منبــر: جولة في تجربة الفنانة نجاح المنصوري : اكتمال مشهدية تشكيلية مغايرة في اللوحة..


بقلم: شمس الدين العوني
الفن .. الفكرة الآسرة و المحيرة حيرة الانسان وانسيابية أسئلته و احتشادها بين معقدة و بسيطة..الفن هذا الركام من المنجز الانساني

بحثا و تقصدا للأجمل و الأنقى و الأرقى تجاه الموجود و المنشود كذلك..الفن بما هو لعبة الكائن الأولى و هو ينحت هبوبه مثل ريح ناعمة لا تلوي على غير القول بالآه و البهجة الخافتة والعلو ...انها أوجه الفن و ممكنات تجليات الانسان ضمنه و هو يمضي في دروبه لا يلوي على غير تأصيل ذاته وكيانه في كون محفوف بالأشياء و العناصر و التفاصيل المتغيرة و الحاضنة لسيرها في عناء و حرقة..الفن بما هو عنوان للحيرة الكبرى المحيلة الى المنجز الذي هو حيز من تمثلات و انعكاس لاعتمالات الدواخل حيث الاقامة بين الوردة والسكين...بين الحالة و الآلة..
انها اللعبة الباذخة التي لا تنتهي..الفكرة المسكونة بتمامها في النقصان و بنقصانها في اكتمالها حيث النظر هنا وهنا .. بعين القلب لا بعين الوجه..

نعم يمضي الفنان و التشكيلي تحديدا في هذه الأكوان من التعاطي مع الفكرة باعتبارها المجال الأرحب و الأضيق لمحاورة الذات و محاولتها وفق عنوان لافت و مفتوح وهو ضروب التخير تجاه طرح الأسئلة و النظر وفق حالة التذوق و الوعي الجمالي و ممكنات كل ذلك لدى الآخر..العالم.

اننا نعني تجربة الفنانة التشكيلية الباحثة نجاح المنصوري التي عندما نلج عوالم لوحاتها و أعمالها نستشعر هذا الكم من الأحلام التي تعتمل في ذاتها و هي تباشر فسحاتها مع القماشة ..فالمحو هو كتابة أخرى ولعبة تامة الدلالة لتبين حالات أخرى من العمل..من ممكنات اكتماله الأخرى في جدلية تبتكر ألوانها المختلفة التي نراها من لوحة الى أخرى في علاقات حضور متعددة بين التناسب و التضاد ..فاللوحة في عديد الأعمال لنجاح مجال حيوية و حركة و من حيث التلوين و الكتل و الأشكال ...انها تضعنا أمام سؤالها الدائم في أعمالها و القائل بلعبة الابانة و الاخفاء و الاضافة و المحو وفق تخير لوني يبرز حيزا من الصراع..تنظر باتجاه العمل الفني لنجاح المنصور و تمعن في النظر قراءة و تأويلا لتسافر أو تتيه في حالات من شعرية الحيرة..حيرة الكائن منذ القدم وهو يلهو بأسئلته وتفاصيله و كيانات عوالمه المربكة..انها متعة جمالية بعنوان الصراع المولد..نعم تمعن في النظر و بوسعك الاقامة في هذا النظر و لكن بالنهاية و في لحظة قطعك مع النظر لا تملك الا أن تتحسس أطرافك و تنظر في كفيك و تحرك أناملك ...نفعل كل ذلك من لوعة و رعب و حرقة المايحدث...نعم كتل و أجسام

تامة و مبتورة الأجزاء تملأ الفضاءات الملونة أصواتا و ضجيجا و لكن... ولكن في صمت عظيم..هنا تكمن لعبة التعاطي الجمالي بين الرسامة و العمل الفني...لا شيء يظل غامضا في العمل لكن لا شيء يتضح فقط هي متعة الكمال و النقصان لتذهب العين عندها الى زوايا أخرى من العمل / اللوحة بحثا عن فعل المحو المبثوث في المرئي على جسد القماشة..فبين التركيبات اللونية و الأشكال يظل ينهل المجال التشكيلي في اللوحة ليأخذنا طوعا و كرها الى نظر مخصوص في علاقتنا الجمالية بالأثر الفني لفنانة تبحث ولا تريد غير ذلك ديدنها الوصول ثم الذهاب فالوصول ثم... أنه الذهاب الدائم في جادة الفن.. لوحات لا تملك معها الا القول بالابداع كنهج للعبارة تجاه تجريدية العناصر و الأحوال حيث الفنان كائن هش هشاشة عناصره و شخصياته و كائناته في العمل الفني....و مثل ذلك في الشعر و الرواية..نعم نكتب لنمحو و نمحو بحثا عن كتابة أخرى ليظل المعنى سؤالا مقيما .. الفنانة نجاح المنصوري شكلت حالاتها الفنية وفق أهمية وسائل و وسائط المحو والحذف وليس الهدف أو النتيجة...
تجربة حرية بالدرس لما تستبطنه من وعي مخصوص تجاه الفن ..لذلك هي ثقول عن سياقاتها الفنية مثلا «... اشتغلت على « الحذف بين الحضور المسؤول والغياب المؤسس « و بحثت في أهمية التفصيلة (الجزئية ) العينية في إدراكنا الجمالي وعن السبل الكفيلة لتفعيل تقنيات الحذف في توليد الفضاء التشكيلي. فاتخذت في مرحلة أولى رمز المحذوف في شكل مربع

تدور حوله جميع الطروحات التقنية سواء كان ذلك على مستوى التركيب أو التلوين أو تشكيل المعاني. وجربت في ذلك الحذف بالإضافة وكنت أعبر عن هاجس البحث الذي يسكنني بعدم الرضا بالموجود في الفعل الذي أنجزه فأقوم بحذفه بإضافة لطخات لونية. . و إضافات خطية. ..فكانت النتيجة تراكيب مثقلة خطيا ولونيا وتركيبيا وتقنيا : جاءت الخطوط على تنوعها مائلة، منحنية، رقيقة، متينة. ..وحضرت الألوان باختلاف درجاتها باردة وحارة، رمادية و نقية، متكاملة ومتناقضة. ..والنتيجة تركيبة تراكمية ومعقدة نوعا ما ...».

و الفنانة التشكيلية و الباحثة نجاح المنصوري متحصلة على ماجستير في جماليات و ممارسات الفنون المرئية اختصاص فنون تشكيلة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة سنة2014 و على الأستاذية في الفنون التشكيلية بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس. 2003 و لها مشاركات متواصلة في معارض اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين منذ سنة2005 و هي عضو الرابطة التونسية للفنون التشكيلية وتشارك في معارضها منذ سنة 2010.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115