مهر المهرجان جان 4/4لل للمسرح المحترف مسرح المحترف: مسرحية «الشرّ الاوسط» لجو قديح لبنان «الدين لله والوطن للجميع فاتحدوا»

المسرح فعل نقدي وممارسة متمردة وحوار ثائر ضدّ التقسيم والفرقة والمسرح فعل انساني يتجاوز كلّ المطبات وكل المفارقات

ويتجاوز كل الصراعات العرقية و الدينية هو فعل حرّ يدعو إلى الإنسانية وتجاوز الخلافات الجانبية و الدينية خاصة ليؤكد ان جميعنا بشر واختلاف الدين او الهوية والطائفة ليس مدعاة للحروب فجميعنا ابناء «ابراهيم» لكن حقد السياسيين ولعبة المصالح هي التي صنعت الفرقة.
هكذا هي رسالة مسرحية الشر الأوسط التي عرضت في اليوم الاخير لمهرجان 4/4 للمسرح المحترف بجندوبة وهي عمل نقدي ساخر نص واخراج جو قديح و تمثيل بيار شمسيان وطلال الجردي وأنطوان بلبان وصولانج تراك، و موسيقى لميشال ألفترياديس وهو عرض مسرحي يكتب للانسانية ويعري بؤسنا وعدم قبولنا للاختلاف.

صراع الارض...صراع الاجيال
هل خلقنا لنخوض الحروب؟ هل خلقنا الرب لنصنع القنابل الموقوتة ونبيد بعضنا؟ لماذا خلقنا مختلفين ان كان يرفض الاختلاف؟ وهل حقا المغالون في الدين والمتحدثين باسمه هم صوته على الارض؟ واسئلة اخرى تطرحها مسرحية «الشر الاوسط».
موسيقى هادئة يبدأ بها العرض كانها دعوة للاحتفال، ضوء فاتح يزين الركح الخالي من الديكور فالمخرج يؤمن بقدرة الممثل على توليد الفكرة وايصالها عبر حركات الجسد وتطويع اللغة والاداء دون التكثيف في الديكور والاكسوارات، وسط انتشاء الحضور بالموسيقى يدخل احدهم الى الخشبة يحمل ورقة كبيرة الحجم عبارة عن خريطة يدور في المكان ويقيس

الخطوات هو «يهودي» من طريقة لباسه ونطقه للكلمات، بعدها ترتفع الموسيقى وتصبح كانها ضربات صخرية تصمّ الآذان ومن الخلف ينضاف إلى المشهد شاب يلبس الكوفية الفلسطينية ومع تسارع نوتات الموسيقى يلتقي الرجلان وجها لوجه، لقاء الاختلاف والعداوة التي ولدت منذ 48ولازالت، اختلاف على الأرض وصراع حولها.

فشخصية ثالثة تأتي لحلّ النزاع من اللهجة يعرف المشاهد انه امام ثلاثة اشخاص الاول يهودي يريد اشتراء قطعة ارض والثاني الفلسطيني صاحب الأرض يريد بيعها قبل ان يسلبها منه اليهود والثالث هو السمسار بينهما ، ثلاثتهم له مصلحة مختلفة فلكل مصلحة من الارض وفي النص اللذيذ واللهجة التي اتقنها الممثلون يتساءل جو قديح عن الاراضي الفلسطينية؟ يطرح سؤال الارض ويطرح سؤال الصمت امام تلاشي الارض بين البائع «اعملها عمارة كلها بلوّر» و المشتري «وتجو اولادكم بالحجارة يكسروها» وهو صراع الحق المكتسب والحق المغتصب صراع صاحب الملكية «ابنو فيها جدار عازل ما انتوا متعودين» والاخر الذي يأخذ ما يريد بقوة السلاح؟.
الشر الاوسط مسرحية كوميدية موجعة نص مضحك وتلاعب بالكلمات يدفع الى الضحك لكن خلفه الكثير من الوجيعة والشجن والحزن على الارض المغتصبة والملكية المسروقة باسم الوهم.

