أو أدنى من فخ الإرهاب في «إرهابي غير ربع»... في هذه الثلاثية المسرحية، وقف الفنان الملتزم رؤوف بن يغلان على ركح الوعي بأمهات القضايا في تونس من فقر وبطالة وفساد... كما صدح فوق خشبة الفن الرابع بالأسباب و أصحاب المسؤولية واقترح بدائل وحلولا بمنتهى الجرأة.
مسرح رؤوف بن يغلان ليس مجرد عرض ونص وجمهور بل تبّن لقضايا المجموعة الوطنية والتزام بقضايا الناس والبسطاء ودفاع عن حق المواطن في حياة تليق بالإنسان.
الثقافة تقود ديناميكية الجهات والأحياء الشعبية:
عن شباب يجازف بحياته على قوارب الموت في عرض البحر من أجل أمل قد يتحقق وقد لا يتحقق، وعن جيل يتربص يه الإرهاب والانحراف والجريمة... طالما صرخ رؤوف بن يغلان في وجه الحكومات المتعاقية لتتحمل مسؤولياتها ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وكثيرا ما صفع وجوه السياسيين المتنكرين لوعودهم وفضح المسؤولين المقصرين في واجباتهم.... في آخر مسرحياته «إرهابي غير ربع» لم يستثن رؤوف بن يغلان أحدا ولم يعف أيّ كان، فالكلّ يتحمل مسؤولية ما في تحوّل الشخصية السويّة إلى إرهابي يسكن كالحيوان الجبل ويرفع السلاح في وجه الوطن. وفي قفص الاتهام ، تستوي الحكومة والأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني والفنانون والإعلام...في عجزهم عن إنقاذ الشباب الذي يتربّصه الإرهاب.
في حفاظ على التزامه وحمله لشواغل شعبه وهواجس بلده، لم تتغير مواقف رؤوف بن يغلان المتمردة والجريئة والصريحة، فإذا به يقترح على وزير الشؤون الثقافية وليد الزيدي مشروع «الانتفاضة الشعرية».
في تقديم ملامحها الكبرى ، قال الفنان رؤوف بن يغلان بأن «الانتفاضة الشعرية» هي ثقافي نوعي يلامس كلّ شرائح المجتمع ويقترب من سكان الأحياء الشعبية ويغوص في الجهات الداخلية للجمهورية التونسية. وتسعى «الانتفاضة الشعرية» إلى كسر النمطية الثقافية والقطع مع القوالب الجاهزة مقابل دعم الترابط العضوي بين الثقافة والجمهور سيما وقد أجبرت أزمة «الكورونا» الفاعلين الثقافيين على مراجعة تصوراتهم وأساليب النفاذ إلى الجماهير العريضة.
في كل مرة ينطلق المسرحي رؤوف بن يغلان من دراسات اجتماعية ونفسية وحوارات مباشرة مع المعنيين بالأمر لصياغة نص مسرحياته وطرح القضايا فوق ركح المسرح. وبعد العرض يخوض النقاش مع الجمهور والمجتمع المدني والسلطات والوزارات... ولن تكون «الانتفاضة الشعرية» بمعزل عن هذه الفلسفة المسرحية لرؤوف بن يغلان. إذ تقوم على برمجة مجموعة من العروض المسرحية المشفوعة بورشات تحسيسية حول الطرح المدني للقطاع المسرحي والفني مع الانفتاح على المؤسسات التربوية من مدارس ومعاهد وإقامة ندوات علمية ولقاءات حوارية بالتعاون مع المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية سعيا إلى الوصول إلى توصيات ناجعة تساهم في الارتقاء بالمشهد الإبداعي والثقافي التونسي.
في كل مناسبة يدعو رؤوف بن يغلان الفنان بأن يكون عضوا ديناميكيا في مجتمعه يقود إلى التغيير ، قائلا: « كفى النخب المتعلمة والمثقفة صمتا واستقالة مما سينجر عنه تبّعات خطيرة، إن المجتمعات المتطورة تحميها النخب ويدعمها الفنانون الذين يلعبون دور الوساطة بين الواقع والممكن بما يملكونه من قدرة على الفهم والاستفسار وإضاءة السبيل... إن تونس تحتاج اليوم إلى نخبتها وأبنائها وعلينا جميعا ألاّ نخذلها».