بخصوص الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية، الفن جمال، الفن مقاومة ومن خلال ممارسة الفن استطاع المرضى التجاوز؟
بين الشعر والموسيقى والحلم والامل كان اللقاء العلمي الفني الذي احتضنه فضاء كارمن وفي كلمتها اشارت كوثر الضاوي مديرة الفضاء «نبحث عن الجمال، نريد الحياة وحيث الجمال سيكون الفن والفضاء مفتوح لكل الحالمين» وفي اللقاء حضرت كل التلوينات الفنية لتؤكد نجاعتها في مقاومة المرض والالم
العلاج بالفن وسيلة ناجعة
الفن وسيلة للعلاج، بالفن يقاوم الوجع، بالفن يتعلم الانسان أنه المسؤول الاول عن قراراته الذاتية وهو القادر على شفاء ذاته من أدران الجسد، في فضاء كارمن قدم الدكتور عبد الباسط التواتي مداخلة عن اهمية الفن في علاج الادمان وقدم نسب تبدو للوهلة الاولى مفزعة جداّ فحسب احصائيات وزارة التربية هناك 195 الف تلميذ مدمن على المخدرات منهم 77 ٪ من متعاطي المخدرات لا يمارسون اي نشاط ثقافي أو رياضي، و90 ٪ من العائلات الميسورة والمتوسطة و 9 ٪ من متعاطي المخدرات سبق وان حاولوا الانتحار وبالنسبة للتلاميذ المنقطعين عن الدراسة هناك 1000 تلميذ ينقطع عن الدراسة شهريا، ويضيف الدكتور ان مركز السموميات وبعد 2011 اصبح ينجز 4000 تحليل منها 70 ٪ من التحاليل الايجابية في تعاطي المخدرات وفي الاحصائيات ايضا 66 ٪ من المنقطعين عن الدراسة يواجهون تهم العنف الاجرامي و التهديد بالقتل او القتل وحسب احصائيات ادارة السجون فالرقم الاول من المتهمين يكون سبب الجريمة المخدرات.
ومن المضحك والموجع وحسب الاحصائيات ان الدولة التونسية تصرف ما يعادل 36 دينار يوميا على السجين في المقابل تصرف فقط 6دينارات على التلميذ، بالاضافة الى العدد المرتفع للمدمنين اكد الدكتور التواتي أنه لا يوجد في كامل الجمهورية اي مركز لعلاج المدمنين (مركز يقيم فيه المريض) في المقابل مصر مثلا تضم ثمانية مراكز لاقامة وعلاج المدمنين ورغم النسب المفزعة هناك امل والامل هو العلاج بالفن وفي الندوة حضر ثلاثة ممن ادمنوا وعولجوا من خلال الفن وتحدثوا بكل تلقائية امام الجمهور.
«وداد» تحدثت عن تجربة مريرة مرت بها تجربة الإدمان القاسية التي عولجت منها مع الدكتور عبد الباسط التواتي بالفن وداد بعد الادمان والوجع انتصرت على الآفة استطاعت ان تنقذ نفسها وتعود الى الحياة من جديد من خلال الفن واكتشفت انها قادرة على صنع اشياء كثيرة انطلاقا من اللاشيء، وداد عالجت نفسها بالرسم و البريكولاج ولم تكتف بحصص المعالجة بل تعلمت وتحصلت على ثلاث شهائد في الصناعات التقليدية و صنع الحلويات التقليدية والعصرية وداد قاومت وانتصرت وفي شهادتها وجهت رسائل الى المدمنين ليقلعوا لان الإدمان موت بطيء وداد كانت شامخة وقوية تحدثت بجرأة عن تجربة مريرة وقاسية تحدثت بثقة ايضا بعد ان عولجت مشيرة ان الفن انقذها ولها الرغبة لتطور موهبتها وستحول سنين الوجع الى ابداع.
تجربة أخرى مختلفة لـ«انيس» الذي عولج بعد 18 عام من الادمان، انيس كان يستعمل أكثر انواع المخدرات خطرا وهي الحقن وتمكن من العلاج وتجاوز الوجع وفي شهادته أكد ان الارادة تصنع المعجزات في البداية تعب جسديا لكن مع تقدم العلاج استطاع ان يتجاوز التفكير في المخدرات الى ان شفي تماما وقد دعا، في شهادته الجميع لعدم الوقوع في هوة الادمان لانها مؤلمة وطريق خطرة ومخيفة واكد تجاوزها بفعل الارادة والقوة «فنحن من نصنع ذواتنا ونوجه سفننا حيث نريد» حسب تعبيره.
انيس ووداد ثنائي تجاوز خطر الادمان وشفيا تماما، الحالة الثالثة وجدت نفسها مدمنة من باب الصدفة تقول انها شعرت بالم في الضرس فاضطرت لتناول دواء قوي وكلما شعرت بالوجع زادت عدد الحبات إلى أن أصبحت مهوسة بها و من حبة لإسكات الم مرة إلى ثماني حبات صباحا ومثلها او ضعفها ليلا حتى وصلت إلى مرحلة خطرة من الإدمان.
