يعود للفترة مابين 1922 و1929 ومصحف قدّرته فرنسا بـ 3000 و3500 أورو... هي صور تم تداولها في الساعات الأخيرة مرفوقة بصيحة فزع لإنقاذ هذه الثروة الثمينة والنادرة قبل التفريط فيها بالبيع يوم 11 جوان الجاري بباريس في المزاد العلني !
لأن الآثار مرآة التاريخ وثروة الحضارات وفخر الشعوب فإنها كثيرا ما تكون عرضة للسرقة والسطو والاختلاس... ففي مجال تجارة الآثار تنشط العصابات وتتفرّع الشبكات لتتحوّل إلى «مافيا عالمية» تبيع التاريخ وتكتنز الأموال على حساب الذاكرة وتراث الأمم.
المعهد الوطني للتراث: كل القطع ملك خاص
منذ القدم، كانت سرقة الآثار والاتّجار فيها مرتع لصوص التاريخ و في القرن التاسع عشر ازدهرت هذه التجارة الممنوعة وتنامت شبكاتها عبر عواصم العالم متربصة بكنوز وميراث الحضارات الخصبة والثرية التي تسيل لعاب البلدان الفاقدة لهذا المورث التاريخي والأثري . ولأن تونس كانت مهد الحضارات وأرض التقاء الأعراق والأديان فقد امتلكت ثروة ثمينة كانت ولا تزال عرضة للنهب والسرقات ... وبعد أن تعرّض التراث الأثري التونسي في عديد المرات إلى السطو سواء عبر عمليات التنقيب غير القانوني أو عن طريق سرقة المواقع والمتاحف، جاء الإعلان عن بيع بالمزاد العلني لـــ 114 قطعة تراثية تونسية بمحلات «دروو بباريس» Hôtel Drouot ليعيد من جديد التذكير بخطورة جريمة التجارة بالآثار وبخطر استنزاف ذاكرتنا المنهوبة !
وفي هذا الإطار، أصدر المعهد الوطني للتراث بلاغا أكد فيه «أن القطع المعروضة لا تنتمي لأي متحف أو مخزن وطني، وأن كل القطع ملك خاص وجلها من مجموعة المرحوم أحمد الجلولي المتوفى منذ سنة 2011».
وأضاف البلاغ أن «تاريخ مغادرة هذه القطع للتراب الوطني غير معلوم ولم يصدر عن وزارة الشؤون الثقافية ترخيص بذلك، وأن إدارة المعهد الوطني للتراث بصدد التنسيق مع السفير المندوب الدائم للجمهورية التونسية لدى اليونسكو للحيلولة دون وقوع المزاد وإن تعذّر النظر في أن تتولى الدولة التونسية عبر القنوات الدبلوماسية شراء القطع المذكورة».
وشدّد المعهد الوطني للتراث على أنه «يحتفظ لنفسه بالقيام بالإجراءات القانونية».
مديرة المكتبة الوطنية: سنقاضي المهرّبين والمتورطين
تبذل دار الكتب الوطنية جهدا كبيرا في جمع المخطوطات النادرة والعمل على رقمنتها حفاظا على هذه الثروة الثمينة للأجيال القادمة. كما نجحت في حث أصحاب المراجع والوثائق والمؤلفات القيّمة على التبرع بمكتباتهم الخاصة وتوسيع نطاق المعرفة ليستفيد من بحر العلوم كل من يركب قارب العلم والبحث.
ولا ريب أن خبر عرض مخطوطات تونسية مهمة للبيع في المزاد العلني بباريس يثير السخط والحنق، إذ أن شعبنا هو الأحق بممتلكاته والمكتبة الوطنية هي الأولى بحفظ هذه الوثائق التاريخية وصيانتها ... وفي هذا السياق أكدت المديرة العامة لدار الكتب الوطنية رجاء بن سلامة اعتزامها مقاضاة من قام بتهريب الوثائق والممتلكات الأثريّة إلى الخارج. وأضافت: «سيقاضي المعهد الوطنيّ للآثار من هرّب الممتلكات التي تعود إلى الفترة الحسينيّة والتي ستباع بالمزاد العلنيّ بباريس، وستقاضي المكتبة الوطنيّة من هرّب المخطوطات». وأشارت الدكتورة رجاء بن سلامة إلى أنه «قد سبق للمكتبة الوطنية أن دخلت في تفاوض مع ورثة السيّد أحمد الجلّولي لاقتناء مجموعة من المخطوطات النّادرة، لكنّها فوجئت بالرّفض، نظرا إلى أنّ السّعر الذي اقترحناه - وهو سعر معقول- لم يحظ بالقبول.وأودّ أن أشير إلى أنّ مخطوط «زهر الربيع» لإبراهيم بن أحمد الخراط الصفاقسي، وهو مخطوط فريد من نوعه، قد اختفى من مجموعة المرحوم أحمد الجلولي. وهذه خسارة كبرى.كما أنّ المخطوطات المخزونة في المكتبة الوطنيّة محفوظة في أحسن الظّروف ولم يختف منها أيّ مخطوط منذ أكثر من عشرين عاما».
وفي ظل الدعوة الملحة إلى اتخاذ اجراءات وعقوبات أكثر نجاعة وصرامة لحماية التراث الأثري والتاريخي والحد من جريمة سرقة الآثار، فقد شددت المديرة العامة لدار الكتب الوطنية رجاء بن سلامة الحاجة إلى الماسة إلى وضع سياسة تراثيّة ناجعة وتطبيق القانون ومحاسبة كلّ من يعبث بتراث البلاد.
عرض آثار تونس للبيع في المزاد العلني في باريس: نهب الذاكرة الوطنية يتواصل... ودعوة إلي تشديد الزجر والعقاب
- بقلم ليلى بورقعة
- 11:29 03/06/2020
- 1134 عدد المشاهدات
مخطوطات تاريخية ومصاحف قديمة و نياشين تعود ملكيتها للمنصف باي من بينها نيشان عهد الأمان يعود لعام 1860 ونيشان افتخار