مسرحية «غيب يا قط» اخراج أنور الشعافي: صراعات التونسي في صورة كوميدية

نقد مغلف بالكوميديا، اجتمعوا في عمل مسرحي واحد لنقد العلاقات الزوجية و التطور التكنولوجي الذي اثّر على

وحدة العائلة واثر في العمل و الفكر، كوميديا مضحكة خلفها اسئلة عن العائلة و العلاقات الزوجية، اسئلة عن الوفاء والخيانة و التكنولوجيا، جميعها مواضيع قدّمت في مسرحية «غيب يا قط» للمخرج انور الشعافي.
«غيب يا قط» مسرحية من تأليف عماد عمارة وتمثيل زهير الرايس وريم الزريبي وأميرة بن علي ووليد العقربي وأسامة ساسي وضيفة الشرف رفيعة بلحوت واخراج تلفزي لمحمد علي الشريف ومحمد المزيان.

المسرح الهزلي الناقد

«غيب يا قطّ ثاني المسرحيات التي تعرض على الوطنية الاولى ضمن سلسلة مسرح العائلة، مسرحية هزلية اعتمدت على اللهجة التونسية شارك فيها ثلة من ألمع ممثلي المسرح التونسي، اجتمعوا في عمل كوميدي يضحك المتفرج ويشد انتباهه في توقيت عرض ذكي بعد جميع المسلسلات الدرامية الرمضانية.

«غيب يا قط» هو مثل تونسي عادة ما يستعمل في العائلات التونسية ، تدور احداث العمل في منزل «توفيق» (زهير الرايس) الذي تسافر زوجته (ريم الزريبي) وتوصيه بالاهتمام بالمنزل وفي الأثناء تزورهم فجاة «عبير» (أميرة بن علي) المختصة في التنظيف ومن هناك تتشابك الاحداث بسبب سوء الفهم، فلتوفيق مفهوم تقليدي لعلاقة

الرجل بالمرأة ومن خلال الجمل البسيطة و المواقف الكوميدية نقدت المسرحية هذه الافكار البالية التي تسكن الرجل من جهة وافكار اخرى مهترئة تسكن فكر المجتمع التونسي، نقدت وتمّ تعريتها عبر الضحكة و الكوميديا فخلف الاضحاك نقد موجع بلهجة تونسية ممتعة.

«غيب يا قطّ سلطت الضوء على علاقة التونسي بزوجته، نقدت بروده العاطفي مع زوجته في المقابل تسكنه عاطفة جياشة ومشاعر قوية تجاه النساء الاخريات، نقدت اكذوبة «مانيش معرس» التي يستعملها الرجال حينما يريدون التجديد العاطفي وكشفت قوّة المرأة وقدرتها على اتخاذ القرار دوما.

المسرح العائلي عمل تجتمع حوله العائلة التونسية وتذكرها بهيبة المسرح العائلي الذي كانت تبثه التلفزة التونسية في ستينات وسبيعينات القرن الماضي، أعمال خلدت في ذاكرة التونسي على غرار «الماريشال عمار» او «ام تراكي» او «عمار بوزو» و«حمة الجريدي» و «الكريطة» ثمة «المكي وزكية» في مرحلة أخرى، اعمال تحمل في مواقفها الكوميدية ومشاهدها المضحكة نقدا لاذعا بطريقة ممتعة بعيدة عن الابتذال وعلى خطاهم الجامعة بين النقد و السخرية تكون مسرحية «غيب يا قط» التي اعادت ممثلين الى المسرح التلفزي خاصة الثنائي ريم الزريبي وزهير الرايس اللذين تميزا في العمل.

التطور التكنولوجي والمواطن التونسي
هل نجيد استعمال التقنيات التكنولوجية؟ هل أن التونسي يواكب التطور التكنولوجي ويجيد فهمه؟ ذلك أحد محاور المسرحية، فعبير المختصة في «التنظيف» تجاوزت طريقة التنظيف العادية الى تقنيات اخرى متطورة من خلال «التابلات» التي تلتقط مواضع «العنكبوت» و تشير الى مكان «الحشرات» و«الفطريات» و تلتقط نسب الغبار ودرجاته في البيت، في المقابل «توفيق» لا يعرف من التكنولوجيا غير «الفايسبوك» هنا تناقض بين فكرتين، فكرة أولى تقبل على التطور والتكونولوجيا وتحاول التجديد في استعماله ومواكبة الجديد والاستفادة منه و فكرة اخرى تمثل اغلب التونسيين الذين يستعملون التكنولوجيا اما «الفايسبوك» او «الانستغرام» ومن خلال المواقف الكوميدية يكشف العمل الفارق بين الفكرتين وكأنه يدعو بطريقة غير مباشرة مستعملي التكنولوجيا إلى تطوير مهاراتهم ومجاراة نسق التطوّر الذي يعيشه العالم يوميا من خلال شخصيتي الطفلين اللذين يرمزان الى الغد.

المسرح العائلي:
فرصة للمصالحة بين الجمهور والمسرح
تجربة جديدة ومختلفة تقدمها التلفزة التونسية لتعيد البريق الى الفن الرابع وتصالح الجمهور مع المسرح الذي يعرف ازمة جمهور في كثير من العروض، (باستثناء ايام قرطاج المسرحية، اغلب العروض طيلة العام تعرف ركودا جماهيريا باستثناء عروض الوان مان شو لنجوم التلفزة) التلفزة التونسية تقدم طيلة شهر رمضان برمجة خاصة بالمسرح اسمها «المسرح العائلي» من خلال عرض خمس عشرة مسرحية يؤثثها 68 ممثلا بين مشاركين وضيوف شرف ومن المخرجين دليلة مفتاحي وأنور العياشي وصابر الحامي و منير العرقي و لطفي العكرمي و من بين العناوين «دار الطلياني» و«الرجال و الزمان» و«ميت حي» و«وجه دودو» و«غيب يا قط» تتناول مواضيع مختلفة تمس حياة المواطن التونسي وتعبّر عنه.

المسرح العائلي اساسه تقديم مسرحيات مختلفة يشارك فيها ويؤثثها ثلة من ألمع نجوم المسرح و الدراما في تونس على غرار وحيد مقديش وهشام برتقيز وعزيزة بولبيار واكرام عزوز وعبد العزيز المحرزي وصلاح مصدق وعبد القادر دخيل وسهام مصدق وسندس حمّو وسلوى محمّد وحسين المحنوش وعلي الخميري.

مسرح العائلة اعمال نقدية تجمع بين الكوميدي والتراجيدي لتقديم اعمال مسرحية تعيد بريق المسرح التلفزي التونسي المتميز بالنقد و السخرية في الوقت ذاته، نقد موجّه وسخرية لها محددات ومضامين وليست لمجرد الإضحاك فالمسرح العائلي يعيد إلى المسرح التونسي بهرجه ويحدد عوالم السخرية التي حطمتها «السيتكومات» و «الوان مان شو» فالمسرح العائلي يطلق عنان الابداع والحفاظ هلى هوية المسرح التونسي.

و تعود تجربة مسرح العائلة إلى التلفزة التونسية الى سنة 2004 عندما كانت الفرق المسرحية تنتج هذه الأعمال و يتم بثها على التلفزة التونسية خارج شهر رمضان و لأول مرة تنتج التلفزة التونسية هذه الأعمال و تقدمها و لأول مرة ايضا يتم بثها في شهر رمضان  وحددت ميزانية المشروع ب 530 الف دينار..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115