شعرا، فأنشد :» يا شعر أنت فم الشُعورِ.... وصرخةُ الرُّوح الكئيب». ويوم 22 مارس الجاري يحتفي الشعراء وأحباء الكلمات الموزونة والمنظومة على بحور وأوزان وأهواء... بانطلاق أيام قرطاج الشعرية في دورتها الثانية التي تتواصل إلى غاية 29 مارس 2019.
وقد عقدت أمس الهيئة المديرة لأيام قرطاج الشعرية برئاسة الشاعرة جميلة الماجري ندوة صحفية بمدينة الثقافة للإعلان عن تفاصيل البرمجة وفلسفة التظاهرة ومحتوى الفقرات والندوات...
«احتفاء بالشعر احتفاء بالحياة» تحت هذا الشعار تلتئم الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية محافظة على الشعار ذاته للمرة الثانية باعتبار أن نظم الشعر هو فن الحياة.
موسيقي وشعر في سهرة الافتتاح
بميزانية جملية قدرها 600 ألف دينار، أعدت الدورة الثانية من أيام قرطاج الشعرية برمجة متنوعة تتوزع على أمسيات شعرية وندوات فكرية وعروض موسيقية...
سيكون افتتاح الأيام في دورتها الثانية على إيقاع حفل موسيقي بقيادة الموسيقار عبد الرحمان العيادي، بقاعة مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة. كما سينبض الركح في سهرة الافتتاح حياة وقصيدا وشعورا ... على نخب قراءات شعرية لكلّ من حبيب الصايغ من الإمارات ومحمد الغزي تونس وسامي مهدي من العراق وراشد عيسى من الأردن وجاسم الصحيّح من السعودية ومحمد البريكي من الإمارات وشميسة النّعماني من سلطنة عمان وعلا خضارو من لبنان وأماني الزّعيبي من تونس.
وردا عن التساؤل عن سبب غياب أسماء معروفة في الساحة الشعرية التونسية والعربية في الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية الذي وصل إلى حد الحديث عن الاستبعاد والإقصاء. أكدت المديرة جميلة الماجري بالقول: «إن الحديث عن الإقصاء تهمة متجنية وادعاء لا يستقيم... سعينا ألا تكون هذه الدورة الثانية مجرد فرصة لتلافي ثغرات الدورة التأسيسية بل حرصنا أن تأتي الدورة الجديدة محكمة أكثر على المستويات التنظيمية والفنية ومحتوى البرمجة وتوزيع الفقرات...حتى تكون في مستوى انتظارات أهل الشعر وعشاقه وتطلعات الساحة الثقافية بوجه عام».
40 ضيفا... وشعر من كل الأصناف واللغات
في عرسهم الشعري السنوي، سيكون الفضاء والمنبر والمصدح للشعراء وعشاق الشعر... في قراءات ومسامرات وبوح كلمات. وتحتفي الدورة الأولى لأيام قرطاج الشعرية بمشاركة 40 ضيفا من مختلف الدول العربية وكذلك فرنسا وإيطاليا وروسيا والمملكة المتحدة.
وأبرزت الهيئة المديرة حرصها على أن تكون كل فنون نظم الكلمة ورسم الحرف حاضرة في أيام قرطاج الشعرية بكل أصنافها من شعر فصيح وشعر شعبي... ولغاتها أيضا من خلال ورشة عشاق الشعر التي يشرف عليها رضا كشتبان وستكون فرصة للإلقاء الشعر بالإسبانية والفرنسية والإنقليزية والروسية والإيطالية...
ولأن الشعر هو عزف إيقاع وموسيقى كلمات، فقد برمجت الدورة الثانية من أيام قرطاج الشعرية مجموعة من السهرات الموسيقية على غرار سهرة «السامور» للمخرج جمال بوستة وعدد من المداخلات الموسيقية...
4 ندوات فكرية على ركح أيام قرطاج الشعرية
لأنّ الشعر فن كوني ورؤية مخصوصة للعالم بإدراك الحواس والإحساس... لم تقتصر الدورة الثانية من أيام قرطاج الشعرية على ندوة فكرية واحدة بل اختارت التعدد في صيغة الجمع في وضع برمجة منابرها الحوارية، وذلك باختيارها التطرق إلى أربع مسائل كبرى تتعلق بفن القصيد. وتتناول الندوة الفكرية الأولى موضوع « أزمة نقد الشعر» في سياق المبحث التالي: «ينبغي أن نسجّل أنّ أسماء الشّعراء كانت تفوق دائما أسماء النّقّاد، وهذا دليل على أنّ الخطاب الشّعريّ يفوق كمّا الخطاب النّقديّ، ممّا يجعل متابعة النّقّاد للإبداع الشّعريّ محدودة كمّا وكيفا. ابتعاد القارئ يتفاقم كلّ يوم، ممّا جعل تقبّل الشّعر وقراءته وتذوّقه ونقده مأزوما. هذه الأزمة يعسر تشخيصها. فهل هي أزمة نصّ شعريّ أم أزمة النّصّ النّقديّ؟ أم هي أزمة مسافة؟ وتواصل أم هي أزمة تربية وثقافة؟».
وتحت عنوان «الشّعر وما بعد الحداثة» يهتم المنبر الحواري الثاني بالسؤال المركزي التالي : «هل انتقل الشّعر من الحداثة إلى ما بعد الحداثة بسبب العزوف عن طلب الجديد والتّجديد؟ أم انتقل إلى ما بعد الحداثة بسبب عودته إلى شكله القديم ونصوص تراثه الشّعريّ بما تحويه من إيقاعات وأوزان واستعارات وأغراض...؟ وكيف ينبغي فهم هذه العودة وتأويلها؟».
وتتناول الندوة الفكرية الثالثة في برمجة أيام قرطاج الشعرية بمحور»الشعراء الروائيّون» حيث «يلاحظ كلّ من تابع المشهد الثّقافي التّونسيّ أو العربيّ بروز ظاهرة جديدة هي الشّعراء الرّوائيّون، أي الشّعراء الّذين راوحوا بين كتابة الشّعر وكتابة الرّواية. فهذا الانتقال من جنس أدبيّ إلى آخر يدعو إلى التّساؤل عن دواعي هذا الانتقال: هل يفسّر ذلك بهيمنة الرّواية على السّوق الأدبي، فتضاءل من جرّاء ذلك حجم قرّاء الشّعر الّذي كان ومازال يتغذّى بحضور جمهوره ومواكبته لمحافله وإصداراته؟ أم يفسّر بدوافع ذاتيّة فرضت على الشّاعر التّنويع في تجربته الإبداعيّة؟ هل تغني التّجربة الشّعريّة الكتابة الرّوائيّة؟».
أما المنبر الحواري الثالث فيسلط الضوء على موضوع « شعراء مترجمون» ليسأل السؤال التالي:» ماذا يحدث إذا كان الترجمان شاعرا: هل ينبغي إن ننظر إليها على أنها ضرب من ضروب التناص فنعامل نصه المترجم بوصفه إبداعها شعريا؟».
ويُسدل الستار على الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية يوم 29 مارس بقراءات شعرية وتتويج الشعراء الفائزين في المسابقات الثلاثة في مسابقات «جعفر ماجد في الشّعر» و»العمل الشّعري البكر» و»المخطوط الشّعري الأوّل». ولئن كانت جائزة الأيام الكبرى في الدورة التأسيسية من نصيب منصف الوهايبي ويوسف رزوقة مناصفة، فمن سيكون صاحب التتويج في الدورة الثانية؟