بورتريه: الحرفية والتشكيلية نزهة بن ذياب بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الى المرأة.. لأنك أنثى فثوري وكوني عنوانا للارادة

اليوم عيدك، اليوم يومك يوم للاحتفاء بك، بكنّ و بنا، يوم للاحتفاء بانجازات المرأة ونضالاتها لإرساء كل تعاليم

الحياة بطريقتها الخاصة، المرأة الصامتة والصارخة المرأة التي تكتب بصوتها وبفكرها سيمفونية متمردة تعزف الحانها الحياة و تلاعبها وتعجنها كما يصنع الخالق خلقه من الطين، اليوم 8مارس اليوم العالمي للمرأة مناسبة لنقول لهنّ ما اجملكنّ وما ابهى وجودكنّ وثوراتكنّ فانتنّ قبس النور وقبس الامل وبإرادتكنّ التي لا تأفل ولا تفل تصنعن مجد هذا الوطن.
ضيفة «المغرب» في هذا العدد من هناك، من منطقة حدودية صنعت ملحمة للوطنية و المفخرة و الصمود من البليدة (اسم مدينة بن قردان) تكون ضيفة «المغرب» لليوم، وهي حرفية وفنانة تشكيلية تستعمل الريشة للتزويق ومع حركة الخط و اللون تكتب نزهة بن ذياب كلّ تعاليم الحب والمقاومة و بريشتها تقاوم وتقدم انموذجا عن «المرأة البنقردانية» الشامخة شموخ البلدية.

الحرفة فن والتزويق تجسيد لجمال الحياة
طفلة لا تكبر، تجري هنا وهناك، تتحرك بسرعة في المعرض، ترحب بهذا وتسأل تلك عن حاجتها وتجيب ثالثا عن التحفة المعروضة وتجيب رابعة عن السعر وتجيب خامسة عن بعض الاسئلة، تتحرك مثل ملكة النحل في خليتها، حركة سريعة ودؤوبة لا تهدأ، منذ مدخل المعرض تعترضك نزهة بن ذياب مبتسمة، ربما جرت لتعانق أحدهم وتستقبله بحرارة، الكل هنا يبحث عنها ويسال عنها وكأنها بوصلة المكان وسرّه، والسبب هو خفة روح تميزها وضحكة ترسمها على محياها فتبدو كزهرة برية ثائرة وجميلة.

تنكب على المحامل لتزينها وتكتب فوقها اجمل تباشير الجمال، مختلفة تصنع من اللاشيء تحفا فنية تجمّلها من روحها، ها هو الأرجواني يتماهى مع الازرق فيكتب قصتها مع الالوان وحكايتها مع الحرفة « منذ الطفولة كنت اعشق الخياطة والتطريز وكلّ ما يصنع باليد، منذ الطفولة اشعر ان الحرفة ابداع وهي جزء مني، حاولت تطويره والاهتمام به ايمانا انّ الحرفة فنّ ايضا وتستحق الالتفات اليها لانها جزء لا يتجزأ من ذاكرتنا الجماعية وتراثنا وهويتنا ايضا» كما تقول محدثتنا التي اختارت التوجه الى الحرفة والتزويق بكل الحب.

فنانة يقبل عليها ابناء بن قردان ومريدو فنّها، عاشقة للون والزينة، للخط حكاية وللرسم أيضا تجربتها في فنّ الحرفة انطلقت منذ الطفولة مع الخياطة «لكن بحكم اعاقتي لم استطع مواصلة فن الخياطة لأنها تتطلب جهدا أكبر فاتجهت الى عالم الألوان لأنه جزء من الروح» كما تحدثنا نزهة او «سنفورة» بكل فخر عن تجربتها في عالم الحرفة الذي عشقته وأصبح ملاذها الان بعد تجارب عديدة.

نزهة توجهت الى الحرفة والألوان بريشتها تكتب الياذة الامل وتقاوم «نظرات الشفقة التي تراها في أعينهم كثيرا، يرونني ناقصة لكن أراني اكثر قوة من نظراتهم تلك «على حدّ قولها فهي تعلّمت المواجهة منذ النعومة، تعلمت أن تصنع من اختلافها عاملا للقوة وتكتب مسيرتها بالفن وتصنع طريقا متمردا تنجح في عبوره وان ازدادت عقباته عملا بمقولة هنري وادسورث لونجفيلو «في هذا العالم القاسي على الانسان ان يكون أما المطرقة أو السندان وليس ايّ شيء آخر» وفنانتنا اختارت ان تكون مطرقة تدق مسامير الظلم و الجهل والتمييز والاقصاء وتصنع لنفسها مسارها وتصبح «نزهة بنذياب» من رموز المرأة الفنانة المناضلة في بن قردان.

