الفضاء الثقافي في صفاقس «Green théâtre» مهدد بالغلق: «نسمع جعجعة الوعود ... ولانرى طحينها»

فضاء ثقافي اخر مهدد بالغلق، حلم اخر مهدد بالموت بفعل تاثيرات ازمة الكورونا و عدم انتباه السلط المحلية والوطنية للفضاءات الثقافية

ولا للمثقفين الذين يقتاتون من الفن، فضاء اخر يكاد يوصد ابوابه امام احلام الاطفال وإبداعاتهم وهو فضاء «قرين تياتر» بحي البحري في صفاقس.
«green théâtre فضاء ثقافي خاص لصاحبه لخضر عبيد، فتح ابوابه لرواده منذ ثلاثة أعوام وتحديدا يوم 20 مارس 2017 فكان قبلة لأطفال ومتساكني الاحياء الشعبية ليعانقوا الحلم والابداع عبر مختلف الفنون والورشات والتظاهرات التي نظمها الفضاء منذ افتتاحه وظل وفيا لانحيازه لاطفال الاحياء الشعبية الى اليوم رغم الظروف الصعبة التي واجهها الفضاء والتي قد تجبره على الغلق.
ولد الحلم من رغبتنا
في نشر ثقافة القرب
«قرين تياتر» الفضاء الثقافي الموجه اساسا لأطفال الاحياء وهو قبلتهم ومتنفسهم، في حي شعبي في صفاقس يوجد الفضاء تحديد حي البحري2، قرب المدرسة انتصب شامخا موشى بأجمل الرسومات والإبداع ليرحب بالاطفال رواده الصغار الذي سيبدعون على الركح ويتنافسون لخلق مشهد ثقافي عنوانه قدرة الطفل على كتابة اجمل فصول التميز في كل التلوينات الفنية.
«قرين تياتر» ليس مجرد جدران، بل حلم «حلمتي هي بذرة امل غرستها ربما يحصد الاجيال القادمة ثمرتها، حلم سكنني وأصبح الفضاء ثقافيا في حي شعبي به كثافة سكانية عالية، الفضاء عنوان للأمل اردته ان يدافع عن ثقافة القرب» حسب تصريح صاحبه لخضر عبيد لـ«المغرب» ويضيف محدثنا ان الفضاء يوجد في حي البحري 2 وهو حي شعبي مصنف من اكثر الاحياء من حيث الكثافة السكانية في صفاقس وتتفرع عنه اربعة احياء هي حي البحري1و2 وحي الحبيب وحي النور والثاني في الجمهورية بعد حيّ التضامن، مشيرا ان اكثر من 120 الف نسمة في الاحياء الاربعة لا يوجد لها متنفس ثقافي عمومي «دار ثقافة» او ناد خاص باستثناء القرين تياتر الذي بات قبلة الاطفال المتشوقين للفنون منذ افتتاحه.
الفضاء ومنذ انطلاق انشطته قدم العديد من الفعاليات الموجهة للأطفال المتعطشين لكل الوان الابداع فقدم لهم نادي المسرح والموسيقى والرقص وحصل براعم نادي الرقص على المرتبة الثانية في الملتقى الوطني للرقص، وكذلك ورشات في صنع الكرتون و الكلوناسك والبانتوميم ولان الفضاء كما يقول صاحبه ولد من رحم الاحياء الشعبية وعطش سكانها الى الثقافة قدم لهم الفضاء الثقافي تظاهرة «الثقافة في الأحياء» فاكتسحت الالوان الشوارع في تظاهرة «قرين غرافيتي» اذ زينت الجدران والحيطان لتبدو اجمل بالإضافة الى حضور المسرح والموسيقى لبعث الحياة وحب الفنون في الاحياء الشعبية.
