بعد تأسيس «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة»، الدكتور منير الشرفي لـ «المغرب»: سنقف بالمرصاد أمام كل تهديد لمكاسب الحداثة

هل انتهى دور النخبة التونسية اليوم لتلزم أبراجها العاجية مكتفية بدور الفرجة؟ هل خفت صوت المثقف وانطفأ نبراسه في إنارة الطريق أمام الشعوب؟

هل تخلى المثقفون و الفنانون عن وظيفتهم في إنتاج الوعي وتغيير العالم؟ أسئلة تتردد بقوة وتونس تعيش مخاضها العسير للوصول إلى بر الأمان، فإذا بالإجابة تأتي بتأسيس «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» لتقول بأن النخبة في بلادنا ليست في وضع النيام بل هي واعية بأدوارها ومواقعها مستعدة لخوض المعركة إلى النهاية.

تم الإعلان مؤخرا عن تأسيس »المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» في بيان جاء إمضاؤه بأقلام كل من : منير الشرفي وزهية جويرو و الصادق بلعيد و فوزية الشرفي ومحمد علي الحلواني ورجاء بوكاف ومحمد علولو وأمل عياري وفتحي الجلاصي و سناء غنيمة ونبيلة حمزة وزينب التوجاني ولطيفة حسني و رفيق بوجدارية وعبد اللطيف الفراتي وإبراهيم اللطيف وعبد الكريم الحيزاوي وألفة يوسف و إقبال الغربي وابراهيم بن صالح وفاطمة المسدي و سلوى قيقة وأمين محفوظ ونائلة السليني وحسناء البجاوي.

التعيينات على أساس الولاءات عمّقت الأزمات
عن دواعي تأسيس «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» ومدى حاجة تونس اليوم إلى مثل هذه المبادرة، أفاد الناشط الحقوقي منير الشرفي في تصريح لـ «المغرب» بما يلي : «لا يخفى على أحد أن تونس تتخبط اليوم في أزمات خانقة تعصف بشتى القطاعات من صحة وتعليم واقتصاد ونقل ... في المقابل نجد الطبقة الحاكمة تفتقر إلى أي برنامج للإصلاح بل إن همها الوحيد التموقع السياسي وحصد المناصب والمواقع على أساس الموالاة الحزبية حتى وإن غابت الجدارة وانتفت الكفاءة، والحال أن تونس تعج بالكفاءات والموارد البشرية المتمكنة من مختلف الاختصاصات لكنها مستبعدة ومقصاة عن المشاركة في الشأن العام. ومن أهم الأسباب التي أنتجت بعث المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة هي التصدي لمحاولات تغيير النمط المجتمعي التونسي وكأننا بمبشرين جدد قادمون وكأننا بتونس ليست دولة إسلامية منفتحة على كل الأديان والحضارات منذ أقدم العصور! ومن المؤسف اليوم أن يغض الحكام البصر عن واجبهم في الإصلاح ليكون هاجسهم فرض منوالهم الجديد على غرار المالية الإسلامية والاقتصاد الاسلامي، صندوق الزكاة الذي هو عبارة عن صندوق 26/26 ولكن في ثوب جديد واسم مختلف!

ومن المضحكات المبكيات أن يتم إلصاق الإسلام حتى بالمدارس والروضات على غرار المدارس القرآنية والتعليم الإسلامي... للضحك على الذقون. وكأننا بتونس عند هؤلاء عبارة عن رقعة شطرنج في كل يوم يحرّكون البيادق لتهديد الدولة المدنية ومكاسبها الحداثية. ومن أجل كل هذه الأسباب وغيرها، التقت ثلة من المثقفين والأكاديميين والحقوقيين ومختلف الاختصاصات تحت سقف «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة «لتكون بالمرصاد لكل محاولات المس من مدنية الدولة سواء اقترفتها أحزاب أو أفراد، وسواء أكانت جماعية أو فردية ...».