الصراع باسم الرب دين كارهي الانسان
ثلاثتهم كل مختلف عن الاخر لكل منهم ديانة يمثلها، على خشبة الركح يزداد الصراع بعد سقوط جثة لرجل على الارض، يختلفون على طريقة دفنها لابراز الصراع الداخلي الذي يسكننا في التعامل مع الدين المختلف، تواصل الموسيقى توثيق لحظات الصراع ويكتب الضوء الياذة الحروب الداخلية، تبدأ عملية البحث عن حلّ لاخفاء الجثة ومعها تتضح معالم الصراع الديني بين المسلم والمسيحي واليهودي فكلّ منهم يرى انه ابن الله ووريثه وصوته على الارض، ثلاثتهم يرى انّه ابن الدين الاحق والاقرب الى الخالق، ثلاثتهم يتحدّث باسم الربّ و يحاول اقصاء الاخرين، صراع ينقل بطريقة ساخرة وكأنها تعبيرة داخلية عن الرفض و السخرية ممن يحاربون الاختلاف، الصراع يتواصل أثناء محاولة التعرّف على هوية الجثة المرمية قبل اشتعال الضوء وخروج فتاة جميلة تتحدث بلغة انقليزية ربما هي رمزية للتدخل الامريكي لتأجيج الصراع بين الأديان وربما هي مبعوثة الرب لمعاينة كلّ الاختلاف والوجع الذي يلقيه الاخرون باسمه.

صراع على الركح يعود بالذاكرة الى 7000عام، صراع الأديان السماوية صراع يؤديه الممثلون ببراعة تقترب الى الحقيقة فقدراتهم على التمثيل وإقناع المشاهد مبهرة، يحاولون الكشف عن ملامح الجثة وكلّما عثروا على دليل او رمزية زاد يقين المتفرج ان الديانات السماوية تتشابه كثيرا إلى أن وجدوا أن اسمه «بوب» والاسم هو الآخر مولد للاختلاف والصراع فبوب اليهودي هو نفسه ابراهام المسيحي وهو عينه ابراهيم عند المسلمين، نختلف في طريقة نطق الاسم لكن المدلول واحد هو ابراهيم الخليل اوّل الرسل، هو ابراهيم الخليل اب كل الديانات كما يسميه البعض هو ابراهيم الخليل رمز السلام فلماذا ورث احفاده الحقد والدموية؟ صراع الاديان صراع الاختلاف صراع يريد كلّ طرف ان يكون صوت الربّ، صراع يؤثر على الانسانية و التعايش داخل البلد الواحد صراع يؤرق دعاة التسامح والمنادين باسم الحريات والاختلاف، صراع يكشف بؤس السياسيين الذين زرعوا في البشر الرغبة في اقصاء الاخر حدّ قتله، صراع زرعه السياسيين ليجنوا السلطة ومارسه المواطنون بكل قسوة.

في الشر الأوسط المتحصّلة على جائزة أفضل نص بمهرجان 4/4 للمسرح يكون الممثل هو الوعاء الحامل للنص المسرحي واللعب والدرامي وفي طريقة الأداء والمواقف الارتجالية المضحكة التي تخفي رسائل مشفرة تكون اللعبة المسرحية الممتعة، الممثلين برعوا في تقديم أدوارهم بروح جماعية أنيقة، فثلاثتهم مختلف واختلافهم صنع للعمل قوة وتميزا.
في المسرحية الشخصية الرابعة أي شخصية الفتاة تحضر دوما في لحظات الصراع لتتحدث عن جريمة ما او تتحدث عن صراع الاخر، ثمّ تنزل إلى الركح وتقدم لهم سكاكين وتطلب منهم تقسيم الجثة ودفنها كلّ بطريقته، نزولها وحديثها المباشر كانه يرمز الى كلّ التدخلات الخارجية في أوطاننا العربية تدخلات تصنع الأزمة ومن ثمّة تحاول تقديم الحلول لتزيد من تحجّر العقول ورفضها اكثر للاختلاف.

