الثقة بمعنى إعادة بناء الثقة بين الوزارة ومختلف الأطراف المتعاملة معها، والنفاذ بمعنى الحق في الثقافة فعلا وتلقيّا، واللامركزية انطلاقا من التشاركية المحلية إلى الإشعاع الدولي، والتنوع أي الثقافة في تعددها وتجددها، والاقتصاد بمعنى أن تخلق الثقافة الثورة الاقتصادية المنشودة.
للإعلان عن الملامح العامة لبرنامج عملها وعن حصيلة الأشهر الثلاثة الفارطة التي تسلمت فيها مقاليد الوزارة وعن مشاريعها القادمة... عقدت أمس وزيرة الشؤون الثقافية شيراز العتيري ندوة صحفية بمدينة الثقافة تم الإعلان في ختامها عن تفاصيل خطة الإنقاذ وإعادة بناء الثقة.
15 مليون دينار خسائر بسبب كورونا
شاءت الأقدار أن تكون الوزيرة الجديدة للشؤون الثقافية شيراز العتيري وحكومة إلياس الفخفاخ عموما وجها لوجه مع جائحة كورونا وما فرضته من تداعيات وما تسببت فيه من خسائر . وقد كشفت الوزيرة أن غلق المؤسسات الثقافية و تأجيل أو إلغاء أكثر من 700 نشاط انجر عنه خسائر مالية تقدر بـ 15 مليون دينار جراء جائحة كورونا.
ولئن أكدت الوزيرة أن مطالب الفنانين والمبدعين مشروعة في المطالبة بمستحقاتهم لدى الوزارة وبضمانة اقتصادية وقانونية تضمن كرامتهم ، فقد أشارت إلى «حساب دفع الحياة الثقافية» حيث قدّمت في قسط أول منحا إلى 131 منتفعا في قطاع الفنون التشكيلية و228 منتفعا في السينما والسمعي البصري و223 منتفعا في الفنون الدرامية و 958 منتفعا في قطاع الموسيقى و33 منتفعا في الرقص و12 منتفعا في الكتاب و النشر.
ولجبر هشاشة وضع الفنان التونسي، ساهمت مؤسسة المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة في إسناد منح ظرفية لحوالي 1500 منتفعا.
ومن أولويات وزارة الشؤون الثقافية في برنامج عملها المعلن عنه تحت عنوان «خطة الإنقاذ وإعادة بناء الثقة» هو المصادقة على مشروع قانون الفنان والمهن الفنية في صيغة تحظى بالرضاء والإجماع . وكذلك مراجعة نظام التغطية الاجتماعية للفنانين والمبدعين والمثقفين.
تعهدات فاقت الميزانية وعجز بنسبة 200 %
كثيرا ما كانت وزارة الشؤون الثقافية تشكو من شح الموارد وقلة الحيلة ولا تتجلوز ميزانيتها الصفر فاصل ، ولكن يبدو أن الأمور ازدادت سوءا بسبب عبء الديون الثقيلة ونسبة العجز الكبيرة. في هذا السياق، لم تخف الوزيرة شيراز العتيري وطأة الصدمة التي تلقتها بمجرد الجلوس على كرسي الوزارة بسبب ما تخلد في ذمة الوزارة من اعتمادات غير مسددة لسنة 2019. كما كشفت عن أن المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية تتخبّط في نسبة مديونية تبلغ 200 %. كما يشكو مشروع المدن والحضارات من نسبة عجز تبلغ 4900 ألف دينار، في حين يعاني صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني من عجز يقدر بـ 4800 ألف دينار . أما ميزانية التدخل للوزارة ومؤسساتها الثقافية غير الإدارية فتبلغ 30000 ألف دينار.
