العرض الكوريغرافي «تحت الجلد» لبسام أبو دياب من لبنان: «الحرب تحوّل الانسان الطبيعي إلى سوبرمان»

«هل تريدون أن تصبحوا سوبرمان؟ هل تريدون ان تتحولوا من بشر عاديين الى سوبرمان تستطيعون النجاة من كلّ حرب وقنبلة،

ان كنتم تريدون ذلك فهناك اكثر من خيار لكم العراق او ليبيا او سوريا او اليمن فمن حسن حظكم ان الحروب في كل مكان؟» بهذه الكلمات افتتح بسام ابو دياب عرضه «تحت الجلد» لنفهم من كلماته انه تعلم الرقص من الحروب.

«تحت الجلد» عرض كوريغرافي للبناني بسام أبو دياب يشاركه فيه عازف الايقاعات ايمن، عرض من انتاج بيت المقامات ببيروت هو عرض ينقل تجارب شخصية لمواطن تعلم الرقص من الحرب، قصص شخصية وحكاية جسد تنطلق من الخاص لتنقد العام وتسلط الضوء على تأثيرات الحروب وكيفية مقاومتها والنجاة من براثمها.

الحرب تعلمك تقنيات متجددة في الرقص
تجربة شخصية اراد بسام ابو دياب ان يتشارك فيها مع جمهوره اينما حلّ، تجربة مواطن لبناني عاش الحروب ومنها تعلّم تقنياته للحياة، الحرب علمتني كيف ارقص، الحرب علمت جسدي كيف يتلوى بحثا عن النجاة ومع تواتر الحروب وتواتر التقنيات اصبحت راقصا جيدا هكذا يتحدث عن عرضه وعن تجربته الشخصية.

هم اثنان، عازف ايقاعات وكوريغراف، أيمن وبسام يقدمان عرضا داخل العرض، تجليات راقصة نبعت من الواقع ومع كل ركح او فضاء يتم اعادة صياغة العرض وتقديمه، بعد خطابه الاول مع الجمهور التونسي وسؤاله «هل جربتم العيش تحت القنابل» وبعد ان نجيب جميعنا «لا تونس مافيهاش قنابل» وفجأة يحدث صوت انفجار يبدو كأنه حقيقي ومن رعبة الجمهور يبدأ العرض ليعايش المتفرج لحظات صعبة كلما سمع صوت انفجار افتراضي يكاد يكون حقيقة.

إلى العام 1993 تعود الحكاية أي حرب السبعة ايام «حينها سمعت اول مرة انفجار قنبلة» ومن هناك تعلمت تقنية العيش تحت القنابل ويكون التكنيك «يرتخي الجسم، تسلم لقوة الانفجار تظلك بالأرض وتخلي القوة تبعدك عن مكان الانفجار وهيك تضلك عايش» هكذا يتكلم مبينا للجمهور كل كلمة قالها على صوت ايقاعات الطبل و الدربوكة، ومن ثمّة تكون حرب 1996 أي حرب جديدة ومعها تقنيات متجدّدة ثم حرب 2000 وهي حرب استعملت فيها قنابل اكثر واكتشفت ان «التراث والفلكلور» صالح لمقاومة هذه القنابل حينها تعلو موسيقى المجوز و رقصات الدبكة تكون سريعة، رقصة للاحتفال والانتصار، فحرب 2006 هذه الحرب تعلم معها الراقص تكنيكا جديدا لمقاومة الشظايا فبات الجسد لينا اكثر.

هو يرقص تطبيقا لقولة روبرت اشتون «يستطيع أغلب الناس أن يرقصوا، ولكن هل سبق لك أن فكرت بتجربة شيء جديد ؟ هناك العديد من أساليب الرقص التي يمكنك تعلمها».

لكل حرب تأثيرها ومع كل حرب يتعلم الراقص تقنيات جديدة يتشارك فيها مع جمهوره، تقنيات لمقاومة الموت تحت القنابل والعيش وترك القيادة للرقص فيحيا متحصلا على «صبّاط جديد» بعد كلّ حرب «اجمل شيء بعد الحرب الهدايا الي يعطينا اياها الاتحاد الاوروبي» حدّ قوله، فكل الدول العربية التي عاشت حروبا تتحصل بعد الحروب على مساعدات من دول الاتحاد الاوروبي وامريكا مساعدات تسكت العيون الدامعة والقلوب المكلومة لوجيعة الحرب.