الشر الاوسط نص مسرحي ساخر ربما يمكن ادراجه في خانة الكوميديا السوداء، نص تلاعب فيه كاتبه بالكلمات وتداخلت اللهجات والايحاءات لتقديم عمل كانه صفعة لايقاظ المشاهد من سباته ومن سيره في مسار رفض الاخر او المختلف
«أعتقد من منطلق إيماني أنَّ البشر من مختلف إنتماءتهم العرقيّة والمذهبيّة هم متساوون في الإنسانيّة. لكنّني أجد أنَّ الفكر المتحجّر لإلغاء الآخر من أيّ فئة كانت هو الخاطىء في المعادلة. فكلّ لبناني اليوم هو مدعوّ إلى أن يكتشف إنسانيّته ويحترم إنسانيّة الآخر، لأن الطبقة السياسيّة من الفرقاء كافّة تعمل على التلاعب بعقول شبابنا» حسب تعبير المخرج.
فالشر الاوسط مسرحية ساخرة موجعة وهي دعوة صريحة للتصالح مع الاختلاف وقبول الاخر ايا كانت طائفته او عرقه او دينه فهو انسان.
اختتام الدورة الاولى لمهرجان 4/4 للمسرح المحترف

اختتام في الرابعة فجرا
هنا جندوبة، هنا سوق الاربعاء، هنا يعانق البحر الجبل ليكتبا للزائر أجمل تعاويذ الحب و ابهى تجليات العشق، هنا سحر الطبيعة و بهاء المكان، هنا جندوبة « قطعة من الجنة، جندوبة عروس مخضبة بالحنة، جندوبة سحر وجمال، جندوبة ثروة هواء وماء ، جندوبة لوحة جبال، شمتو والرخام العال، بلاريجيا والفسيفساء ، طبرقة والمراسن وكاف عقاب جندوبة الملاحم 4افريل « كما يقول محمد السعيدي في فيلم قصير انجزه وهبي الشرقي بمناسبة المهرجان، هنا جندوبة السياحة ، جندوبة الثقافة، جندوبة الحنية والهمة جندوبة الفرحة والجنة ، ولأسبوع كامل كان اكتشاف جندوبة الادب والشعر جندوبة الرقص والمسرح ، جندوبة الناس العطشى التواقة ،الناس الذواقة ،في لقاء أكد أن جندوبة الحرية و الإبداع».
لقاء كان لمدة أسبوع مع الدورة الأولى لمهرجان 4/4 للمسرح المحترف، مهرجان وليد بزغ فجره وأينعت ازهاره وتفتحت ليستنشق أبناء الجهة عبق الفنون وسحرها.
اختتام جميل لمهرجان وليد واختتام طريف فلأول مرة في تاريخ المهرجانات يكون الاختتام في الرابعة فجرا بعد ماراطون من العروض المسرحية الممتعة التي توزعت على اكثر من فضاء وتوجهت للكبار والأطفال وشاركتهم عطشهم للفن وحبّهم للابداع والحياة.

جوائز المهرجان
تنافس على جوائز المهرجان 13عملا مسرحيا من تونس و مصر والعراق ولبنان وقد ارتأت لجنة التحكيم المتكونة من المقداد مسلم رئيس و محمد الهادي الفرحاني مقررا والاسعد بن عبد الله وعلي الخميري وبوزيد سعودي اعضاء ان تكون الجوائز كالتالي:

- جائزة محمد اليعلاوي للعمل المتكامل: اسندت لمسرحية «سوق سوداء» للفنان على اليحياوي من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوين وهو عمل مميز مارس فيه المخرج تقنيات جديدة في التعامل مع فضاء مختلف، عمل انقسم على ادوار اربع لعمارة شبه مهجورة وهي تجربة مسرحية تدخل في باب التجديد في التجربة المسرحية التي يقبل عليها المخرج علي اليحياوي مع ممثلين مبدعين هما علي بن سعيد ومحمد شعبان، «سوق سوداء» عمل جديد بافكار متجددة ينقد تغوّل المادية امام تراجع القيم الانسانية ويشير الى قبح البشر في تعاملهم مع المختلف، تجربة تختلف وتولد كلما اختلف فضاء العرض.

