بينما الروح تتوّهج للأبد»، فإن الشكل السطحي و المظهر الخارجي لازال المقياس لإطلاق الأحكام على الأشخاص حتى وإن حجب هذا الحكم المسبق جمال الروح وإبداع العقل! وكثيرا ما تكون المرأة الضحية التي تسلط عليها الأوصاف المارقة عن الوعي والنضج وثقافة احترام الآخر... وفي هذا السياق أطلق مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف) حملة بعنوان «هاو وجهي» تهدف إلى نبذ التنمر المسلط ضد النساء.
تم بمناسبة اللقاء الفكري الذي نظمه «الكرديف» مؤخرا حول مسرحية «العنف» وذلك بحضور الممثلة فاطمة سعيدان وصاحبة النص جليلة بكار تقديم وإطلاق حملة «هاو وجهي» للتصدي للعنف المسلط ضد النساء على مواقع التواصل الإجتماعي.
من أجل التصدي للعنف ضد المرأة في الفضاء الرقمي
على إثر حادثة التفجير الأخيرة التي جدّت بمحيط السفارة الأمريكية، لم يهتم البعض بعدد الضحايا ولا بمصير الجرحى بقدر ما انغمس في موجة سخرية مجانية من صحفية قناة الوطنية الأولى فدوى شطورو لا لأنها ارتكبت خطأ مهنيا أو تجاوزت أخلاقيات المهنة بل لأنها لم تضع مساحيق التجميل ولم تطل بتسريحة شعر غاية في الأناقة ! لقد كان ذنب هذه الصحفية الميدانية الوحيد أنها سابقت الزمن لنقل الخبر على عين المكان حتى تؤدي مهمتها وواجبها على أكمل وجه ... فكان الثمن التعرض لموجة تنمر تنم عن السطحية والاكتفاء بقشور الأمور بدل باطنها وجوهرها...
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
ولأن فدوى شطورو ليست الوحيدة التي تعرضت إلى هذا العنف اللفظي ، ولأن المرأة عقل وفكر وكيان قبل أن تكون مجرد وجه وشكل ، أعلن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف) حملة بعنوان «هاو وجهي» تهدف إلى نبذ التنمر المسلط ضد النساء في الفضاء الرقمي.
وتتمثل هذه الحملة في دعوة النساء من مختلف الاختصاصات والمواقع إلى نشر صورهن دون مساحيق تجميل للتأكيد على أن المظهر الخارجي لا يمكن أن يكون عاملا محددا لهوية المرأة.
وتم إطلاق حملة «هاو وجهي» استئناسا بنتائج دراسة أعدها الكريديف حول «العنف ضد النساء في الفضاء الرقمي: الفايسبوك نموذجا » تحت إشراف الخبير في الميديا الجديدة الصادق الحمامي. وقد تم تقديم هذه الدراسة في شهر ديسمبر 2019 والتي أوضحت أن الفضاء الرقمي عادة ما يكون محملا للتنمر وقذف النساء بألفاظ السخرية والتهكم ....
وقد استجابت النساء على غرار الفنانات والسياسيات والمفكرات... إلى حملة «هاو وجهي» ، فنشرت على سبيل الذكر لا الحصر الدكتورة ألفة يوسف والفنانة منى نورالدين ورئيسة منظمة الأعراف سابقا وداد بوشماوي صورهن دون وضع «الماكياج».
ومن المنتظر أن تتحوّل حملة ««هاو وجهي» من الفضاء الرقمي لتتخذ شكل حملات توعوية وتحسيسية لرفع مستوى الوعي بضرورة التصدي لكل أشكال العنف المسلط على النساء.