الرقص قضيتي
الرقص ليس مجرد حركات او تعبيرة عن حالة ما، الرقص عند بسام ابو دياب قضيته للتعريف بقصص شعبه ومعاناته مع الحروب المتكررة، حديثه عن التقنيات الجديدة التي يتعلمها بعد كلّ حرب ورقصه على وقع المساعدات التي يقدمها الاتحاد الاوروبي وامريكا ومن ثمة قطر هي تعبيرة ناقدة عن دور هذه الدول في الحروب التي يعاني وزرها الانسان العربي، الرقص ليس هز للجسم او تحريك الارجل والايدي دون رسالة واضحة وانما قضية شعب كامل يحملها بسام ابو دياب على عاتقه ليقدم للكل بشاعة الحروب وثقلها على بلده وكل بلد يعاني من الحروب.

فتحت الجلد عرض رقص معاصر يثير مسألة دور الجسد في حالة الحرب. كيف يتفاعل الجسد مع خطر الموت تفاعلا يتأتى من غريزة البقاء لدينا، كيف تتحول هذه الغريزة إلى رقصة تقوم على قواعد وتقنيات خياليّة، مصمّمة بدقة كقصة خرافيّة جعلت لتهزم آلة الحرب. إنها قصّة شخصيّة تروى، قصة جسد نجا من أربع حروب متتالية وأينما حلّ يحمل معه وجيعة الحرب من خلال اصوات الانفجارات التي تربك المتفرج وتدفعه ليعيش لنصف ساعة الم الخوف والرعب من انفجار قنبلة في أية لحظة.

«تحت الجلد» عرض حيّ هو تجربة شخصية ولدت من رحم الحرب ومحاولة النجاة والحياة تحت القنابل وانهيار البنايات وكلّ الالم المصاحب لهذه التجارب الثقيلة، تجربة فنية انسانية يغوص فيها بسام ابو دياب حاملا جمهوره الى عوالمه الخاصة داعيا اياه ليعايش الحرب ووزرها عبر الرقص ولغة الجسد، «تحت الجلد» تجربة فنية تنطلق من الرقصة التقليدية الدبكة لتصبح وسيلة للنجاة من الموت،هذه الرقصة يعمل عليها بسام ابو دياب في اعماله الكوريغرافية ليقدمها الى المتفرج في مواضيع مختلفة تسلط الضوء على معاناة الانسان العربي من المحيط الى الخليج.

وبسام ابو دياب كوريغراف ومصمم رقصات لبناني الجنسية، يؤمن بقدرة الرقص على المقاومة و التأريخ، فنان اهتم بالرقص والمسرح حتى اصبحت اعماله ومشاركاته قوة فنية لا يستهان بها، لبناني له القدرة على التكيّف مع كلّ الثقافات والأفكار لخلق اسلوب جديد يميزه ويميز عروضه الراقصة ذات الطابع المحلي والمنفتح على كل العالم فجسده هويته وجسده مطيته للتعريف بهموم وأفكار شعبه وجسده وسيلته لينفتح على بقية الثقافات وينخرط في مسارها الابداعي من خلال الرقص.

«تحت الجلد» عرض راقص لبسام ابو دياب انتاج بيت المقامات او « سيتيرن بيروت» وهو مساحة ابداعية ومركز ثقافي جديد للفنون الادائية في العاصمة بيروت ويهدف الى انتاج اعمال محلية وعالمية معاصرة مع اقامة لدورات تكوينية للاطفال والشباب تشمل الرقص والموسيقى والمسرح، وهو فضاء يعكس افكار المدينة وطموح ابنائها للنجاح في المشهد الابداعي العالمي وبسام ابو دياب ابن هذا الفضاء الذي يدعم افكاره ورقصاته المنفتحة على الاخر، فنان يؤمن بالجسد ويسعى إلى أن تكون لغته المميزة رمزا للانسانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115