لمسار تقدّم الاستعدادات لهذه المحطة الثقافية والفرصة المهمة ... فما هي أسباب هذه الاستقالة ؟ وماذا عن تداعيات هذا القرار؟
ليست هذه المرّة الأولى التي تسجل فيها استقالات في صفوف أعضاء الهيئة التنفيذية لتظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016، فقد سبق أن استقال عضوان من الهيئة التنفيذية في فترات متباعدة وهما «مراد سيّالة» والناطق الرسمي باسم الهيئة عبد الواحد المكني. كما شهدت لجان التظاهرة الـ 13 استقالات متلاحقة في صفوف عدد من أعضائها ... وأخيرا أعلنت الهيئة التنفيذية للتظاهرة عن استقالتها من مهامها والحال أن الحدث التاريخي على الأبواب !
استقالة غير متوّقعة
في حركة مفاجئة وقرار غير متوقع، أعلن سمير السلامي رئيس الهيئة التنفيذية لتظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 وأعضاءها المُمثلين في نجوى كمون ومحمد بن حمّودة ولبنى عبّاس ونبيلة المزغني وفوزي محفوظ وعايدة الزحاف عن تقديم استقالتهم من مواصلة مهامهم في الإشراف على تنظيم هذه التظاهرة الوطنية والعربية. وقد قدم المستقيلون أسباب الانسحاب في بيان موّجه إلى الرأي العام جاء فيه ما يلي:
«نحن الأعضاء المستقيلون من الهيئة التنفيذية لتظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 ، نتقدم إلى الرّأي العام بالتوضيحات التالية والتي كانت سببا في تقديم إستقالتنا:
1 - إحتجاجنا على ما تمت ممارسته من ضغط ومحاولات إرباك رئيس الهيئة سواء من داخلها أو من خارجها وعلى تهميش دور الهيئة عموما.
2 - تعنّت الوزارة في مركزية قرارها، وإعتبار الهيئة مجرد شمّاعة تعلّق عليها أخطاءها إزاء التظاهرة مع تشويه صورة أعضاء الهيئة وتحميلها مسؤولية فشل هذه التظاهرة، إضافة إلى وجود صعوبات على المستوى الجهوي لم يقع تذليلها.
3 - استيائنا واستنكارنا لوجود برنامج مواز يحاك في الخفاء من طرف المندوبة الجهوية للثقافة بصفاقس وتقديمها إلى الوزارة برنامجا وموازنة مالية دون الرّجوع إلى أعضاء الهيئة بما في ذلك الرئيس وأمين المال.
4 - إن الإعتمادات المبرمجة من طرف سلطة الإشراف لفائدة التظاهرة لم يقع ضبطها وتحويلها إلى حد هذا اليوم، مما ترتب عنه شلل التعاقد وإنجاز المشاريع الجاهزة والموثقة.
ونظرا لتراكم المشاكل وتشعّبها يوما بعد يوم، وجدنا أنفسنا أمام استحالة مواصلة العمل في هذه الأجواء المتعكرة. ومن منطلق شعورنا بالمسؤولية إزاء بلادنا، إرتأينا أن نتخلّى لترك المجال لفريق آخر نتمنى له كل النجاح.»
وقد أعلن الأعضاء المستقيلون أنهم سيقدّمون إيضاحات إضافية خلال ندوة صحفية سيفصحون عن موعدها قريبا.
لماذا تراجع رئيس الهيئة عن موقفه ؟
منذ البداية لم يلق تعيين سمير السلامي على رأس الهيئة التنفيذية لتظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة 2016 الإجماع المطلوب، حيث أثارت هذه التسمية العديد من الاعتراضات والانتقادات وصلت إلى حد المطالبة بتنحيته...وبتاريخ 22أفريل 2016، بعث وحيد الهنتاتي، نائب رئيس الهيئة التنفيذية لتظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 برسالة إلى وزيرة الثقافة سنية مبارك، جاء فيها:»حين اجتمعت بالهيئة التنفيذية و بمسؤولي الجهة و بعض وجوه المجتمع المدني يوم 28 مارس الماضي بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث واتفق الجميع على التعاون لإنقاذ التظاهرة وعلى تقليص مسؤوليات السيد سمير السلامي رئيس الهيئة وتكليف السيدة ربيعة بلفقيرة الكاتبة العامة بملف الفعاليات الثقافية للتظاهرة وتفعيل دور الإدارة التنفيذية وتكليف مسؤول عن الحملة الاتصالية وتعيين هيئة عليا برئاسة شخصية ثقافية مرموقة وإقناع المنسحبين والمبعدين للعودة خلنا أن الأزمة في طريقها للحل لكن رئيس الهيئة عمل كل ما في جهده خلال الأسابيع الثلاثة الماضية لإفشال الاتفاق ونجح في هذا المسعى ...لذلك فان خارطة الطريق التي اقترحها لا دور له فيها لأنه فشل فشلا ذريعا في تسيير التظاهرة ولأنه السبب الرئيسي في وصولنا للطريق المسدود. وهذا طبيعي جدا لأنه يفتقد للخبرة والكفاءة ويفتقد لرؤية ثقافية ولمشروع ثقافي . فكيف نطلب من شخص لم يتحمل يوما مسؤولية مهرجان أو تظاهرة ثقافية دولية أو حتى محلية أن يسير أكبر تظاهرة ثقافية في تونس في 2016 ؟»
وردا على دعوات البعض القائلة بأن «الحلّ يكمن في حلّ الهيئة وإقالة رئيسها قصد تصحيح المسار وإصلاح الحال»، سبق لرئيس الهيئة (المستقيل) سمير السلامي أن أكد في حوار لـ»المغرب» عدم استعداده لتقديم استقالته قائلا حرفيا :»لقد رفضت في حياتي الكثير من المناصب، وحتى لما اقترح علي الوزير السابق مراد الصكلي منصب رئيس هيئة صفاقس عاصمة للثقافة ترددت في البداية لضيق الوقت إلا أنني في النهاية وافقت رغبة مني في رد الجميل لبلادي. وبعده شكرتني الوزيرة المتخلية لطيفة الأخضر واليوم تدعمني الوزيرة الجديدة سنيا مبارك ... فهل يعقل أن الوزراء الثلاثة أخطؤوا في تقييمي خصوصا أمام حجم الاتهامات المجانية والادعاءات المتجنيّة على شخصي؟ ومن جهتي فأنا لن أستقيل. وإن أقالتني وزيرة الثقافة فإني سأتقبّل قرارها بكل رحابة صدر.»
ولهذا فإن قرار استقالة أعضاء الهيئة التنفيذية وخصوصا رئيسها سمير السلامي يبدو مباغتا وحتى مرتجلا باعتبار ضيق الوقت المتبقي على انطلاق تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، حيث لم يعد يفصل تونس عن هذا الحدث التاريخي إلا أسابيع قليلة حيث سيكون موعد افتتاح التظاهرة في شهر جويلية المقبل. وأمام عدم صدور أي تعليق أو قرار من طرف وزارة الثقافة إلى حد كتابة هذه الأسطر، فإن هذه الاستقالة قد تخفي تأويلات بالانسحاب خوفا من الفشل أو باستباق الاستقالة قبل الإقالة لكنها في كل الأحوال تدق ناقوس الخطر بوصول التظاهرة إلى طريق مسدود مما يستدعي التدخل العاجل قبل فوات الأوان؟
قائمة المستقيلين
• رئيس الهيئة: سمير السلامي
• أعضاء الهيئة: نجوى كمون - محمد بن حمّودة - لبنى عبّاس - نبيلة المزغني - فوزي محفوظ -عايدة الزحاف.