرد من قاعة الامتحان وحرم من الحصول على شهادة الحقوق وشنت بعض الجرائد حملة شرسة على الكتاب وصاحبه وتمت مطالبة السلطة بسحب الكتاب وتعطيل ترويجه بل هناك من كتب في تكفير الحداد على غرار كتاب الشيخ محمد صالح بن مراد (الحداد على امرأة الحداد ) أو كتاب عمر المدني وعنوانه «سيف الحق على من لا يرى الحق».
وفي دراسة هذه الظاهرة (ظاهرة التكفير ) انطلاقا من حالة نصر حامد أبو زيد سعي «لمزيد فهمها نكشف دواعيها وأسبابها وقد اعتمد الأستاذ عمر بن عافية مؤلفات نصر حامد أبو زيد التالية : - مفهوم النص - نقد الخطاب الديني - الإمام الشافعي وتأسيس الإيديولوجية الوسطية - التفكير في زمن التكفير
وفي هذا الكتاب الاخير قام نصر حامد ابو زيد بالرد على من كفروه فالدكتور محمد عمارة في كتابه (التفسير الماركسي للإسلام وجه نقدا مباشرا لمنهج حامد ابو زيد في مقاربته للتراث الديني التي تضمنت معاني الإلحاد والعداء للدين .ومن بين من كفروا نصر حامد ابو زيد الدكتور كشكش في كتابه (قراءة في فكر التبعية ) والدكتور اسماعيل سالم في كتابه «نقض مطاعن ابو زيد في القران والسنة وأئمة المسلمين «وكتاب الدكتور رفعت فوزري «نقض كتاب نصر حامد ابو زيد ودحض شبهاته».
خلاصة القول أن المفكر المصري نصر حامد ابو زيد استطاع ان يطرح اسئلة جريئة نسبيا تماما كما فعل في بلادنا الدكتور محمد الطالبي – رحمه الله – هذه الاسئلة الجريئة لازال بعضها منخرطا في المسكوت عنه في عرف الفكر الإسلامي بشيوخه وفقهائه . لقد توخى نصر حامد ابو زيد في كتاباته المنهج التاريخي وخاصة في قراءة النص وفهم مقاصده وقد استغل مكفروه موقفه من القرآن فتحيلوا على العامة واظهروا الرجل في صورة الكافر مدعين انه يشكك في صحة النص القرآني وينكر نسبته الى الله سبحانه وتعالى وعلى العموم فان تكفيره ينخرط في الصراع الذي يعيشه العالم العربي بين الإسلاميين والعلمانيين ،صراع ازدادت حدته بعد الربيع العربي اي يتواصل معاناة الشعوب العربية بسببه إلى اليوم .