معرض «جسد وروح» لأمينة بالطيب في رواق القرماسي: «لو كنت غيري لصرت أنا مرة ثانية»

«من انا»؟ انا كل الحب، انا الإبداع انا الثورة والحرية والحلم، انا الريشة واللون يراقصها ليكتب اجمل رقصات الحب،

انا حلم جميل يدغدغ ذاكرتك، انا اصدق عبارات الحب وأجمل اللوحات وأمتع الاغنيات وأشرس المدافعات عن حقها في الابداع، انا تونسية حد النخاع وعاشقة لنفسي و للفن ولكل تباشير الحياة، انا التي يقول عنها شاعر تونس «نساء بلادي نساء ونصف» هكذا تحدثك اللوحة وأنت تتأملها وتردد اسمها «من انا» ،لتجيبك عن نفسها وعن من رسمتها وتخبرك بكل حب ان الفن مطية للمقاومة والفن جزء يجمع الروح بالجسد.
«الروح والجسد» هو عنوان العرض الذي يحتضنه رواق القرماسي للفنانة امينة بالطيبة مبدعة البورتريه و المنحازة للمرأة في رسوماتها فالمرأة عندها هي نبراس الفن ورمز لكل الحياة والمرأة من مقومات المعرض وعنوان الجمالية فيه.

البورتريه جزء من الروح
الوان ممتعة تدعوك إلى الدخول إلى المعرض والوقوف طويلا أمام لوحاته لتمتع ناظريك بسحر حركة للخط و اللون هنا رواق القرماسي بالعاصمة يفتح ابوابه لاعمال المبدعة امينة بالطيب لتقديم معرضها «جسد وروح» هنا لك ان تتجول بين الاعال حتما ستزودك بكثير من الحب وتبعث في روحك البهجة، ستنسى آلام الجسد امام بهاء ضحكة الشهيد، ستتامل الالوان وتلك النظرة الثاقبة وتتساءل عن رمزية العصفور في أقصى اللوحة، الشهيد شكري بلعيد يبدو كأنه حقيقي سترغب في ملامسة اللوحة للسؤال اهي حقا مجرد رسم ام انها احيت الشهيد؟، وأنت تتامل حركة الخط والدقة في الصورة ربما ستسمع كلمات الشهيد وهو يدعو التونسيين إلى الوحدة والحفاظ علفى تونس.

الى جانب بورتريه بلعيد يكون بورتريه للزعيم الحبيب بورقيبة في شبابه، ذلك المحامي الشامخ شموخ وطنه، ويبدو ان الفنانة من محبي بورقيبة ففي المعرض أربعة بورتريهات للزعيم كلها تعكس فترة عمرية ما وربما هو الاعتراف بدوره في تحرير المرأة التونسية والحفاظ على حقوقها مقارنة بنظيراتها في دول اخرى.

البورتريه جزء من الروح، البورتريه اجساد ووجوه ترسمها الفنانة لتبعث فيها القليل من روحها لإحيائها من صمتها فتبدو كأنها حقيقية تحادثك وربما تسألها عن سر ما فتجيب، فهاهو الصغير اولاد احمد ينظر من عليائه، بسيط وجميل سمرته البهية زادت اللوحة سحرا اولاد احمد رسمته الفنانة بكل الحب رسمته لتقدمه وهو ينظر الى الزائر قائلا «هن بأصابع فارغة والكف تملؤها ألحان يدخلن الكرم على عجلة وعلى مهل، يقطفن عناقيد الشعر وينسين الشعراء» .

ولان عناقيد الشعر تقطفها الفنانة لتشكل منها الوانا تضعها على اللوحة فتكتب سينفونيتها الخاصة التي ترى بها الشخصيات التي ترسمها فللفنانة قدرة عجيبة على التقاط كل التفاصيل وتحويلها إلى عمل فني، لها طاقة رهيبة تلامس نظرات العيون وتكتشف تجاعيد الوجه وماتتركه السنون على المحيا، فنانة عاشقة للبورتريه تلتقط التفاصيل الدقيقة لتشعرك أنك أمام الشخص حقيقة ولست امام لوحة تشكيلية كذلك تكون سمات الشاعر نور الدين صمود بشعـــره الابيض الساحر ونظراته القوية ونصف ابتسامة تزين محياه والمنصف المزغني ينظر الى ضيوف المعرض وكأنه يصرخ ويقول «يا قيود الصمت فكي قيدك الدامي عني».

