ندوة «تونس في عيون شبابها» بمركز الأرشيف الوطني: أفكار وأحلام ترسم لوحة تونس الأجمل

«الشباب هو أمل شاخص ودم راقص»، هو من يقود الثورات ويصدح بحرارة الحياة... ولكن يحدث أن تفتك منه الكلمة

وتُصادر منه السلطة وتُسرق منه الآمال والأحلام. وحتى لا تنفلت من الشباب فكرة النجاة في اللحظة الحاسمة ولا تضيع طموحاته على ناصية المعركة، منحت الجمعية التونسية للتربية والثقافة الفرصة والمناسبة للطاقات الشبابية والمواهب الصاعدة في شتى المجالات للتعبير عن ذواتها ونقل أفكارها ونحت مسيرتها في ندوة بعنوان «تونس في عيون شبابها» احتضنها مقر مركز الأرشيف الوطني في العاصمة يوم الجمعة 8 فيفري 2019.

«تونس في عيون شبابها» عنوان ندوة نظمتها الجمعية التونسية للتربية والثقافة بالتعاون مع مركز الأرشيف الوطني كان فيها للشباب المنبر والمصدح والكلمة...

الكلمة للشباب لرسم تونس الغد
«وما كل أيام المشيب مريرة… ولا كلّ أيام الشباب عذاب» حيث يمكن أن تكون أيام الشباب منصرفة إلى المعرفة وتحصيل العلوم، متقدة بالبحث وإعمال العقل من أجل نحت ملحمة الذات في قلب الوجود. هؤلاء الشباب كانوا محل تقدير واستضافة من طرف الجمعية التونسية للتربية والثقافة التي منحتهم المكان والزمان ليتكلموا عن آمالهم واهتماماتهم وطموحاتهم ويبوحوا بشيء من سيرهم ومواهبهم في كل المجالات من فن وتعليم وإعلام وسياسة واقتصاد وآداب...

في كلمته الافتتاحية أشار رئيس الجمعية التونسية للتربية والثقافة رضا كشتبان أن تنظيم ندوة «تونس في عيون شبابها» يندرج في سياق «الرؤى النّاقدة لواقع البلاد في مختلف المجالات بحثا عن صورة مشرقة لوطن يشهد تحوّلات على جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقيـــة والاعلاميـــة والتعليمية». وورد في تقديمه لأهداف هذه الندوة ورهاناتها ما يلي:» قديما قال إخوان الصفاء: عليك بالشباب السّالمي العقول والقلوب. فالطّاقة الشبابيّة قوة كامنة في هذا الوطن، وجسر يرتقي بالبلاد إلى مصافّ الفعل والبناء ومقاومة لثقافة الهدم والتّخريب. ولدينا نماذج عديدة عن الشباب المتقد حماسا وإبداعا على غرار شاعر الخضراء أبي القاسم الشابي والأديب علي الدوعاجي والخطيب علي البلهوان ... واليوم ها نحن نفسح المجال للشباب ليتكلم عن تونس كما يراها وكما يحلم أن تكون وليرسم صورة استشرافية راقية بعيدا عن الفكر السلبي الهدام».

صخب الفكر في رحاب المعرفة
أينعت ثمار الفكر والعلم في ندوة «تونس في عيون شبابها» من خلال مداخلات وتدخلات مسكونة بالسؤال، ومستفزة للسواكن ومثيرة للاهتمام... فضجت بصخب الأفكار وروعة حوار العقول مع العقول.

وقد حملت مداخلات الندوة العناوين التالية: «الفن الفوتوغرافي وأبعاده الرمزية» لشيماء الفزاني و«الفن بوابة المستقبل» لمنيرة بلعزي و«القناع بين الأنا والآخر» لسماح بوشعالة المكني و«على أي قيم تؤسس مدرسة الغد؟ لعزيز الأحمر» و« le peuple léthargique»  لسيرين السّوسي و«الشباب والإعلام الجديد» لهاجر المنصوري و«صورة الشباب اليوم في الإعلام» لريم القمري و«لعبة السلطة بين الخواصّ والعوامّ» لريم المرايدي و«تونس والعملات الافتراضية» لعبد الستار الرايس...

وقد حصدت محاضرة الأستاذ المبرز في اللغة العربية عزيز الأحمر العديد من التفاعل وحظيت بقدر كبير من النقاش لأنها تضع الإصبع على داء المدرسة التونسية وتكشف مواطن علل برامجها التعليمية وثغراتها وتناقضاتها والتي يحدث أن تخالف مبادئ الدستور التونسي مستندا في ذلك إلى أمثلة حيّة من مختلف كتب التدريس. ولم يكتف المحاضر بتشخيص أمراض المدرسة التونسية بل اقترح جملة من البدائل والحلول لعل أهمها تدريس مادة الفلسفة في سن مبكر لتنشئة التلميذ على الفكر النقدي...

وإن يضيق حيّز المساحة هنا عن تعداد مزايا مختلف المداخلات وإضافاتها في ندوة «تونس في عيون شبابها» ، فيمكن الإشارة إلى أن محاضرة الباحثة في قضايا الجندر هاجر المنصوري والتي بسطت مفهوم المقاربة الجندرية وأبرزت كيف يمكن أن تفكر المرأة بعقل الرجل لتكون عدوة نفسها في أحيان كثيرة !

كما أحكمت الفنانة التشكيلية سماح بوشعالة المكني نسج خيوط مداخلتها عن لعبة القناع في التخفي والظهور، في مخاتلة الذات وخداع الآخر من منظور لوحات عدد من الفنانين العالميين... لتصل في النهاية إلى تجربتها الشخصية في اختيار القناع موضوعا لرسوماتها وفضاء لأفكارها وألوانها...

انتهت ندوة «تونس في عيون شبابها» بعد أن فاضت أفكارها وكلماتها لتغرق في بحرها تحديد التوقيت... لكنها فتحت أبوابا جديدة لمشاريع ندوات قادمة و أشرعت النوافذ على آفاق ليست ببعيدة في عيون شباب يمسك بين يديه جذوة الحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115