شظايا: رسالة الى اصحاب الوعود والورود: وعودكم اقضت مضجعنا

عفوا ان اقلقت راحتكم، سادتي الكرام، ايها الجمع الموقر اصحاب السيادة والريادة والفخامة، ايقظتموني من سباتي،

اقلقني صراخكم ونفاقكم ووعودكم التي وصلني صداها، كنت هانئة في قبري، وسط اموات اخرين اكثر حياة منكم، نمت لثلاثة أعوام، وأنا انتظر تحقيق القليل مما وعدتم به اهلي، ها قد جفّ دمي من ارض جلّال اتعرفون جلّال ام نسيتم الاسم ايضا؟ جلّال التي انطلقت منها اولى رصاصات الغدر جلّال التي كان اهلها سند الأمنيين والعسكريين، وهم يهتفون «يا ارهابي يا جبان، بر تونس لا يهان»، هل تذكرتموني؟ اعرف انكم «نسيتوني، اكيد نسيتوني، انا حلمتكم، انا سركم، انا وحدتكم، انا سارة، سارة الموثق، تذكرتوني؟» ربما تتذكرون اسمي جيدا انا «الشهيدة» «سارة التي سماها البعض عروس بن قردان، وحارسة الحصن، و اسماء اخرى» لكن انا «سارة الطفلة التي شربت ارض جلّال دمها هذا ما اعرفه جيّدا» ، حتما تتذكرون كلمة والدي «بلادي قبل اولادي».

لكن «بلادي» البليدة مرضت من وعودكم الكثيرة، البليدة اثقلتها وعودكم الزائفة وشعاراتكم الرنانة، البليدة بن قردان الشامخة اتعبتها كلماتكم وهتافاتكم الم تقولوا «بن قردان العاصمة الثانية للجمهورية» وبعد ثلاثة اعوام من ذكرى ملحمتنا لم نجد إلاّ عاصمة للبطالة، للتهميش لصفر في التعليم وصفر في الخدمات واصفار كثيرة أخرى؟ .
ايقظتني جلبتكم، اصوات السيارات والشعارات وعبارات الترحاب، اقلق مضجعي خطابكم الواحد وان تغير الاشخاص فكلماتكم واحدة و «سين تسويفكم» اصبحت كما السيوف على رقاب الاحياء، اما نحن الاموات فرائحة ورودكم تزكمنا، كرهنا ورودكم غير العطرة، كرهنا كلماتكم، سمعت أصوات صفير فنهضت وتساءلت وقلت ربما تحققت انجازاتكم، ربما البليدة اصبحت بلدية سياحية، ربما «البلايك» اصلحت وحققت القليل من الكثير، ربما عدتم هذه المرة للفعل لكن جولتي في البليدة زادت وجعي، وجع على المدينة التي قال عنها والدي «وطني، قبل بطني» لكن بطون ابناء بلدتي خاوية وجيوبهم نخرتها البطالة فهل هكذا تجازون صناع ملحمة الشموخ ، الم تصرحوا وتقولوا «اوهام انصار الموت والخراب تحطّمت على أسوار بن قردان» وأبناء البليدة اليوم يبحثون عن اوهام الحياة والتشغيل التي وعدتم بها.

عفوا مرة اخرى على إزعاجكم اكملوا جولتكم في مدينتي، اكملوا الفاتحة على قبورنا، تامّلوا قليلا صورنا، هل غرّكم ارتواء التراب ولونه البني الداكن؟ لا تصدقوا فبمناسبة زياراتكم سقيت الارض ونظفت الساحة التي تسمت بأسماء شهداء الملحمة فهنا في البليدة ككل جزء من تراب هذا الوطن كلما سمعوا بزيارة مسؤول الاّ وسقيت الارض الجرداء.
سادتي الكرام انا سارة الموثق كنت طفلة الاربعة عشر عاما ذات 6مارس 2016 انا سارة الشمعة التي اضاءت دروب تونس اقول لكم تجوّلوا واكتبوا قائمة اخرى من الوعود ربما سينساها الاحياء لكن الشهداء يتذكرونها جيدا، من سالت دماءهم لحماية بن قردان يرونكم ويسمعون اصوات ضمائركم حتى، نسمعكم ونصغي لكل ما تقوله عقولكم ولازلنا ننتظر ان تحققوا القليل للبليدة، ننتظر مواطن التشغيل، ننتظر ان تكون بن قردان ببحرها وصحرائها ومعبرها وتاريخها منطقة للتشغيل والسياحة كما وعدتكم،سادتي الكرام انا «الطفلة او بقايا طفلة تجري، شوارعها من العنبر، انا ساره التي لازالت تحلم» أقول لكم نحن لن ننسى، اننا كنا الحصن المنيع ضدّ الغربان، لن ننسى أننا كتبنا ملحمة العزة والشموخ، لن ننسى اننا شعب «يبيع كل شيء والبليدة ما يبيعهاش» لن ننسى اننا ابناء بن قردان حارس الوطن المنيع ابدا...سادتي اكملوا سلسلة الوعود وساعود الى الهناك حيث الشمس تشرق حقيقية لأكمل «حلمتي» في ان تكون البليدة مدينة حقيقية وقبلها احملوا ورودكم معكم فالشهداء لا يريدون ورودا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115