لوحاتها تخطف انظار الزوار تفاصيل مبهرة كان الفنانة تستحضر جزءا منها لتكتبه وتخطه على البياض، تقترب من الحقيقة وتحاكيها بشكل ملفت، تمتعك بالألوان وتتقن جيدا استغلال المساحة واللون لتقديم فن البورتريه.

أنا قبس الحب.. والحياة
هن الجمال، هن ابتسامة الرضيعة وحكمة العجوز وقوة السياسية وشراسة الشامخات، هن نساء الوطن وسر قوته، هن الفن والإبداع هن لوحة تشكيلية تكتب تفاصيلها امرأة عاشقة، هن قبس الحب ونبراس الجمال وكل تفاصيل الحلم اللذيذ، فالمرأة بكل تفاصيلها ساحرة بقراراتها وحنكتها وجنونها وقوتها تكون مميزة ولأنها كائن هلامي مميز تبدع امينة بالطيب في تجسيدها ورسمها في لوحات بعضها حقيقي «بورتريه» وبعضها الاخر من صنع خيال الفنانة المقبلة على الفن واللون.

فـ «حريتي» تنعكس في عيني فتاة شابة مع عصافير حولها لوحة ميزتها البني لون التراب يلتحم مع الارجواني ومسحة من الاصفر وكأنها تعبيرة عن رغبة الشابات في تحطيم كل القيود للحصول على الحرية اما الابتسامة فتصبح «عشق الحياة» فالابتسامة سلاح المرأة لتقاوم وتواصل خوض معركة الحياة التي تكون «لغز» متداخل الالوان احيانا فيمتزج الاخضر مع البني ويتوزع في مساحة محدودة مع القليل من البياض كأنه ضوء يضيء اللوحة وأمل يضيء الشخصية المرسومة التي تكون احيانا حقيقية ومرات متخيلة.

بين القوة و «الخوف» تتوزع مشاعر المرأة وهي انعكاس لمشاعر الفنانة وهي تقبل على الرسم، لوحاتها تحاكي ذاتها وتحاكي خلجات الروح وارهاصات الفكرة، فهي تقبل على اللون و المساحة البيضاء وتملؤها بما يخالجها فتبتسم حينا وتستمتع بالحرية فيكون اللون الازرق والزهري وأحيانا تكون نرجسية ربما من ردة فعل مشاهد اللوحة فتكون الالوان الداكنة التي تقلق العين وتطرح السؤال.

في لوحاتها تقدم الفنانة كل انواع النساء تقريبا نجدها تخشع امام لحطة وداع ام الشهيد فيكون اللون الاحمر مع قليل من السواد وهاهي تحاكي الشموخ المرسوم على وجهة «زعرة» ام الشهيدين، ومرات تعود طفلة ترسم بكل الالوان الزاهية فتكون الابتسامة والالوان المختلفة ميزة اللوحة، ومرات تكبر سنوات فتقل «تجاعيد» الزمن وتكتبها بكل دقة على وجه «دوز» و شخصيات لعجائز اخريات تركت السنون بصمة على وجوههن فنقلتها الفنانة بكل تلقائية ومرات تصحبك الى الذاكرة و «الحمام والسفساري» وترسم تلك البهجة والجو النسوي القديم كانها تستحضر ذكريات منسية، فبريشتها تحاكي امينة بالطيب المرأة بكل تفاصيلها وسحرها وقوتها.
امينة بالطيب العصامية التكوين الرسامة التي عايشت التفاصيل لسنوات في عملها في مجال التربية باتت خبيرة في التقاط الجزئيات لتشكيل ابهار اللوحة وسحرها، تلك العصامية العاشقة للبورتريه ابدعت في هذا الفن وباتت من رموزه في تونس، ترسم إلى حد أن صاحب الصورة سيقول على لسان درويش «لو كنت غيري لصرت أنا مرة ثانية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115