نورهان قررت العلاج بعد محاولة انتحار وكان الفن وسيلتها واستطاعت أن تتجاوز أزمتها بعد تجربة موجعة وقالت انّ الالم كان قاتلا لكن الامل اشد قوة وبعد الظلام والخوف انتصرت واستطاعت الخروج الى النور بفعل الرسم الذي بات ملجأها وهاجسها أيضا وقد يكون لها معرضها الخاص في فضاء كارمن ايمانا ان الفن علاج وقد اصطحبت أعمالها لتقدمها الى الجمهور ليرى موهبتها وكيفية تجاوز فعل الادمان.
بالإضافة للتجارب الحاضرة والشهادات الموجودة قدم الدكتور عبد الباسط التواتي عينة من ابداعات مرضاه عرضها على الجمهور فكانت اعمال ناطقة بوجع اصحابها وكان الفن سبيلهم ليخرجوا من دائرة ظلام الادمان.
المسرح حياة ووسيلة للمقاومة
أبكاهم الوجع كثيرا، سكنتهم الحيرة أكثر، سألوا أكثر مرة «دكتور اش عندي» وبين الخوف والسؤال تزداد أوجاع الجسد، هم «الخارقون» لان مناعتهم قوية جدا اكثر من الناس غير المرضى، هم الذين تزورهم الاوجاع تسكن أجسادهم ولا يعرفون اسم المرض وعلى الركح شاركوا الجمهور حكايتهم وقدموا بطريقة ممسرحة أعراض المرض وما يعيشونه ويعانون اطّروه وقدموه في شكل عمل مسرحي تتظافر داخله الحركة وتوزيع الأداء والموسيقى فحضرت الفرجة والمتعة الجمالية والمعلومات الطبية في مسرحية عنونت بـ «وردة الرمال» من تاطير الدكتور رضا بوقديدة وتمثيل خمسة من الهواة جمعهم مرض « التصلب المتعدد».
زياد احد المرضى والممثلين الموجودين على الركح تحدث باطناب عن قدرة الفن ودوره في مساعدة المرضى ليتجاووا الخوف والحيرة، وكذلك بقية الممثلين كل حاول تجسيد الاعراض بطريقة مسرحية ليقدم تفسير بسيط لمرض لازال غير معروف كثيرا في تونس.
و التصلب اللويحي او التصلب المتعدد - MS - Multiple sclerosis) مرض يؤدي في كثير من الأحيان إلى الإنهاك، إذ يقوم جهاز المناعة في الجسم بإتلاف الغشاء المحيط بالأعصاب، ووظيفته حمايتها. هذا التلف أو التآكل للغشاء يؤثر سلبا على عملية الاتصال ما بين الدماغ وبقية أعضاء الجسم. وفي نهاية المطاف، قد تصاب الأعصاب نفسها بالضرر، وهو ضرر غير قابل للإصلاح.
ومن أعراضه الإحساس بالإرهاق والتعب والضبابية في الرؤية أحيانا وعدم القدرة على التحكم في الجسد وأوجاع في كامل الجسم كل هذه الاعراض تعرض المريض لرحلة شاقة من التحاليل والكشوفات إلى حين معرفة المرض.
الموسيقى تصاحبهم ومزج جميل بين القيتارة والغناء فالموسيقى تصبح مطية تعبر عن الوجع انين القيثارة يتماهى مع انين السؤال و ثقل المرض ومرات تصبح عنوانا للفرحة وللحياة فالمشهد الاخير من العمل كان بوابة للامل خمستهم وجهوا رسائل مباشرة للاصدقاء والعائلة وإلى من شجعهم على المقاومة خمستهم يؤمنون أن الامل قائم و الحياة تستحق ان تعاش بكل تفاصيلها و الفنّ يصنع المعجزات ويحول الظلمة الى نور «يلزمنا نعيشوا موش يقولو الحياة حلوة» و «نحن خارقون لذلك سنواصل» و «في امل» وهي اكثر الجمل تداولا بين المرضى الممثلين الذين سهلوا على المتفرج ساعات من البحث عن مرض التصلب متعدد واعراضه ونتائجه وكيفية التعايش معه ليكون الفن فعلا علاجا ونافذة على الحياة.
فضاء «كارمن» يحتفي باليوم العالمي للصحة النفسية: العلاج بالفن.. ضرورة والفن بلسم حقيقي
- بقلم مفيدة خليل
- 09:04 27/10/2020
- 815 عدد المشاهدات
الفن حياة، الفن وسيلة للتعبير عن الحلم وعن الجمال الفن مطية للنجاج هكذا كان اللقاء في فضاء كارمن بالعاصمة