وإحساسهم بالضيم أمام فتح أبواب المهرجانات الصيفية على مصراعيها للفنان الأجنبي والخضوع لكل طلباته وشروطه المالية... وبعد أن قررت وزارة الشؤون الثقافية بأن يكون مهرجان قرطاج الدولي تونسيا بحتا في ظل تغيرات الوضع الوطني ومستجدات الراهن العالمي.
هل تكون أزمة كورونا »ربّ ضارة نافعة» للفنانين التونسيين لبرهنتهم على قدرتهم في ملء مدارج مسارح المهرجانات الصيفية بعيدا عن التعلل الواهي بأن الفنان التونسي لا يجلب الاهتمام ولا يستقطب الجمهور؟
عروض تونسية فقط في المهرجانات الصيفية
كثيرا ما يسيل مهرجان قرطاج الدولي الحير ويثير الجدل في تساؤل عن مدى نجاح برمجته وجودة عروضه... لأنه المهرجان العريق وصاحب الفضل في التعريف بعديد النجوم ولأنه التظاهرة الكبرى التي تستهلك ميزانية كبيرة من مال المجموعة الوطنية. 5.5 مليون دينار كانت ميزانية مهرجان قرطاج الدولي سنة 2019.
ونظرا لأن الظرف الاقتصادي والوضع الاجتماعي لا يسمحان بسبب تداعيات أزمة الكورونا بتخصيص اعتمادات ضخمة للمهرجان الصيفي ، فقد قررت وزارة الشؤون الثقافية الاكتفاء بالعروض التونسية وحذف العروض الأجنبية. وقد ورد في بلاغ للوزارة مايلي : «حفاظا على صحة كل التونسيين وسلامتهم وإيمانا منهم بأهمية التخفيف من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى للأزمة العالمية الراهنة على القطاع الثقافي والفاعلين الثقافيين جراء غلق الفضاءات والمؤسسات الثقافية وإلغاء كل العروض والتظاهرات الثقافية والفنية أو تأجيلها، إضافة إلى تعذر التنقلات الدولية إلى أجل غير معلوم في الوقت الراهن، تعلن وزارة الشؤون الثقافية عن إلغاء العروض العالمية للدورة 56 لمعرجان قرطاج الدولي وإرجائها إلى الدورة القادمة . وسيتم التوجه نحو تقديم برمجة تونسية بامتياز تشمل مختلف الجهات بعروض فنية متنوعة شكلا ومضمونا ، ممّا سيخلق التوازن المرجو في المشهد الثقافي التونسي ويفسح مجالا أرحب للتعريف بالإبداعات التونسية ودعم ترويجه».
فهل يثبت الفنانون التونسيون أنفسهم في صيف 2020 ويقلبون موازين القوى لصالحهم في إنصاف الحناجر الذهبية والأصوات العذبة والمواهب المغمورة ومنحها حق الصعود على ركح مهرجانات بلدها بعد طول انتظار وإقصاء وعناء؟
فرصة لمنح الفرصة للمسرح والسينما والرقص...
أمام السقوط المدوي والانهيار الكبير للاقتصاد العالمي وتضرّر جل القطاعات، فإن المجال الثقافي لم ينجو من وطأة الأزمة الكورونا وتعطل رزق الكثير من الفنانين والمبدعين. وقد ألقت هذه المستجدات الوطنية والعالمية بظلالها على المهرجانات الصيفية مما أدى إلى الاستغناء عن خدمات الفنانين الأجانب والعدول عن استضافة عدد من نجوم العالم من الغرب والشرق من أصحاب الأجور الخيالية.
وإن يبدو من الصعب إيقاف التعامل مع الفنانين الأجانب وأن هذه المهرجانات تتبنى صفة «الدولية»، فلابد من مراعاة خصوصية المرحلة الاقتصادية ببلادنا بالتخلي مؤقتا عن البعد الدولي في مهرجاناتنا الصيفية لعدم استنزاف الموارد المالية من ناحية، وشبه استحالة برمجة عروض أجنبية حاليا والمطارات مغلقة والعالم كله في حالة انتظار لانفراج الأزمة !
قد أثبت جل الفنانين التونسيين الذين اعتلوا المسرح العريق بأنهم قادرون على العطاء والإبداع رغم الخذلان والتهميش وجوقة المطبلين للمتطفلين على الفن والنجوم المزيفين...وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نجحت منذ سنتين الفنانة التونسية أمينة فاخت في ملء مدارج مهرجان قرطاج الدولي فوق طاقة الاستيعاب.كما كانت عديد السهرات التونسية ناجحة ومقنعة على ركح مهرجان قرطاج الدولي على غرار سهرة الفنان عدنان الشواشي والفنانة يسرى محنوش وغيرهم...
وقد تكون المهرجانات الصيفية لسنة 2020، فرصة ثمينة لإنصاف بقية الفنون على غرار برمجة عروض مسرحية وسينمائية ولوحات الرقص بأصنافه... وعدم الاكتفاء فقط بالعروض الموسيقية الغنائية.
و كما إن جائحة الكورونا لن تسنى من الذاكرة وستطبع خارطة العالم لسنوات قادمة، فالأكيد أن مهرجانات هذا العام ستعيد توزيع مواقع وربما تغيير الأحكام المسبقة بشأن الفنان التونسي.