في عهد علي بن عياد اقتصرت اليوم على 3 ممثلين فقط هم فيصل بالزين وريم الزريبي وكوثر الباردي. وبالرغم من الاستماتة في الحفاظ على وجود الفرقة هوية وذاكرة وسمعة... فإنها تبدو اليوم في وضعية حرجة تتطلب لفتة انتشال وإنقاذ وتصحيح من الداخل قبل الخارج...
في مقال سابق، توجهت «المغرب» إلى رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم بالاستفسار وطلب التوضيح بخصوص وضعية فرقة مدينة تونس للمسرح وحقيقة إيقاف عقود ممثليها بنيّة حلّها ... فأكدت أنه لا سبيل لحل الفرقة بما هي مكسب تاريخي ووطني وأن رفض تجديد العقود يتعلق بعدم توفر الإنتاجية، كما أن عدم قانونية الجمعية الثقافية هو سبب الوضعية المالية المتأزمة للفرقة...
كوثر الباردي :البلدية مسؤولة عن تراجع الفرقة
بعد تصريح شيخة مدينة تونس سعاد عبد الرحيم لـ«المغرب» بخصوص الوضعية المهنية والمالية لفرقة مدينة تونس للمسرح، اتصل بنا أعضاء الفرقة للرد على ما اعتبروه مغالطات تروّجها رئيسة البلدية للتمويه عن القضية الأساسية.
ونيابة عن ممثلي وأعوان فرقة مدينة تونس للمسرح، تحدثت إلينا كوثر الباردي منددة بتصريح رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم، قائلة: « لن نسهب في التذكير بالتاريخ العريق فرقة مدينة تونس للمسرح التي أنجبت من رحمها نخبة من الممثلين في تونس، ولكن سنكتفي بتوضيح حقيقة عقود العمل التي تخصني أنا وريم الزريبي وفيصل بالزين والتي رفضت رئيسة البلدية توقيعها وتجديدها بحجة انعدام المردودية. فمنذ أن استلمت سعاد عبد الرحيم مقاليد بلدية تونس امتنعت عن إمضاء تجديد عقودنا لمدة ستة أشهر كاملة بحجة التعرف على طبيعة عملنا، وبعدها وّقعت العقود ووعدتنا بأن هذا الأمر لن يتكرر، واليوم هاهي توقف من جديد عقودنا وترفض التوقيع عليها منذ شهر ماي 2019 وأيضا ترفض مقابلتنا رغم اتصالاتنا الهاتفية والمكتوبة... فما ذنبنا وما ذنب العملة الذين لم يتمتعوا بأجورهم منذ حوالي 8 أشهر !» ومن المؤسف أن يتم التعامل معنا بعد أن قضينا حوالي 30 سنة في خدمة الفرقة بمنطق الإنتاجية والربحية وكأننا نشتغل في مصنع أو معمل وليس صلب هيكل فني! وبالرغم من ذلك فعطاؤنا الإبداعي لا مجال للتشكيك فيه وتشريفنا لبلدية تونس موثق في كل المحافل والعروض... وليس من المنطقي محاسبتنا على العائد المالي لأننا لا نقدم مسرحا تجاريا بل مشروعا ثقافيا وعلى قدر كبير من الحرفية والرقي».
وبخصوص حجم الديون والعثرات التي تعرفها فرقة مدينة تونس للمسرح، اعتبرت الفنانة كوثر الباردي أن بلدية تونس مسؤولة بدورها عن هذا التراجع حيث تسببت في إلغاء عروض مسرحية الفرقة الجديدة «الطيب ككح» هذه الصائفة بتعلة عدم وجود حافلة تقل فريق العمل . كما نددت بالظروف البدائية لاشتغال الفرقة من ذلك الافتقار إلى أبسط الضروريات على غرار آلة الفاكس وانعدام وجود موزع لإنتاجات الفرقة وإستراتيجية للإشهار والترويج...
