مركز الفنون الدرامية والركحية في الكاف يستعيد النشاط والحياة:3 إنتاجات مسرحية جديدة و المقر في حلّة جديدة

«لجنة معاينة البناءات المهددة بالانهيار» ببلدية الكاف حدا لمسلسل المماطلة بإصدار طلب إخلاء فوري للمركز في شهر فيفري 2019 تفاديا للخطر المتوقع بانهيار المبنى وتداعي أغلب أجزائه للسقوط في أي لحظة !
في الوقت الذي كان فيه مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف قاب قوسين أو أدنى من انطلاق المهرجان الشهير والعريق «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بمشاركة 15 دولة وبرمجة 45 عرضا، تسببت الكورونا في تعليق هذه التظاهرة وكل الأنشطة الثقافية في الكاف وكل الولايات والعالم بأسره!
إقامة فنية لأوّل مرة في مراكز الفنون الدرامية والركحية
لم تكتف إدارة مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف بالاقتصار على عملية الترميم لما تصدّع من مكوّنات المركز وما اهترأ من بنيانه، بل بادرت باقتراح بناء مركز إقامة فنية في سابقة من نوعها ليس في الكاف فقط بل في كل مراكز الفنون الدرامية والركحية في مختلف ولايات الجمهورية.
وعن مدى تقدم الأشغال بمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، أفاد المدير عماد المديوني في تصريح لـ«المغرب» بالقول: «بعد انتظار طال أكثر من اللزوم، انطلقت أخيرا أشغال إعادة تهيئة قاعتي العروض: نور الدين بن عزيزة وقاعة محمد بن عثمان وتشييد مقر جديد لإدارة المركز والمغازة والورشة والسور الخارجي... ومن المكاسب التي سيجنيها مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف هو بناء إقامة فنية تتسع لاستضافة 12 شخصا من الفنانين والأكاديميين والمبدعين من أجل خلق بيئة خلق وإبداع مبتكرة ومعاصرة.»
بميزانية تقدر بـ 1 مليون و700 ألف دينار، من المنتظر أن يصافح مركز الفنون الدرامية والركحية جمهوره ورواده وضيوفه في حلّة جديدة بعد عملية الترميم وأشغال التهيئة مع حلول السنة الجديدة 2021.
«إيكس» مسرحية للكهول تقترح جمالية «مسرح التشوه»
بعد جولة ناجحة ومتوّجة بالجوائز لجلّ إنتاجاته الأخيرة، يستعد مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف إلى إنتاج ثلاثة مشاريع مسرحية جديدة ومتنوعة الأصناف والجمهور . وقد تم تقديم ملفات هذه الأعمال للحصول على دعم وزارة الشؤون الثقافية.
في سياق جمالية مسرحية يراها صاحبها جديرة بالبحث والتعمق، يقترح المخرج محمد طاهر خيرات تصورا إخراجيا مختلفا أطلق عليه «مسرح التشوه». وفي مواصلة الاشتغال على هذه المقاربة الجمالية التي تجلت في مسرحية «قم»، من المنتظر أن يقدّم مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف إنتاجا جديدا بعنوان «إيكس» للمخرج محمد طاهر خيرات. وإن كان «إيكس» هو «حرف أجنبي يستعمل في علم الرياضيات للتعبير عن عدد غير صحيح أي عن عدد يمكن أن يكون كل شيء ولا شيء . هذا العدد ربما يكون جزءا من كل ،كما يمكن أن يكون أيضا كلا يحتوي أجزاء»، فإن «إيكس» على ركح المسرح هو أحد العامة ، النكرة و غير المعلومين أو هكذا أريد لهم أن يكونوا ، يكابد عسير العيش الذي لطالما ظل يرزح تحت وطأته ، علي يتحمل مسؤولية أبيه المقعد . وفي لحظة أراد فيها شراء دواء له كان الوضع تحت حالة حظر التجوال ولكن علي لم يمنعه ذلك من كسر هذا الحظر والخروج لاقتناء الدواء دافعا أمامه كرسيا متحركا يكاد يكون جزءا منه لالتزامه به، على كل هو ليس لديه الكثير ليخسره . تحصل المفاجأة عندما يكتشف داخل علبة الدواء في نشرة الاستعمال عن الفوز في مسابقة وأنه مع أبيه سيصبحان من الاثرياء . يأخذ علي الورقة ويذهب الى العنوان المقصود ... فتتالى المفاجآت غير السارة والأحداث غير المتوقعة !
«دنوس سيسي» عرض للأطفال في استلهام من الحكايات الشعبية
بعد «كن ربيعا» و»سيدة القلوب» وبذرة القلوب»... يواصل المخرج المسرحي محمد صالح عروس في مسرحية «دنوس سيسي» الاشتغال على مسرح الأطفال الذي يوليه مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف اهتماما كبيرا كأحد ركائز إنتاجاته السنوية. وفي استلهام من الحكايات الشعبية وإعادة توظيفها في التنشئة الاجتماعية والنفسية للطفل تستحضر «دنوس سيسي» شخصيات مستقاة من الموروث الشفوي الشعبي بالرجوع إلى قصة «أمي سيسي» وقصة «الفأر بوتميرة» وإعادة طرحها ضمن مواضيع وأفكار مستوحاة من الواقع اليومي وذلك لما تتسم به مثل هذه الحكايات «من خلق عالم سحري خيالي مثير يساعد على إثارة خيال الطفل وإعادة استحضار الموروث الحكائي الشعبي ضمنالفرجة المسرحية كأحد أهم التعبيرات الثقافية والاجتماعية باعتبار أن المسرح هو ظاهرة اجتماعية يتأثر بكل ما يطرأ على المجتمع من تغيرات اجتماعية أو ثقافية أو فكرية أو اقتصادية ...»:
«ملحمة يوغرطة» عرض فرجوي يحيي الموروث الموسيقي والأثري
احتفاء بالمعلم التاريخي مائدة يوغرطة بقلعة سنان خاصة بعد إدراجه رسميا على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي لليونسكو، تروي الملحمة الموسيقية الفرجوية «ملحمة يوغرطة» بطولات القائد الأمازيغي يوغرطة في تثمين للتراث والتاريخ و إبراز للثراء الأركيولوجي وتعزيز مشاعر الانتماء إلى الوطن والذود عن الأرض.
وبعد تجربة ثرية ومميزة في إخراج الملامح الفرجوية والعروض المشهدية الكبرى، ستكون «ملحمة يوغرطة» بتوقيع المخرج حافظ خليفة في إنتاج لمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف.
في هذه الملحمة الموسيقية المشهدية، لن يقتصر المسرح على تثمين التراث المادي واللامادي والبحث في الجذور الموسيقية التراثية بالشمال الغربي بل سيكون أيضا بمثابة التكريم لقامات مسرحية وهبت بسخاء للمسرح التونسي وفرقة الكاف قديما ومركز الفنون الدرامية و الركحية بالكاف على غرار كمال العلاوي و دليلة المفتاحي ومحمد توفيق الخلفاوي...
استعدادا للموسم الثقافي الجديد، من المنتظر أن يواصل مركز الفنون الدرامية والركحية مختبراته التكوينية وتربصاته الفنية مع تدعيم الشبكة باختصاصات جديدة على غرار الكوريغرافيا... كما سيأنف المركز جولته المسرحية بعرض «الأخطبوط» للأطفال ومسرحية «ذئاب منفردة» لوليد الدغسني التي لم تجد حظها وما يليق بها من انتشار وعروض بسبب شلل «الكورونا» . وقد وقع ترشيح هذين العملين إلى الدورة القادمة من أيام قرطاج المسرحية.