لطفي بوشناق يفتتح «ليالي متحف باردو»: «لا شيء يوقظ روح الوجود... إلاّ صدى الأغنيات»

في الحديقة الأندلسية بمتحف باردو، عدّل لطفي بوشناق أوتار العود وغنّى للفن والحب والحياة.

فانسابت الأغنيات كالهمس العذب لتؤنس صمت الليل وتراقص القمر على إيقاع الموّشحات وتراتيل المواويل... وقد افتتحت هذه السهرة الرمضانية مساء الأحد 12 ماي الجاري تظاهرة «ليالي متحف باردو» بتوقيع المايسترو لطفي بوشناق الذي سافر بنا إلى ضفاف حدائق قرطبة ورمى بنا في قصر غرناطة ليعيدنا إلى باردو ولياليه الأندلسية...
«ليالي متحف باردو» في دورته الثالثة موعد مع الطرب والفن الأصيل من تنظيم وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية.

سلطنة الطرب في حديقة الأندلس
ليال من السمر والطرب يحتضنها المتحف الوطني بباردو للسنة الثالثة على التوالي ليعيد المجد واللحن إلى حديقته الأندلسية لتبقى عنوان هوية حضارة أحبت الحياة فاحتفت بالموسيقى والموشحات...
في مناخات أندلسية خالصة، كان افتتاح «ليالي متحف باردو» في ضيافة رقصة الشجر على وجه القمر وعلى إيقاع عزف عود وشدو حنجرة من ذهب اخترقت حجب الظلام ووحشة الليل لتنير الدّجى وتراقص النجوم والجمهور في رحلة من الإمتاع والمؤانسة.

على الركح، ترّبع فنان تونس الكبير لطفي بوشناق سلطانا للطرب يُهدي حزمة من الأغنيات ويجود بباقة من الموّشحات... سرقت الجمهور من تحديد المكان وحدود الإمكان، ليحلق على أجنحة من النغم والنشوة خارج الزمان فيصافح حوريات الجمال ويقطف فاكهة المساء !
غنّى لطفي بوشناق في كل الأصناف وهو الذي يملك صوتا يتسع لمدارات الإبداع بلا انتهاء،وحنجرة تضيق وتتسع على المقاس لتنشد كل الأنماط الموسيقية... بخفة الفراشة ورشاقة النوتات، انتقل بنا النجم العربي من نظم الموشحات إلى سلطنة المواويل إلى رقة البوح العاطفي إلى قضايا الأغنيات الملتزمة...
تحت سماء حديقة متحف باردو، جلس جمهور غفير للاستماع إلى فاصلة من فن الزمن الجميل والتمتع بلحظات من الصفاء الذهني والغذاء الروحي أهداه إياها الفنان لطفي بوشناق بكل سخاء وحبّ. وهو الذي يؤمن بالفن عقيدة ومذهبا في الحياة ، وقد غنّى من كلمات الشاعر آدم فتحي :» نغنّي لنسقي حلم الصغير ونغمس بالحب خبز الفقير ... فلا شيء بعد الربيع الأخير سيبقى سوى ورد الأغنيات.... نغنّي لنحيا وتحيا الحياة !

كسر رتابة المتاحف
لئن كان المتحف الوطني بباردو معلوم العنوان وذائع الصيت كوجهة للسياح والزوّار بفضل مجموعته الثمينة من لوحات الفسيفساء، فإن تهيئة الحديقة الأندلسية لتصبح فضاء مفتوحا للعروض الطربية من شأنه تعزيز مكانة المتحف ودعم شبكة أدواره المعتادة. إحياء سنّة عقد مجالس الطرب بالحدائق الأندلسية ليس مجرد وفاء للحضارة واعتزاز بالهوية بل هو كسر لنمطية مفهوم المتاحف وعزلتها في خدمات كلاسيكية. قد يكون من المفيد على المدى البعيد أن تتجاوز المتاحف والمعالم الأثرية عموما صورة خازنة التاريخ وحارسة الآثار لتتحوّل إلى فضاءات تنبض بالحركية والصخب الجميل وتنتج الفن والحياة في رحاب شواهد الأمس وشهادات الذاكرة الحية التي لا تموت !

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115