ولئن أكدت الوزيرة شيراز العتيري بالأدلة والأرقام أن تعهدات الوزارة قد فاقت حجم الاعتمادات المخصصة لها سنة 2019، فقد أبدت انزعاجها من استئثار المهرجانات في السنوات الأخيرة سيما سنة 2019 بنصيب الأسد من الميزانية ومن الاعتمادات على حساب المراكز والمؤسسات الثقافية. ولم تنفي الوزيرة الحاجة إلى المهرجانات كركح للفنون وموطن للتشغيل سيما بعد مراجعة سياستها ووظيفتها لكنها شددت على ضرورة اعتماد مقاربة تحقق التوازن بين دعم المهرجانات والتظاهرات والنهوض بدور المؤسسات الثقافية وأدائها على كافة الأصعدة.
«بصمات إبداعية» برنامج لدعم التنوع الثقافي والفني
وقد تحدثت وزيرة الشؤون الثقافية طويلا عن برنامج عملها وفلسفتها في تسيير الوزارة على غرار إطلاق قناة ثقافية تلفزية وبعث صندوق الاستثمار الثقافي وتحيين القوانين وكراسات الشروط والنهوض بقطاع التراث... كما أماطت اللثام عن أول مشاريعها الكبرى وكشفت أهدافه وشرحت تفاصيله. ويحمل هذا المشروع الذي أطلقته وزارة الشؤون الثقافية عنوان «بصمات» وهو برنامج لدعم التنوع الثقافي والفني. وتعرّف الوزارة «بصمات» بأنه «مختبر دامج تشاركي وقابل للتطوير، الهدف منه تلبية احتياجات القطاع الثقافي والتكيّف مع التغيرات التي يشهدها، علاوة على إعادة التفكير في طرق تدخل السلطات العمومية لصالح القطاع الثقافي والفاعلين فيه. وسيتفرع برنامج «بصمات» إلى عدد من المشاريع
النموذجية، التي تسير في اتجاه الاعتماد التدريجي لسياسات ثقافية جديدة، سياسات تعتمد مقاربات مبتكرة ومستدامة، وتستجيب لمتطلبات الحوكمة الرشيدة والشفافية واللامركزية».
ويرمي مشروع «بصمات» إلى تحقيق هدفين متكاملين، وذلك بالربط بين المنظومات الثقافية الثلاث (العمومية والجمعياتية والخاصة) وتشجيع كافة أشكال التعبير والإبداع مع إيلاء اهتمام خاص للفنانين والفاعلين الناشئين تكريسا لحق الجميع في الثقافة ومبدأ الثقافة للجميع.
وسينطلق برنامج «بصمات» عن مرحلة نموذجية/تجريبية تمتد من شهر جويلية إلى شهرديسمبر2020، وتليها مرحلة تقييم لمواصلة العمل به سنة 2021.
ولم تفوّت الدكتورة ذكر الذكاء الاصطناعي والنظم المعلوماتية شيراز العتيري فرصة الحديث عن ضرورة تنمية الإدارة الكترونية كوسيلة للتخفيف من البيروقراطية الإدارية ووجوب اعتماد الرقمنة باعتبارها ضمانة للشفافية والنفاذ إلى المعلومة.
إطلاق إسم الشاذلي القليبي على مدينة الثقافة
انطلاقا من يوم 9 جويلية 2020 ستحمل مدينة الثقافة اسم أول وزير للثقافة في تونس ، المؤسس الراحل الشاذلي القليبي، وذلك بمناسبة إحياء أربعينية الفقيد الذي فقدته الساحة الثقافية يوم 13 ماي 2020 عن سن ناهزت 95 عاما.
وصرّحت شيراز العتيري بأن إحياء أربعينية رجل الفكر والثقافة اللامع الشاذلي القليبي بمدينة الثقافة سيكون بحضور رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ. وأضافت أن البرنامج سيحتوي على عديد المفاجآت والفقرات في محاولة لتكريم ذكرى الراحل بما يليق بمسيرته الثرية والمشرفة من إجلال وعرفان.