وعرض على أنظار لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي بمجلس نواب الشعب. ولكنه جوبه بالرفض وكان محلّ انتقاد واعتراض ومطالبة بالتعديل... فاستجابت وزارة الشؤون الثقافية وأعدّت نسخة ثانية معدلة من هذا المشروع. لكن ومرة أخرى لم تحظ هذه النسخة الجديدة بالإجماع . فإلى متى سيتواصل هذا المسار المتعثر لمشروع قانون الفنان والمهن الفنية؟
قد يكون مشروع قانون الفنان والمهن الفنية من أهم ّ الملفات وأكثرها أولوية وأشدها تعقيدا على طاولة وزارة الشؤون الثقافية شيراز العتيري. إذ تطفو هشاشة الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للفنان التونسي إلى السطح عند كل اختبار أو أزمة. وقد زاد وباء «الكورونا» الوضع المادي لأغلب الفنانين تأزما واختناقا سواء أكانوا من المحترفين أو من الهواة.
مسار متعثر للمشروع داخل مجلس النواب
استئناسا بالتجارب المقارنة واستنادا إلى دراسات علمية واعتمادا على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، توّصل فريق عمل متكوّن من حقوقيين ومن فنانين ومن خبراء إلى ضبط مشروع قانون جديد يتعلق بالفنان والمهن الفنية بقي مفتوحا على المشاورات والاستشارات إلى اليوم !
ويهدف مشروع قانون الفنان والمهن الفنية حسب ما ورد في فصل الأوّل إلى «وضع إطار قانوني يضبط حقوق الفنان وواجباته وكيفية ممارسة المهن الفنية ويحدّد آليات النهوض بالأنشطة الثقافية ودعم منتسبيها.
وبعد أن تعثرت النسخة الأولى من مشروع قانون الفنان والمهن الفنية في نيل رضا الفنانين والمبدعين في مختلف المجالات والميادين، لم تكن أيضا النسخة المعدّلة من مشروع هذا القانون محل إجماع وقبول حيث اعترضت عليها خمسة هياكل نقابية وهي: النقابة التونسية لقطاع الموسيقى واتحاد الممثلين المحترفين والنقابة الوطنية المستقلة لمحترفي الفنون الدرامية والغرفة النقابية للمنتجين المسرحيين والنقابة الأساسية للفنون الدرامية.
وكانت هذه النقابات قد اعتبرت «أن النسخة الثانية من مشروع قانون الفنان والمهن الفنية لا تمثلها ولا تمثل عموم محترفي المهن الفنية، وأن ما أدخل على النسخة الأولى من تعديلات قد أفرغ مشروع القانون من محتواه بما جعله يشكل خطرا على مختلف المهن الفنية وبدل أن يمثل خطوة إلى الأمام إذا به يؤسس لخطوات إلى الوراء ويشرّع إلى مزيد الفوضى».
كما شدّدت على أن «البطاقة المهنية كشرط لممارسة المهن الفنية بصفة محترفة هي خط أحمر لا تراجع عنه مطلقا».
نقابة مهن الفنون الدرامية ترفض سحب مشروع القانون
منذ سنة 2018، ظلّ هذا الملف يراوح مكانه وسط نداء متجدد بالتعجيل في المصادقة على مشروع قانون الفنان والمهن الفنية. وبعد انتشار خبر اعتزام وزارة الشؤون الثقافية استئناف المشاورات بشأن هذا المشروع المودع لدى مجلس النواب، أصدرت النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي مهن الفنون الدرامية، أمس، بيانا أكدت فيه على «تنديدها بكل المحاولات الرامية لحذف بطاقة الاحتراف المنظمة للمهن الفنية باعتبار أن هذه البطاقة خط أحمر لا مجال للمساس به».
كما أكدت النقابة على «تمسكها بالنسخة الأولى من مشروع قانون الفنان والمهن الفنية والموجودة حاليا بمجلس النواب ودعوتها إلى الإسراع بالمصادقة عليها بعد استيفاء بقية المشاورات وإضافة التعديلات الضرورية عند الاقتضاء وذلك بالتنسيق مع وزارة الشؤون الثقافية ومختلف الهياكل المهنية للمهن الفنية».
وشددت النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي مهن الفنون الدرامية على «رفضها لأي دعوة مشبوهة لسحب مشروع القانون والعودة إلى النقطة الصفر تحت أي ذريعة كانت».
وفي المقابل دعت كل المسرحيين «للاستعداد لجولة نضالية جديدة والوقوف صفا واحدا وقطع الطريق أمام كل المحاولات المشبوهة الرامية إلى منع صدور قانون الفنان والمهن الفنية».