عبد العزيز المحرزي: رغبة سياسية في قبر المؤسسات الثقافية
«هي سابقة خطيرة لم أعش مثلها منذ ما يزيد عن 50 سنة قضيتها صلب فرقة مدينة تونس للمسرح... فلم يحدث أن تجرأ أي من رؤساء البلديات على إتيان بما قامت به سعاد عبد الرحيم إزاء أعضاء الفرقة اليوم ! « هكذا صرّح الفنان عبد العزيز المحرزي لـ «المغرب» مستنكرا بشدة امتناع رئيسة البلدية سعاد عبد الرحيم عن تجديد عقود ثلاثة ممثلين هم آخر من تبقى في الفرقة، وهم فيصل بالزين وريم الزريبي وكوثر الباردي معتبرا أن إيقاف عقود هؤلاء هو حلّ مؤجل لفرقة مدينة تونس للمسرح.
وبخصوص أزمة الجمعية الثقافية وتخبطها في ديون تناهز 500 ألف دينار ورفض رئيسة البلدية تمويلها باعتبارها غير قانونية، علّق مخرج مسرحية «الطيب ككح» عبد العزير المحرزي بالقول: « من الظلم أن يُحاكم ممثلي فرقة مدينة تونس بذنب هذه الجمعية الثقافية التي ليس لهم فيها ناقة ولا جمل ، بل تم تأسيسها منذ عام 1975 كبوابة لتشجيع وتمويل الحياة الثقافية ببلدية تونس. وطبعا من حق رئيسة البلدية التثبت والمراجعة للوضعية القانونية والمالية لهذه الجمعية اليوم ولكن دون حرمان أعوان الفرقة من أجورهم سيما وأن لا علاقة تربطهم بهذه الجمعية الثقافية لا بتأسيسا ولا بعضوية ولا بتسييرها. كما أتساءل هنا عن الأسباب الحقيقية لإلغاء عروض «الطيب ككح» بحجة عدم توفر وسيلة نقل رغم برمجتها المسبقة في 8 عروض بمختلف ولايات الجمهورية ! وما الداعي لعدم صرف الميزانية المخصصة للفرقة والتي تقدر بـ 120 ألف دينار إلى اليوم وميزانية 2020 على الأبواب؟ ولهذا فإني أعتبر أن تصريحات شيخة مدينة تونس تعلات واهية ومغالطة للرأي العام تخفي رغبة سياسية دفينة في قبر المؤسسات الثقافية لمدينة تونس».
احتجاج من المسرح البلدي إلى البلدية
تفاعلا مع مستجدات الوضع الذي آلت إليه فرقة مدينة تونس للمسرح، أعلنت النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي مهن الفنون الدرامية في بلاغ لها عن عقد ندوة صحفية يوم الأربعاء 4 سبتمبر القادم من المرجح أن يكون بفضاء التياترو للإعلان عن حيثيات القرار الذي «اتخذته رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم والذي يرمي إلى حلّ فرقة مدينة تونس للمسرح».
كما أفادت النقابة أنها ستنظم يوم الخميس 5 سبتمبر بداية من العاشرة صباحا تحرّكا احتجاجا ينطلق بوقفة أمام المسرح البلدي لينتهي سيرا على الأقدام أمام مقر بلدية تونس بالقصبة تنديدا بما وصفته «المحاولات الخفية والظاهرة لشيخة مدينة تونس سعاد عبد الرحيم لحل فرقة بلدية تونس للتمثيل عبر تجفيف مواردها المالية والبشرية والإبداعية».
مديرة الفرقة منى نورالدين ما بين الاستقالة والاّ استقالة!
كما سبق وأن كشفت رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم لـ«المغرب»، فقد أعلنت أمس بلدية تونس عن فتح باب الترشح لإنتاج أعمال مسرحية لفائدة فرقة بلدية تونس. وحدّدت يوم 6 سبتمبر 2019 آخر أجل لقبول ملفات الترشح..
وبالرغم من تداول خبر شبه مؤكد عن استقالة منى نورالدين من إدارة فرقة بلدية تونس للمسرح مقابل التزامها بالصمت ورفضها الخوض في شأن الفرقة، فقد التقت أمس رئيسة بلدية تونس بمديرة فرقة بلدية تونس للمسرح منى نورالدين. و حسب بلاغ للبلدية فقد تناول اللقاء «برنامج عمل الفرقة وسبل تطويره من أجل تواصل إشعاع فرقة مدينة تونس للمسرح التي تعد مكسبا وطنيا وذاكرة للإبداع المسرحي التونسي».
ويبدو أن الأمر يحتاج إلى تخلي منى نورالدين عن الصمت حتى يتبين «الخيط الأبيض من الخيط الأسود».