التصوير لتوثيق اللحظة وكأنها حدث فارق في تاريخ البشرية! ما الحكاية، كل الحكاية تتلخص في توزيع مجرد «كردونة» مواد غذائية لا تسمن ولا تغني من جوع أو نصب مائدة إفطار تتسع لطبق ليلة واحدة ولكنها تضيق عن حل أزمة المسكين في توفير قوته كل يوم !
فهل يستحق هذا الإنجاز «النوعي» كل هذا الصخب والأضواء وكأنه سيحدث ثورة في تقليص نسبة الفقر والبطالة في بلادنا !
وإذا بقينا في خانة حسن النية لنذهب إلى أن «فاعلي الخير» كان كلّ همهم تشجيع الناس على مساعدة المحتاجين وتذكير المسؤولين والسلطات بأن فقراء يعيشون بيننا، فإن كشف وجه المعوز وهو يتسلم الصدقة ذنب لا يغتفر وإن تعرية هوية المعدم وهو يتلقى بعض المساعدات لؤم من الذي وضع نفسه في مرتبة صاحب النعمة !
إن مقايضة الخبز مقابل الكرامة كما تريق ماء وجه المسكين وتجرح كبرياء الضعيف فإنها تضعف حجة وموقع المتصدق وتخرجه من دائرة الخير ليلحق بأصحاب المن والأذى ممن يقتاتون الشهرة على موائد الفقراء ويتاجرون بالجيوب الخاوية والوجوه البائسة...
ولأن الدقة خير وإيثار وجمال، فإن سياسة استعراض الأفعال والنوايا تناقض أخلاقيات الصدقة وتنقلب على حسن نواياها لتتحوّل إلى أسلوب رخيص ووسيلة انتهازية يلجأ إليه البعض من أجل غاية أكبر.
وكم من «قفة» مساعدات باعت الذمم واشترت الأصوات في الانتخابات، فجلس أصحاب القفاف على كراسيهم الوثيرة وبقي المعذبون في الأرض في حرمانهم يسبحون ويتصيّدون من مناسبة إلى أخرى حلول موسم غنيمة» القفة».