إصدارات// «مواعيد النوارس» ديوان شعري لراضية بصيلة: إبحار من شواطئ الأشجان إلى مرافئ الحياة

بعد صدور مجموعتها الشعرية الأولى «مرافىء» تواصل الشاعرة التونسية وأصيلة مدينة القيروان راضية بصيلة

اجتراح قريحة الشعر واحتراف لعبة الكلمات في ديوانها الثاني الذي وسمته بـ «مواعيد النوارس» في إهداء « إلى نسّاك محارب الكلِم وعشاق الحرف».
جاء غلاف ديوان «مواعيد النوارس» معلقا بين زرقتين: زرقة بحر وزرقة سماء وما بينهما يحلق اثنان من النوارس البيضاء في انطلاقة حرية وصخب حياة.

ليس من الغريب أن تحتفي الشاعرة راضية بصيلة بالنورس عنوانا لمجموعتها الشعرية وجعله صورة غلاف لديوانها باعتبار مكانة هذا الطائر عند الشعراء كرمز للسفر بين الفصول وعنوان للترحال وأنيس الشعراء والعشاق.
على أكثر من 80 صفحة فاضت «مواعيد النوارس» لتستوعب مداد حبرها وشطآن كلماتها 28 قصيدة تسبح في فلك العشق والرحيل والحنين...
ما بين المجاز والواقع، تذوب الحدود وتتبخر الفواصل على أعتاب «مواعيد النوارس» لترتحل القصائد بين مرافئ حالمة ومفعمة بالشاعرية ...وهكذا جاءت مناخات الديوان عاطفية بامتياز.

وتتجلّى في المجموعة الشعرية لراضية بصيلة بوضوح نبرة شجن وأسى سرعان ما تتبدد أمام روح ثورة وغضب على واقع وحلم بفجر وضّاء مع «عودة الفينيق»، تقول الشاعرة:
أريدك طيرا
يعود بعد اختراق
إذا خيّب أحلامنا المنتهى !
بعيدا عن الصور الشعرية المعقدة و التعابير المركبة، اختارت صاحبة «مواعيد النوارس» إلى الاقتضاب في الكلمات والتكثيف في المعاني لتأتي كل قصيدة في شكل فكرة أو رؤية أو صورة واضحة البنيان والمعالم على غرار قولها في قصيدة «اللاجئة»:
سيدة الهوى جئتك...
لاجئة...
هاتي تمائمك
والبخور
** *
مرود كحلك
أبجدية العشق
علميني
حوادث العشاق كيف تدور
في «مواعيد النوارس» احتفت راضية بصيلة بالذاكرة والحياة والحكايات... واحتلت المرأة جل القصائد تلميحا وصراحة، ظهورا وحضورا بالغياب .. لكن هذه المرأة أبدا لم تكن مسكينة خاضعة ولا مستكينة واهمة بل كانت انتفاضة كبرياء وصرخة حرية و صوت حياة. في قصيد «وجه في المرآة» تنادي الشاعرة المرأة قائلة:

يا امرأة
تشبهني
حد اليقين
أغمدي مرود كحلك
في سواد الليل
ولا تنتظري
أسطورة الفارس
المدجج بالعشق
أسرجي جموحك
وكوني الغيمة والبركان
يا من ألفتها الشوارع
وشهدت غربتها
آثار العابرين
وأسوار المدينة
يا سيدة
تخشاها المنابر
إن ديوان راضية بصيلة الجديد بمثابة لحظة تأمل لشاعرة استطاعت عبر مخيلتها الشعرية وذاكرتها العاطفية تطريز قماش القصيدة بمنمنمات جميلة أطربتنا بموشحات عذبة في انتظار ديوان ثالث أكثر نضجا وعمقا بعد محطة أولى في «المرافئ» ولقاء ثان مع «مواعيد النوارس».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115