«أنا مرا، واعاقتي سرّ قوتي»
تحدت «نظرات الشفقة» واجهت بكل شجاعة كلمات موهنة مثل «مسكينة» و «معوقة» و«شبيها هكاك» و«هل تستطيع ان تنجح؟» وبالفعل نجحت فكل الطاقة السلبية التي تواجهها المرأة في مجتمعنا و المرأة من ذوي الاحتياجات الخصوصية تحديدا صنعت من نزهة فنانة صلبة تعجز كلمات السوء عن تفتيت عزيمتها وحبها للفن، للون للخط للرسم وللخلق وهي تخلق لوحة تعجّ بالحياة من العدم.

تعمل وتبدع لتنجح عملا بمقولة عبد الرحمان منيف «لا أريد أن أكون فيسلسوفاً ، لكي أفسر أو ابرر مواقف البشر، واعتقد ان لا ضرورة لذلك أبداً ، كل ماكنتُ أبحثُ عنه نقطة إرتكاز، ولقد وجدتها ، يمكن ان أسميها العناد ويمكن أن يسميها غيري القناعة، أو التحدي ، المهم إنني وجدتُ تلك النقطة، وهي التي حمتني، جعلتني عصياً على كل قِوى الارض، وأقسى من الصوّان».

صاحبة الثمانية والعشرين ربيعا، البشوش المبتسمة على الدوام، تلك التي حوّلت وجع الاعاقة املا ورسمتها على كلّ المحامل البلور و الفخار والقماش ،احبّت الفن التشكيلي وعشقت الحرفة و»بحكم اعاقتي توجهت الى التزويق لان اسهل من حيث الممارسة» فنجحت وصنعت لنفسها اسمها في مدينتها بن قردان وولاية مدنين عموما وباتت انموذجا للمرأة المقاومة المؤمنة بقدرتها والواثقة من نفسها رغم قساوة المجتمع «الذي واجهني اولا بالشفقة ونظرات موجعة، اوجعتني نعم، لكن لم اظهر لأحدهم يوما ضعفي او وجعي وانما حوّلت كل ذلك السأم فنّا، وكلما شعرت بقليل من الالم رسمت كثيرا من الأمل كما تقول محبة الحياة نزهة بنذياب.

نزهة امرأة قوية، صغر حجمها و»اعاقتها» التي تصرّ على التمسك بها لم يمنعاها من الإبداع متصالحة مع ذاتها، تحدثك عن اعاقتها دون حرج لانها ترى في اختلافها عن الاخرين قوة وليس ضعفا، انموذج للمرأة الفنانة الطموح التي لا تخاف صعود الجبال ولا ركوب الخطر لتحقيق ذاتها الى المرأة في عيدها تقول «لا تخافي، ثقي انك مميزة وثقي انك خلقت لتكوني فاعلة وقوية، لست ضلعا ولست مفعولا به بل انت رمز الفعل والأمل فاحلمي وحققي ما تريدين» وإلى النساء من ذوي الحاجيات الخصوصية وجهت نزهة رسالة تحد قالت فيها «لماذا الخوف؟ لست بناقصة، واجهي المجتمع وكل من يريد اقصائك لأنك انثى قاومي فالإعاقة في الفكر وليست في الجسد وإذا رفضك المجتمع فواجهيه وتحدي كل سلبياته لتفرضي نفسك» .

طلقة اللسان، بديعة الكلام، افكارها مرتبة تعرف كيف تجادل وتحاجج لذلك تم انتخابها في المجلس البلدي للشباب لتمثل ذوي الاحتياجات الخصوصية وتدافع عنهم، أرجو أن أعمل بجد لاكون ممثلتهم حقا وصوتهم ولست مجرد اسم ورقم في القائمة» كما تعبر نزهة التي كسبت من اسمها الكثير من جمال الروح وبهاء الطلعة وطلاقة اللسان.
نزهة بنذياب تونسية تنتمي الى الهناك في بن قردان تعلمت معنى الشموخ والتمسك بكامل حقوقها دون تجزئة علمتها الحياة وقسوة الاخرين أنها امرأة ونصف عليها ان تثور وتواجه لتصنع لنفسها ولمحبي الحرفة والفن مسارا تكتبه بالوان مضيئة وبهية كضحكة طفلة صغيرة، وتنحت لها طريقا تكتب فوقه ببنط عريض «انا انسان».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115