شكري المبخوت درعا وفوزا وتتويجا. وفي سنة 2016 رشحت «دار الساقي» بلبنان رواية «عشيقات النذل » للروائي كمال الرياحي لجائزة البوكر، لتغيب بعدها الروايات التونسية عن التنافس لهذه الجائزة المرموقة طيلة سنوات 2017 و2018 و2019 . وفي سنة 2020 جاءت عودة الرواية التونسية إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر بإمضاء محمد عيسى المؤدب في روايته «حمّام الذّهب» الصادرة عن داريْ النشر «مسعى» و«مسكلياني».
«حمّام الذّهب» هي الرواية الثانية في المسيرة الأدبية للروائي والقاص التونسي محمد عيسى المؤدب بعد روايته الأولى «جهاد ناعم» والفائزة بجائزة الكومار الذهبي للرواية العربية في تونس لسنة 2017. وفي رصيده أيضا مجموعتان قصصيتان، الأولى بعنوان «عرس النار» وقد حازت على الجائزة الوطنية للقصة القصيرة عام 1995، والثانية تحمل اسم «أية امرأة أكون؟» وصدرت سنة 2013.
7 روايات من المغرب العربي في القائمة الطويلة للبوكر
على أعتاب الجائزة العالمية للرواية العربية، تصطف في كل سنة روايات أبدع أصحابها من الكتاب العرب في حبك خيوطها وتوليد سطورها حتى تستحق المنافسة على هذه الجائزة المرموقة في العالم العربي والتي تبلغ قيمة جائزتها المالية 50 ألف دولار أمريكي إلى جانب الكسب المعنوي والأدبي والذي يتمثل في ترجمة الرواية الفائزة إلى اللغة الإنقليزية حتى تعانق عالمية الانتشار.
16 رواية من جملة 128 عملا مرشحا، تم انتقاؤها من قبل لجنة التحكيم المكونة من خمسة أعضاء برئاسة محسن جاسم الموسوي وعضوية كل من بيار أبي صعب وفيكتوريا زاريتوفسكايا وأمين الزاوي وريم ماجد.
في سياق تعليقه على اختيارات القائمة الطويلة لجائزة البوكر، قال رئيس لجنة التحكيم محسن الموسوي: «تنوّعت روايات القائمة الطويلة في مضمونها، فتناولت موضوعات الحرب والسلام والتاريخ وقضايا الجماعات المهمشة والأقليات، والعلاقة بالآخر. كما تعتني الروايات بالأزمة الفردية والإنسانية، وتعتني بالتجريب الروائي وإشكالياته، وكانت الروايات المرشحة تتنافس بشدة موضوعا وأسلوبا، ولهذا أخذت اللجنة في الاعتبار أهمية التركيز على صنعة الرواية وثرائها وتنوع مقارباتها واكتنازها الأسلوبي والفكري والموضوعي».
ومن مختلف القارات والعواصم العربية ، أتت الروايات المترشحة لبوكر 2020 من تونس والسعودية وسوريا والجزائر والعراق و لبنان و ليبيا ومصر والمغرب. وقد كان حضور المغرب العربي مشرفا في القائمة الطويلة للجائزة وذلك بترشيح سبع روايات من المغرب العربي حيث كان نصيب الأسد للجزائر التي تراهن على أربعة روايات مقابل رواية واحدة لكل من تونس وليبيا والمغرب.
أما الحضور النسائي في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية فقد كان محتشما ومتواضعا حيث لم يتجاوز 3 روائيات مقابل 13 روائيا. وللتذكير فقد كانت جائزة البوكر لسنة 2019 من نصيب اللبنانية هدى بركات عن روايتها «بريد الليل».
«حمّام الذّهب» يعيد تونس إلى قائمة المنافسة
في هذه الرواية يوّرطنا محمد عيسى المؤدب في لغز من ألغاز مدينة تونس: حمام الذهب، وخرافة الجن الأحمر الذي يخطف الصبايا، بلغة لا تعوّل إلا على فصاحة السرد وحبكة مشوّقة تمزج بين الواقعي والخرافي، مادته في ذلك كله الحكايات الشعبية التونسية وهي تنعطف على حياة الأقليات في تونس وترصد تفاصيل إقامتها في أحياء وسمت الذاكرة التونسية كالحلفاوين وباب سويقة والبلاد العربي وحيّ الحارة«... هكذا كتب الروائي التونسي محمد الحباشة مقدّما لعوالم «حمّام الذّهب» لتذيّل شهادته الشيّقة والمشوقة الغلاف الأخير للرواية.
وفي رواية «حمّام الذّهب» يقتفي الروائي محمد عيسى المؤدب أثر الأقلية اليهودية في تونس التي هاجرت إلى تونس خوفا من بطش الجيش الألماني. ولكنهم قبل الهروب الاضطراري لا الاختياري، أودع اليهود وثائق وجودهم ودلائل تاريخهم في باطن الأرض التي شيّد فوقها حمام في «حي الحارة». ويبقى هذا السر دفينا حتى تظهر «هيلين» اليهودية وتقرر النبش عن آثار الجدود في الأرض المنسية. فتنشأ قصة حب وتنمو الخرافة وتكبر الإشاعة عن الحمام المسكون بالجان والمارد وضحاياهم من سبايا الصبايا... في هذه المناخات التي تختلط فيها الخرافة الشعبية بقضايا الأقليات وتلتبس فيها الأحداث التاريخية باعترافات العشق والحب، تخرج تونس بعد أن اغتسلت في «حمّام الذّهب» وقد لبست ثوبا أبيض من التسامح والتعايش بين الأديان والأعراق كما كانت دائما وأبدا عبر فصول التاريخ ووقائع الحروب.
بعد الإعلان عن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية، من المنتظر أن يكون موعد 4 فيفري 2020 مقترنا بالإعلان عن عناوين القائمة القصيرة المترشحة للجائزة، في حين سيبوح يوم 14 أفريل 2020 بهوية الرواية المتوّجة بالجائزة العالمية للرواية العربية على هامش افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب. فهل ستكون لرواية «حمّام الذّهب» التونسية حظوظ وافرة في حصد الجائزة العالمية للرواية العربية؟