الدورة الرابعة لتظاهرة «وللتربية ربيع أيضا»: ابداعات الأطفال تعانق التاريخ وتتجاوز سحره

بولا-ريجيا التاريخ تفتح احضانها لمحبي الحياة، شلالات بني مطير الساحرة يصنع خرير مياهها سيمفونية ولحنا مميزا للمقبلين

على حبّ الابداع وصناعة تفاصيل الجمال، سحر جبال خمير غير البعيدة كما الحصن يحمي الصاخبين بكل تلوينات الابداع ، وفي حضن الطبيعة وامام سحرها يبدع الاطفال ويقبلون على تلوينات الجمال بكل الحب ليبهروا الجمهور الحاضر باجمل القصائد والاعمال المسرحية في الدورة الرابعة للمهرجان الوطني وللتربية ربيع أيضا.
دورة جديدة احتضنتها ربوع جندوبة الجميلة ليومين استقبلت فيها مئات التلاميذ من كل ربوع تونس واستقبلتهم مدرسة الهادي خليل بقرية بلطة لتقدم لضيوفها أنموذجا عن سحر الطبيعة وعراقة التاريخ والتجارب الابداعية المختلفة لجهة جندوبة.

التاريخ يفتح نوافذه للحلم
شمس ربيعية خجولة تظهر من خلف السحاب تدريجيا لتنشر دفءها في المكان، زهور برية جميلة الشكل زكية الرائحة تعطّر المكان، زرابي طبيعية من ورود شقائق النعمان الاحمر كدماء المقاتلين يتوسطها اللون الاصفر مع القليل من البنفسجي لتكوين لوحة طبيعية تمتع عيون الناظرين، اصوات الاطفال وكلماتهم واهازيجهم اجتاحت الموقع الاثري و احيت الحجارة من صمتها وخاطبت التاريخ واستنهضت الهمم لتقديم اجمل الابداعات.

هنا بولا ريجيا صبيحة الاحد 28افريل 2019، هنا قداسة المكان وسحر الأطفال في حضن التاريخ وبين حجارته واسراره المخفية غنّى الاطفال التقوا وجاؤوا من جهاتهم محمّلين بتاريخهم، بقصصهم بذاكرتهم وتشاركوا تفاصيلها مع اترابهم من الجهات الاخرى.
هنا بولا ريجيا التاريخية، بولاريجيا مملكة ماسينيسان العظيم، هنا اجتمع التاريخ والفلاحة و تماهوا مع تلوينات الابداع للاحتفال بالربيع، ربيع التربية، ربيع صنعه التلاميذ المبدعون، ربيع يكون التلاميذ ازهاره البرية العنيدة والجميلة اينعت وأزهرت بأجمل اهازيج الحب، هنا غنّى الأطفال رقصوا اكتشفوا المكان وزوّدوا الحضور بشحنة من حب الابداع لن تنضب سريعا، ربيع ساهم في صناعته وتشكيل فسيفسائه الملونة معلمون ومعلمات يؤمنون بقدرة الفن على التغيير ودفع التلميذ نحو النجاح، مربون زادهم صدق ابنائهم وحبهم للنجاح ومشاركة الاخر متعة الاكتشاف و التميز فزرعوا في تلاميذهم حبّ الفنون وكانوا سندهم لينحجوا دراسيا وفنيا، ربيع احتفى بالمدرسة المكان الاول الذي يتعلم فيه الانسان ابجديات الحياة.

على خطى الرومان...نبدع
الساعة تشير الى العاشرة صباحا، اسراب التلاميذ كما اسراب الطيور المهاجرة الى الحرية يتوافدون على مسرح بلاريجيا الاثري، مئات التلاميذ جاؤوا صحبة معلميهم من مدراس مختلفة من كامل ولايات الجمهورية ليقدموا نماذج من ابداعاتهم ويعرّفوا بتراث جهاتهم وشعراء مناطقهم، ميزة المكان صدق الاطفال المقبلين على الحياة و الاسئلة الكثيرة عن الموقع وتاريخه، اللباس التقليدي كان ميزة المكان، اينما وليت وجهك وجدت تفاصيل الجمال كتبت في الشاشية او الجبة او «الحرام القابسي» و «التخليلة الحمامية» و«الفوتة السوسية» و «الحزام الجريدي» و «الفوتة وبلوزة البنزرتية» و «التقريطة القفصية» ونسمات طبرقة ولباسها التقليدي و«الحولي التوزري» ومقروض القيروان و «مخارق باجة» و«البابور الي هزّ رقية» صور برج خديجة ومنارة الشابة، كلّ هذه التفاصيل صنعت من البرنامج المقدّم عرسا تربويا وإبداعيا جاء محمّلا بتفاصيل التراث المادي و اللامادي لوطن اسمه تونس كميزته اختلاف يصنع جماله.