«قرين تياتر» الفضاء الذي انبعث عن شركة مسرحية تحمل نفس الاسم لم يكتف باحتضان العروض بل ساهم في الانتاج المسرحي للاطفال والكهول وكانت لانتاجاتهم جولة في ربوع الجمهورية مثل عرض «ضحكان وكسلان» للاطفال اخراج نزار خضرة ومسرحية «عرش النفايات» نص دنيا مناصرية واخراج عمر سلطانة، كل هذه الاحلام التي بدأت تتماسك تدريجيا اصبحت مهددة في ظلّ ازمة يعيشها الفضاء.
أينما وليت وجهك شاهدت الوعود فأين التنفيذ؟
ولد الفضاء من العدم هو مزيج من الوجع والحلم، الوجع لانعدام اي مشروع ثقافي في حي شعبي معروف بكثافته السكانية وحلم بانتشار الفنون في الحي لدورها في توعية الطفل وتعليمه منذ الطفولة قيم المواطنة والوطنية وإنقاذه من خطر الدمغجة الدينية وحمايته من افكار البطالة او الهجرة غير الشرعية، ولكن يبدوا انّ الاحلام اصبحت ثقيلة على اصحابها امام مشاكل الدعم وتملّص السلط الجهوية والوطنية من وعودها.
«نسمع الكثير من الوعود، يحدثوننا عن ثقافة القرب ولامركزية الثقافة لكننا لم نر تنفيذا لتلك الوعود وظلت اما كلمات وخطبا في المنابر التلفزية أو في الاجتماعات والتظاهرات» حسب تعبير لخضر عبيد الذي انهكه التفكير والخوف من مصير وليده «القرين الثقافي»، مضيفا «بات الخوف يلازمني، اصبحت اجلس احيانا لساعات امام مرآة نادي الرقص اتاملها واحدثها عن مخاوفي وأطرح السؤال ماذا لو اغلق الفضاء أبوابه؟ أين سنضع التجهيزات التي حرصنا على توفيرها لانجاح النوادي؟ أين سيتجه براعمنا ان اغلقت الابواب أمامهم؟ أيعقل ان يتلاشى حلمي وحلم الكثير من الاطفال؟، وأسئلة موهنة اخرى اطرحها وتلازمني منذ مدة» كما يقول عبيد.
«قرين تياتر» يواجه مشكلة الغلق بسبب تأخر صرف منحة دعم الفضاءات الثقافية المتضررة من جائحة الكورونا والمقدرة بـ 5الاف دينار وكذلك عدم خلاص اجور العروض المسرحية لانتاجات الفضاء كما ان 15الف دينار منحة سنوية لا تفي بحاجيات الفضاء امام وجود 4منشطين قارين والاداءات وخلاص «الكراء» وغيرها من المصاريف التي باتت تثقل كاهل الفضاء والمشرفين عليه.
وفي اطار الوعود التي لا زالت عالقة، منحة دعم من صندوق التشجيع على الابداع الادبي تحصل عليها الفضاء لانجاز مهرجان لفن العرائس في حي البحري والأحياء الشعبية ولكن المنحة لم تصرف الى اليوم والمهرجان سينجز في ديسمبر 2020، فهل ستفي الوزارة بوعودها وتصرف المنح التي تاخرت لاشهر؟ اما السلطة المحلية من بلدية وولاية في صفاقس فهي «غير موجودة اصلا» كما نوه لخضر عبيد بدعم المعتمد لتظاهرة «الغرافيتي» ودعم مركز الفنون الركحية بصفاقس للفضاء وتظاهراته التي ينجزها.
الفضاء يعاني ايضا من خوف الاولياء وعدم تشجيعهم لابنائهم لارتياد النوادي والورشات بسبب الكوفيد و»التباعد الاجتماعي» رغم ذهابهم اليومي الى المدرسة كما يقول لخضر عبيد.
«قرين تياتر» مشروع للدفاع عن ثقافة القرب وهو حلم تعجز النوائب عن طمسه او تلاشيه فلازال صاحبه يتمسك بالامل ودائم البحث عن حلول لتقذ الفضاء وتنقذ احلام الاطفال من التلاشي ولازال ينتظر السلطة المحليةوالوزارة علها تستجيب لنداءاتهم وتفي بوعودها ربما؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115