-جائزة عزالدين قنون لاحسن إخراج مسرحي: الت الجائزة للمخرج الشاب نزار السعيدي عن مسرحية انتلجنسيا، ونزار السعيدي من المجدّدين في التجربة المسرحية التونسية، هو فنان ومدافع شرس عن الفن الرابع في مدينته قفصة يعمل ايضا على تغيير الفضاء واختلاف الفكر ويؤمن انّ المسرح فعل نقدي بالاساس وهو المسرح فعل ممارسة الحياة و الحلم معا.

- جائزة عمر السعيدي لأفضل نصّ: فاز بالجائزة نصّ لذيذ وممتع قام على السخرية والنقد معا وهو نص مسرحية «الشر الاوسط» لجو قديح من لبنان، عمل لاقى اعجاب جمهور مسرح 4/4 بجندوبة، نصّ ميزته انّه متجدّد ولم يمت بمرور السنوات فرغم كتابته في 2003 الا ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لازال متواصلا وصراع الاديان لايزال موجودا فالنص لا يموت كما الفكرة.

-جائزة الطيب الوسلاتي لاحسن أداء رجالي: تحصل عليها نادر بلعيد عن مسرحية قمرة 14 للفنانة دليلة المفتاحي وفي المسرحية ابدع الممثل في تقمص شخصية الباحث في التاريخ والمولع بقراءته واكتشاف خباياه، نادر بلعيد كان من ركائز نجاح العمل ومن مميزات القوة داخله، ممثل مختلف له القدرة على اقناع المشاهد.

-جائزة سعيدة سراي لاحسن دور نسائي: اسندت الجائزة التي تحمل اسم فراشة المسرح التونسي الى الممثلة المتميزة، شرارة العمل المسرحي في العراق ورمز من رموزه الابداعية النسائية شدي سالم عن دورها في مسرحية مكاشفات من العراق، فنانة تميزت في ادائها لشخصية مركبة «عائشة بنت طلحة» كارهة الحجاج لقتله لوالدها واخيها و المعجبة بحبه، شخصية متناقضة اتقنت اداءها شذى سالم وكانت النقطة المضيئة في مسرحية مكاشفات.

نجح المهرجان بفضل صدق ابناء الجهة
ثلاثة مبدعين كانوا السبب الأول في ولادة حلم مهرجان 4/4 للمسرح بجندوبة، ثلاثتهم محبون للفن الرابع ومؤمنون بأهميته في الجهة، ثلاثتهم كانوا رمزا لنجاح المهرجان وعنوانا للفنان الصادق.
الأول هو المحامي اكرم القروي: محامي مهنته القانون والجرائم لكنه محب للفنون ومدافع شرس عن حق جندوبة في المسرح، أكرم القروي ترك أعماله وقضاياه لأسبوع ليهتم بالمهرجان ويشرف على اللوجيستيك في التظاهرة «محبة في جندوبة، المسرح عشقة ومدينتي تستحق الفنون» حسب تعبيره.
الثاني الزين العبيدي المدافع الشرس عن جندوبة هو الموظب العام بمركز الفنون الركحية والدرامية بجندوبة، العبيدي الفنان المسرحي الذي جاء الى مدينته محملا بعطر الكاف وسحرها بعد تجربة اعوام طويلة لينتشر في شكل ابداع فني في جهته جندوبة، والعبيدي كان من اوائل المطالبين بمركز للفنون الركحية بمدينته ومنذ افتتاحه وهو يشرف على ورشات مسرحية في الجهة لزراعة بذرة المسرح في صغار جندوبة.

الثالث هو الازهر الفرحاني: مدير مركز الفنون الركحية ، شاب مؤمن بقدرة الفنون على التغيير قبل المغامرة وكان جريئا رغم عدم توفر الدعم الكامل الا انّ الروح الشبابية المؤمنة باهمية المسرح و اليقين انّ جندوبة تستحق تظاهرة مسرحية تميزها كانا الحافز لانجاز التظاهرة وانجاحها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115