لساعة او يزيد من الانتظار بسبب عدم توفر «الضّوء» ثمّ قررت هيئة المهرجان الابداع على خطى الرومان من خلال تقديم المسرحيات والقراءات الشعرية دون مكبرات الصوت ودون ميكرفون واعطاء التلميذ فرصة ليكون صوته اقوى وفرصة للجمهور ليتعلم تقنيات الإنصات العروض انطلقت من الجنوب تحديدا من بلاد الجبل والواحة والبحر والصحراء و الحنة

قابس الجميلة مع المدرسة الابتدائية الخوارزمي شنني قابس، العرض انطلق بالعرس القابسي والحليّ التقليدي المميز للجهة توسطت المجموعة طفلة بالحرام القابسي الموشى باجمل الالوان ثمّ اغاني قابسية من الموروث لتعرّف المدرسة بشاعر مارث «علي كريد» الذي قال في مدينته «قابس الحياة، قابس جنّة الدنيا، اسمها مواتيها، بلاد الهني نهنيها، سلام ود من لبّ الجواجي ليها، تحية وفاء يا جنّة يا نور ساطع عالجنوب ضيّه، دمتي منارة سمعتك مقدية» ابناء شنني ابدعوا في التعريف بجهتهم وتراثها وتميزوا في تقديم القصائد لابسين زيهم التقليدي كعنوان لهويتهم القابسية.

من قابس الى اقصى الشمال، الى مدينة جبلية بحرية هادئة هي الرفراف من ولاية بنزرت مع عرض للباس التقليدي لجهتهم ومجموعة من الاغاني التقليدية، ثم العودة الى الشابة من ولاية المهدية مع ثلاث تلميذات تانّقن بلباس الجهة مدينتها وريفها وقدّمن لمحة عن الشابة صور عن برج خديجة ومنارة الشابة ومقام سيدي عبد الله وقرأن القليل من كثير كتبه المولدي فروج ابن البرادعة من ولاية المهدية، ثلاثتهنّ كنّ كزهرات جميلات وقناديل تنير الدروب المظلمة وهنّ يغنين من كلمات اولاد احمد والمولدي فروج.

اما كمنجات ابناء مدرسة الامتياز نابل فصنعت الحدث فهؤلاء تلاميذ وتلميذات يعانقون الكمنجات يعزفون ليمتعوا جمهور المكان دون مضخمات الصوت ويتغنون بطبرقة و تونس، يتغنون بالجمال بالثقافة وبالبحر والخضرة، انين الكمنجات ونغماتها كان كزهرة تحت الصخور احياها الربيع من صمتها.
لساعتين او يزيد ابدع تلاميذ المدارس الابتدائية التي تحمّلت مشقة السفر وتحملت تنصل المسؤولين من وعودهم ليقدموا لجمهور المكان اجمل اللوحات الفنية والمسرحية، التلاميذ صنعوا ربيعهم بابداعاتهم باقبالهم على الفنون وتلوينات الجمال، الاطفال الصغار كانوا قبس جمال اشعّ وعاند شمس الربيع في يوم ممتع ميزته ابداعات اطفال تونس مستقبلها وغدها.

الثقافة والسياحة الداخلية
جندوبة منطقة سياحية بامتياز فللربيع في ربوعها رونقه الخاص، تلك المساحات الخضراء الشاسعة غير البعيدة عن واد مجردة تمثل فسيفساء لونية و زربية ملونة تمتع عين الزائر وتسحره، الاثار وموقع بلاريجيا الضارب في التاريخ وشمتو الساحر الرامز الى قدم الحضارات التي تعاقبت على سوق الاربعاء جزء من هذا الجمال و شلالات بني مطير وسط الغابات الخضراء الغامضة تصنع فرجة اخرى مع خصوصية الابواب التي تجمع الاسود والاحمر، الطريق الرابط بين ببوش و بني مطير ثمّ الطريق الجبلية ببوش عين دراهم و المنازل المسقوفة بالقرميد التي زادها اللون الاحمر مع ابواب باللونين الاحمر والاخضر تعطي للمنطقة خصوصيتها مع البحر في طبرقة ومسرحها المبهر جميع هذه المكونات السياحية لولاية جندوبة يعمل عليها مهرجان وللتربية ربيع ايضا في كامل فقراته للترويج للسياحة الداخلية والتعريف بخصوصيات الجهة و التشجيع على السياحة البديلة فالثقافة حسب فؤاد حمدي رافد للتنمية للسياحة للاقتصاد، الثقافة ليست مجرد بهرج وفرجة ، الثقافة رسالة ورسالتنا التعريف بجندوبة كوجهة سياحية تتوفر فيها كلّ ما يطلبه السائح ويمتعه.

