وفي الدراما التونسية لعبت الممثلات بمنتهى الحذق والإتقان أدوار البطولة وبكثير من الإقناع والمهارة. ولئن احتلت الفنانات التونسيات الشاشة الصغيرة ظهورا وحضورا وبطولة، فإن بروزهن الطاغي أمام الكاميرا يقابله وقوف خجول ومحتشم وراء الكاميرا !
في ظهور شبه منعدم، تغيب المخرجات التونسيات عن شاشة الإخراج الدرامي حيث تأتي عملية إخراج مسلسلاتنا بتوقيع رجالي مهيمن يحتكر المشهد.
سوسن الجمني المخرجة الوحيدة في دراما 2020
لا أحد -اليوم- يمكنه التشكيك في براعة النساء وراء كاميرا الإخراج السينمائي منذ جيل كلثوم برناز ومفيدة التلاتلي وسلمى بكار وكاهنة عطية... وصولا إلى اليوم، حيث تلاقي أفلام المخرجات التونسيات على غرار رجاء العمايري وهند بوجمعة وكوثر بن هنية نجاحا عالميا وتتويجا مشرفا في أكبر مهرجانات العالم.
في المقابل، تشتاق الكاميرا إلى عين امرأة تتطلّع من وراء عدستها وتحرك لعبتها ومشهدها في الدراما التلفزية. في تعداد قائمة المسلسلات التونسية التي ينتظرها المشاهد في كل موسم درامي بمنتهى الشوق والشغف ينعدم وجود المخرجات وذكر أسمائهن كقائدات في حقل الإخراج.
ومن حسن الحظ أن الصدفة لعبت دورها في رمضان 2020، فوجدت سوسن الجمني نفسها أمام مسؤولية إخراج مسلسل «أولاد مفيدة 5» بعد أن استحال على سامي الفهري استكمال تصوير الجزء الخامس بعد اعتقاله وإيداعه السجن.
وبغض النظر عن التقييم السلبي لقيمة المسلسل الفنية والجمالية ومستوى خطابه وأحداثه... فقد نجحت سوسن الجمني في إدارة الكاميرا وكانت بصمتها المختلفة واضحة وجليّة في العمل.
وبعد أن اشتغلت لسنوات كمساعدة إخراج في عديد الأعمال على غرار «نجوم الليل» و»دنيا أخرى» و»أولاد مفيدة» في أجزائه السابقة... فقد جاء أخراج «أولاد مفيدة 5» بإمضاء نسائي بحت وتوقيع سوسن الجمني لوحدها.
وأمام زحمة إخراج رجالي لجلّ الأعمال الرمضانية هذا العام وفي السنوات السابقة تكاد سوسن الجمني تكون المخرجة الوحيدة في تونس لمسلسل رمضاني.
وهو ما يدعو إلى التساؤل عن سرّ غياب المرأة وراء الكاميرا في مسلسلات رمضان، ويلّح على حضورها أكثر ليس فقط كبطلة شاشة بل كمبدعة صاحبة رؤية ومشروع في الإخراج الدرامي التلفزي.
حضور محتشم للمخرجات في الدراما العربية
لئن تفتقد كاميرا إخراج المسلسلات التونسية إلى نظرة نسائية، فإن الدراما العربية بدورها تأتي في أغلبها بتوقيع مخرجين لا مخرجات.
وبالرغم من تاريخها التليد وموروثها الكبير في هندسة الدراما التلفزية، فإن مصر لم تعرف ظهور موجة من المخرجات ولا اكتسحت شاشاتها توقيعات نسائية في إخراج الأعمال الدرامية.
وعلى سبيل المثال، وجدت المخرجة الشابة «ياسمين أحمد كامل» مخرجة المسلسل المصري «حدوتة مرّة» سنة 2019 كلّ التشجيع والدعم.
وفي رمضان 2020، كانت لمصر انتاجات درامية كثيرة ومتنوّعة المناخات والاتجاهات... إلا أنّ مسلسلا وحيدا تقريبا جاء بإمضاء المخرجة «كاملة أبوذكري» التي سبق وأن أخرجت مسلسلي «ذات» و«سجن النسا» وفيلمي «يوم للستات» و«واحد صفر»... وفي مسلسلها الجديد لهذا العام اختارت المخرجة المصرية أن تطرق أبواب الكوميديا الساخرة في «100 وش» الذي تلعب بطولته النجمة «نيللي كريم».
وفي المغرب، ورغم أن الإنتاج الدرامي لا يمتاز بالغزارة والتنوع، استطاعت المخرجة «جميلة البرجي بنعيسى» أن تنحت اسمها كصاحبة العديد من الأعمال الناجحة. وفي رمضان 2020 ، تصافح جمهورها بمسلسل «الغريبة» الذي يجمع نخبة من نجوم الدراما المغربية ويسلط الضوء على مجموعة من الجوانب في حياة المرأة من خلال أحد الفضاءات غير المألوفة في الدراما المغربية وهو فضاء دار نشر للكتب.
لئن تعدّ أسماء مخرجات المسلسلات على الأصابع، فهل يكون حظّ المرأة في المواسم الدرامية القادمة أوفر مساحة وظهورا وحقوقا بعد إثبات الكفاءة في الإخراج والوقوف وراء الكاميرا!