وصرخوا مطالبين بحقوق الفنان وبإعادة الاعتبار إلى قيمة الفن. هي الوقفة الاحتجاجية الثانية للفنانين بعد وقفة أولى في مدينة الثقافة في بداية الأسبوع وقد التحق بها وزير الشؤون الثقافية المقال وليد الزيدي الذي أبدى تعاطفه مع المحتجين واعتراضه على منع التظاهرات الثقافية، فكان أن أعفاه رئيس الحكومة من منصبه.
لم يتعاف الفنانون من موجة الكورونا الأولى التي عرقلت نشاطهم وأغلقت موارد رزقهم... حتى وجدوا أنفسهم مرة أخرى أمام أزمة جديدة أجبروا فيها على دفع الثمن دون مراعاة خصوصية عملهم وحقهم كمواطنين في العيش الكريم.
ضرورة الترفيع في ميزانية الشؤون الثقافية
تجمّع العشرات من الفنانين أمام مقر رئاسة الحكومة بالقصبة للتنديد بـ«القرارات الارتجالية بإيقاف الأنشطة الفنية والثقافية دون مراعاة هشاشة الوضع الاجتماعي والمهني للمبدعين والفنانين والفاعلين في الميدان الثقافي مقابل استثناء غيرهم من القطاعات الإنتاجية والتجارية...».
كما عبّر الفنانون عن غضبهم بسبب «التشكيك المتكرر في دورهم المجتمعي الهام وعدم تقديم بدائل وحلول منطقية لحماية كرامتهم وإنسانيتهم باعتبارهم حاملين لمشروع وطني يقود مجتمعهم».
وقد رفض المحتجون مغادرة المكان دون لقاء رئيس الحكومة أو من يمثّله لتبليغ مطالبهم بصفة رسمية، فقد فاستقبل مستشار رئيس الحكومة سليم التيساوي ممثلين عن الفنانين المحتجين وعلى رأسهم الكاتب العام للنقابة الوطنية المستقلة لمحترفي مهن الفنون الدرامية جمال العروي.
وقد تم الاتفاق خلال هذه الجلسة على عدد من النقاط من أهمها : إعادة النظر في قرار إلغاء التظاهرات وغلق الفضاءات الثقافية وإعادة العروض المسرحية و الفنية مع الالتزام باحترام البروتوكول الصحي. وضرورة وضع إستراتيجية و حلول استباقية تضمن كرامة الفنان و تتجاوز هنّات صندوق دفع الحياة الثقافية في صورة تعكر الوضع الصحي بالبلاد جراء انتشار وباء الكورونا .
كما تمّ التطرق إلى وجوب الترفيع في ميزانية وزارة الشؤون الثقافية والتسريع في صرف المستحقات المتخلدة لفائدة فنانين .
مطالبة بقانون الفنان والمجلس الأعلى للثقافة
في بيان مشترك للنقابة الأساسية لمهن الفنون الدرامية ونقابة مهن الفنون التشكيلية والنقابة الأساسية للمهن الموسيقية المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، تم التنديد بـ«إقالة وزير الشؤون الثقافية وليد الزيدي والتي تأتي في إطار الصراع السياسي» في المقابل تمت المطالبة بالنأي بوزارة الشؤون الثقافية عن كل التجاذبات السياسية وعدم إدخالها في هذه الصراعات واعتبارها وزارة سيادة يجب احترامها».
ونظرا للتهميش المتواصل للقطاعات الثقافية والفنية من قبل الحكومات المتعاقبة وغياب مشروع ثقافي استراتيجي لهذه الحكومات المتعاقبة منذ الثورة، فقد دعت الهياكل النقابية كلا من رئاسة الحكومة ووزارة الشؤون الثقافية ومجلس نواب الشعب إلى « التفعيل الحازم والجدي لفصول الدستور التي تكفل رعاية الدولة التونسية للمبدعين والإبداع الفني والثقافي...» وأيضا « الإسراع في تمرير قانون الفنان والمهن الفنية إلى مجلس النواب والمصادقة عليه وتحميل الأطراف السياسية مسؤولياتهم اتجاه مبدعيهم والثقافة الوطنية».
ومن جملة عديد المطالب الكفيلة بتحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفنانين و توفير البنية التحتية واللوجستية الضرورية للنشاط الثقافي والفني، طالبت النقابات الأساسية الثلاث بـ«تفعيل المجلس الأعلى للثقافة كمطلب أساسي منذ الثورة لوضع الاستراتيجيات الثقافية طويلة المدى مع التأكيد على ضرورة أن يتشكّل هذا المجلس بطريقة ديمقراطية دورية وتشاركية بين المبدعين أنفسهم والفاعلين الثقافيين وهياكلهم من كل القطاعات الفنية وألا يحوّل إلى هيكل بيروقراطي معطل».