حين يتراجع المسؤول عن وعده؟

«المندوب ما وفرش الكار» هي الجملة الاكثر شهرة، جملة تسمعها من جلّ المرافقين للتلاميذ من جهات الجمهورية المختلفة، إخلال مندوبي التربية بوعودهم في توفير حافلة لنقل التلاميذ الى جندوبة كان العائق الاكبر امام عدد من المدارس في الجهات البعيدة، بعضهم لم يستطع ايجاد حل مثل مدرسة من سيدي بوزيد، اخرون دفعوا «شيك شخصي الى وكالة اسفار» على غرار معلم بمدرسة شنني الذي تحمّل مسؤولية خاصة في نقل تلاميذه ليشاركوا في التظاهرة، اخرون قلّصوا من عدد التلاميذ واكتفوا بثلاثة واجروا سيارة صغيرة مثل مدرسة الشابة، كلّ حاول ايجاد طريقة ليصحب تلاميذه الى مهرجان وللتربية ربيع ايضا ليشاركوا اترابهم فعاليات الابداع و المندوبين يعدون ثم يغلقون هواتفهم والتعلّة «الفاكس ماوصلش».

فؤاد حمدي:
غياب المسؤولين سر نجاح المهرجان
أشار مدير مدرسة الهادي خليل ببلطة ومدير المهرجان ان التظاهرة موجهة اساسا للتلاميذ ليبدعوا وهي فرصة للتعريف بجهة جندةوبة فالمهرجان يخدم الجهة سياحيا واقتصاديا وثقافيا، يخدم الحرف و الصناعات التقليدية، واكد ان العام الفارط وبسبب وجود الوزير توفرت كل الامكانييات والتجهيزات التقنية التي انعدمت وغاب «الضوء» و «مكبرات هذا الصوت» لغياب المسؤولين فهل فقط وجود المسؤولين يضمن نجاح التظاهرات في الداخل؟.
وأضاف محدثنا أنه ليس ممن السهل جمع مئات التلاميذ من اكثر من ولاية في مكان واحد وتقديم اعمال التلاميذ في مسرح اثري مميز متسائلا عن سياسة التسويف والوعود التي يتبعها المسؤولون خاصة مندوبية التربية بجندوبة التي وعدت بالمشاركة في تكاليف المهرجان و المساعدة اللوجيستية والمادية وقبل 24ساعة اصبحت كل الوعود مجرد كلمات شفاهية قيلت في اجتماع مؤكدا ان «لو قمت بالتعويل على الاصدقاء كما في الدورات السابقة لما وقعت في شباك وعودهم الزائفة ولانجزنا البرنامج كاملا غير مبتور».
وختم حمدي تصريحه بالإشارة الى جرأة اترابه وتضحياتهم للمجيء الى جندوبة مشيرا انهم يعملون للتعريف بالتلميذ وختم بالقول « اذا اردت ان تكرمني فدعني اعمل» وهو شعار كلّ من جاء مع تلاميذه الى جندوبة للمشاركة في مهرجان وللتربية ربيع أيضا.

في مهرجان « كان » السينمائي:
« فولاذ » مهدي الهميلي ضمن قسم «لا فابريك سينما»
يشارك المخرج التونسي الشاب مهدي هميلي في الدورة 72 لمهرجان كان السينمائي (14 – 25 ماي 2019 ) بفيلمه الجديد « فولاذ » ضمن قسم « لا فابريك سينما » وهو قسم رسمي تشارك فيه الأفلام التي هي حاليا بصدد التصوير.
وقد تم اختيار عشرة أفلام فقط للمشاركة في هذا القسم من بين 200 فيلم تم تقديمها للجنة الانتقاء.
وتترأس النسخة العاشرة من « لا فابريك » المخرجة الهندية العالمية « ميرا نايير ».

ويشترك مهدي هميلي مع المخرج التونسي عبد الله شامخ في إخراج هذا الفيلم الذي تنتجه شركة « يول فيلم هاوس » التونسية بمشاركة ألمانية ونرويجية. وتدور كامل أحداث الفيلم في مصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة من ولاية بنزرت. ومن المنتظر أن يكون جاهزا للعرض في مختلف القاعات التونسية في بداية العام المقبل.
وتحصل مشروع فيلم « فولاذ » على منحة التشجيع على الإنتاج السينمائي من قبل وزارة الشؤون الثقافية . وكان قد شارك في عدة مهرجانات دولية وورشات التطوير والكتابة منها مشاركته في شبكة المنتجين ضمن الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية. وتحصل هذا المشروع أيضا على منحة تطوير من قبل المركز الوطني للسينما والصورة وجائزة مهرجان الجونة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة.
وكان المخرج مهدي هميلي أنجز أول فيلم روائي طويل له وهو « تالة حبيبتي » وقد توج بجائزتين في مهرجان الفيلم المغاربي بمدينة وجدة المغربية في أفريل 2017 .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115