تأشيرة قانونية وفروع في تونس والخارج
تصديا لـ«الهجوم الشرس على تونس بنيّة استهداف الدولة المدنية ومؤسّساتها
واستهداف القوى الوطنية المتمسّكة بمدنية الدولة وبدستورها وبتوجّهاتها الحداثية والتقدمية وتفاقم مخاطر تَمَكُّنِ الإسلام السياسي من مفاصل الدولة...»، يأتي تأسيس «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» استجابة لنداء الواجب الذي دفع بالنخبة التونسية للتجند والدفاع عن مكاسب الجمهورية والدولة المدنية والنموذج الاقتصادي المستقل عن التبعية السياسية ...

وبخصوص استراتيجية عمل «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» ووضعيته القانونية، أوضح الباحث والكاتب منير الشرفي أن المرصد بصدد استكمال الإجراءات اللازمة للحصول على تأشيرة قانونية حسب ما يضبطه قانون الجمعيات.

وبالرغم من حداثة النشأة التي لم تتجاوز أياما قليلة فقد وجدت هذه المبادرة التأييد الواسع والترحاب الكبير حيث تم تأسيس فرع في صفاقس وفي سوسة و فرع آخر في طور التأسيس بجربة ... كما تفاعل معها التونسيون في الخارج وعبروا عن عزمهم على تأسيس فروع في أمريكا وفرنسا. كما أعربت مئات الشخصيات عن رغبتها في الالتحاق والانضمام إلى «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» .

وعن مجالات اهتمام هذا المرصد و أنشطته وتدخلاته... اعتبر الدكتور منير الشرفي أن المعيار الأساسي هو الدفاع عن مدنية الدولة في مختلف القطاعات والاختصاصات من سياسة ومناهج تعليم ونصوص قانونية... وفقا لما ينص عليه الفصل الثاني من الدستور التونسي. وكذلك التنديد بكل محاولات خرق مقوّمات الدولة المدنية وتوعية الرأي العام الوطني والدولي بمخاطرها والتصدي لها بكل الطرق المشروعة والقانونية.

الحكومة القادمة ستكون بلا طعم ولا رائحة !
كيف يرى المحلل السياسي منير الشرفي مسارات تشكيل الحكومة الجديدة والوضع السياسي عموما ما بعد انتخابات الأخيرة؟ جاءت الإجابة على لسان محدثنا، كالآتي: «كانت لي تجارب سياسية وليست حزبية في محاولات التقريب بين أحزاب العائلة الوسطية والحداثية على غرار القطب الديمقراطي الحداثي سنة 2011 والاتحاد من أجل تونس 2014 وأخيرا الاتحاد المدني... ولكن للأسف الشديد لاحظت تضخم الأنا عند بعض رؤساء الأحزاب والرغبة المهووسة في القيادة. لهذه الأسباب تخليت عن التعامل مع الأحزاب وانصرفت إلى التشاور مع المستقلين في «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة».

وفي تقييمه للوضع السياسي اليوم أضاف منير الشرفي بالقول:«إن صعود الرئيس قيس سعيد إلى سدة الحكم كان بسبب رفض التونسيين للأحزاب برمتها فعاقبوا كل من كان له ماض سياسي. ولكن لا أعتقد أن نجاح قيس سعيد سيستمر لأن أفكاره غير واضحة وبرنامجه غير معلوم. وأعتقد أن الدستور في حاجة للمراجعة لأن النظام السياسي أظهر فشله في أكثر من مناسبة وكذلك نظامه الانتخابي الذي يمنح الحكم للحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد. واليوم نجد أن حزب حركة النهضة يستحوذ على السلطتين التشريعية والتنفيذية مع ما يقال عن تدخلات في السلطة القضائية وهو ما يتناقض مع مبدإ الفصل بين السلط الثلاثة. وأظن أن الأحزاب اتعظت من درس الأمس في تحالف مع حركة النهضة مما يشير إلى أن الحكومة القادمة ستكون ببصمة هذا الحزب وبلا رائحة ولا طعم ودون وزن قوى لخلوّها من الكفاءات. وكل ما أخشاه أن تندلع انتفاضة شعبية قادمة لا للمطالبة بالحقوق والحريات بل من أجل الخبز !»

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115