أغان شرقية أو خليجية بل تسلح بكنوز التراث التونسي واستأنس بإيقاع الإنشاد الصوفي ليصدح بأغنية «الليل الزاهي» وهو يقرع «البندير» صوت الأمل والحلم بأن الغد قيد يكون أجمل وبأن هذه الحنجرة قد تزف لتونس لقب «أحلى صوت» لسنة 2019.
من البداية إلى النهاية، تكتمل الدائرة وتتماهى في استهلالها وختامها ليكون توقيعها تونسيا، وبإمضاء الأغنية التونسية هوية وتأشيرة عبور نحو منصة التتويج. فمن «الليل الزاهي» إلى «عرضوني زوز صبابا» في الحلقة الأخيرة، نجح الفنان مهدي عيّاشي في أن يكون سفيرا للأغنية التونسية وتفنيد الادّعاء بأنها عاجزة عن الانتشار عربيا وقليلة الحظوظ في الوجود والصمود خارج وطنها... لقد ثبت بالدليل القاطع أن الأغنية التونسية الجميلة لحنا وكلمة والعذبة الأداء والإيقاع قادرة على فرض نفسها بل وجديرة بالمراهنة عليها لكسب الألقاب وحصد الشهرة الواسعة النطاق.
وقد أهدى مهدي عيّاشي لأول مرة منذ انطلاق برنامج «ذا فويس» لقب «أحلى صوت»، فأمام هذه الموهبة التي أصبحت شهيرة وصاحبة حظوة عند شركات الإنتاج عليها أن تستغل هذه الفرصة الذهبية للتعريف بالأغنية التونسية وتمهيد الطريق أمام مواهب صاعدة أخرى على الانتصار أولا لهويتها الموسيقية في الطريق إلى النجومية العربية.
ولئن كان برنامج «ذا فويس» قد مهد طريق الاحتراف لعديد الطاقات الصوتية التي تملك مؤهلات جيدة فإن قليلين أكملوا المشوار والكثيرون انحسرت عنهم هالة الشهرة ليعودوا إلى المربع الأول وكأن شيئا لم يكن !
وفي تونس، قد تكون نسخة ذا فويس لسنة 2018 قد ذكرّت الجمهور «لعل الذكرى تنفع الجمهور» بأن هالة المالكي مطربة ذات صوت طربي عذب فأعادت المهرجانات حساباتها وأعادت هذه الفنانة المحترفة إلى أركاحها ومسارحها... ولولا «ذا فويس» لبقيت الفنانة التونسية يسرى محنوش تصارع في إثبات موهبتها وحقها في الغناء في سهرات مهرجانات بلدها. وهو ما يستدعي مراجعة سياسة التعامل مع الفنان التونسي والقطع مع عدم الاعتراف بإبداعه إلا متى «هاجر» وعاد من الخارج بصك اعتراف بموهبته وإثبات النسب في انتمائه إلى أهل الفن!