على خطى الرّاحل شوقي الماجري: المخرج التونسي مجدي السميري يجلب الانتباه في «النّحات»

في وضع استثنائي وغير مسبوق، حاول الموسم الدرامي لسنة 2020 إنقاذ نفسه من لعنة الكورونا والانقاذ من مأزق الوباء...

فنجحت بعض الانتاجات في الوصول إلى شاشة العرض، واضطرت أخرى إلى تأجيل موعدها مع الجمهور، وجاء البعض الآخر مختزلا في مشاهده ومقتضبا في مدّته بسبب عدم إنهاء عملية التصوير وإقفال عدسة الكاميرا.
من الأعمال الرمضانية التي خضعت قسرا إلى «مقص» الكورونا المسلسل العربي «النّحات» بتوقيع المخرج التونسي مجدي السميري والذي اكتفى بـ 15 حلقة فقط. لكنها كانت كفيلة بلفت النظر إلى اجتهاد المخرج الشاب وتميّز رؤاه وكاميراه...

«النّحات» مسلسل حافل بالغموض والإثارة
الاستثناء في دراما رمضان هذا العام ليس تقييد «فيروس كورونا» لحرية الممثلين وحركة الكاميرا وبل ومنعها في بلدان كثيرة، فقط ويفتقد المشهد الدرامي العربي إلى بصمة ومسلسلات المخرج التونسي شوقي الماجري الذي رحل فجأة في شهر أكتوبر على إثر إصابته بجلطة قلبية.
ولئن حرمنا الموت من إبداعات شوقي الماجري ونجاحاته في الدراما والسينما، فإنّ المخرج الشاب مجدي السميري يواصل الطريق بثبات على خطى الماجري. وفي دراما 2020 ، حاز المخرج التونسي مجدي السميري على الاهتمام والإعجاب بفضل حسن وقوفه وراء كاميرا إخراج مسلسل»النّحات». وهذا العمل السوري – اللبناني هو التجربة الثانية لمجدي السميري على المستوى العربي بعد إخراجه للمسلسل المصري «إختيار إجباري ».
ولم يطرق مجدي السميري باب الدراما العربية خالي الوفاض بل كان زاده وسلاحه إخراج مسلسلات ناجحة في تونس على غرار «القضية 460» و«بوليس حالة عادية» و«ليلة الشك»...
ورغم قصته الغامضة وأحداثه الملتبسة، حظي مسلسل «النّحات» -للمخرج مجدي السميري وتأليف بثينة عوض وبطولة النجم السوري «باسل خياط» وأمل بوشوشة وندى أبو فرحات... -برجع صدى مشرّف بالرغم من كثرة المسلسلات وزحمة الانتاجات.

باسل خيّاط بطل في ثلاثة ووجوه
في إطار من التشويق، يروي مسلسل «النّحات» قصة الفنان «يمن» الذي يُقرّر السفر للإشراف على دورة تدريبيّة في النحت في إحدى الجامعات، فتبقى والدته وحيدة في المنزل وينتقل للعيش في بيت العائلة المغلق منذ رحيل والده. ومن هنا سيكون الانقلاب الجذري في حياة البطل والتحوّل في سلوكه وعلاقاته... وستكون إعادة البحث عن ظروف موت والده بين استدعاء الذاكرة البعيدة واستنطاق الحاضر المعيش.
ومن أجل عيون «النّحات» تخلى الممثل السوري باسل الخيّاط عن بطولة مسلسلين آخرين هما «لعبة النسيان» إلى جانب دينا الشربيني الذي يعرض حاليا ، ومسلسل «أسود فاتح» إلى جانب هيفاء وهبي. وعلّل هذا الخيار بافتتانه بحبكة سيناريو «النّحات» الذي يؤدي فيه ثلاث شخصيات مختلفة في ثوب النحات والملاكم و المغنّي .
ولئن تحتاج الفرجة في حلقات «النّحات» إلى هدوء وصبر في محاولة اقتفاء أثر أبطاله وهم يتحرّكون في حقل شاسع من الغموض والإبهام، فإن المخرج السميري لا يحتاج إلى مجاملة في إثبات قدرة تحكمه في الكاميرا واختيار زوايا التصوير وانتقاء الإضاءة والموسيقى... وقد تكون هذه الميزات والمواهب أكثر وضوحا ونضجا وعطاء في الجزء الثاني من مسلسل «النّحات» مع إكمال حلقاته الخمس عشرة المتبقيّة والتي تمّ تأجيلها بسبب الكورونا.

مخرجون تونسيون يصيبون ويخطئون !
كما أصبح لتونس ممثلات وممثلون يسجلون حضورهم سنويا على شاشة التلفزات العربية في أضخم أعمالها الرمضانية، فإن جيلا جديدا من المخرجين التونسيين نجحوا في إرساء الدراما العربية على برّ الإبداع والاختلاف...
ففي سنة 2017 ،أطلّت 5 أعمال درامية وكوميدية بإمضاء مخرجين تونسيين على شاشات القنوات الجزائرية لتكسب الرهان بين السلسلات الهزلية والدراما الضخمة في مسلسل «الخاوة» للمخرج مديح بلعيد، و «تحت المراقبة» لأنور الفقيه، و»القصبة سيتي» لعصام بوقرة، و»ماشي ساهل» لأسعد الوسلاتي، «بيبيش وبيبيشة» للمخرج سامي فاعور .
كما سبق وأن حصد المخرج نصر الدين السهيلي بفضل مسلسله «أولاد الحلال» ترتيبا مشرفا كواحد من أفضل الأعمال الجزائرية في السنوات الأخيرة.
ولئن تعددت الأعمال الناجحة التي تحمل توقيعا تونسيا في الإخراج والتصوّر على المستوى العربي، فإن مخرجي الدراما التونسية داخل وطنها قد يصيبون وقد يخطئون، فإمّا الذمّ والاستهجان على غرار ما لحق بسام الحمراوي في مسلسل «قلب الذيب» وإمّا المدح والشكر على غرار ما ناله المخرج عبد الحميد بوشناق في مسلسل «نوبة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115