المهرجان العربي للأغنية الملتزمة في دار الثقافة ابن رشيق: فرقة الحمائم البيض.. يا وطني نريدك شامخا عنيدا كآخر أغنيات الشهيد

إلاهي اسمعت صدى موسيقاهم؟ اليست جزءا من روحك؟ الم تمتعك كما امتعت مستمعيها؟،

ألاهي اهي مجرد نوتات ام هي دقات القلب و وخفقات الروح ؟، يا خالق كل شيء جميل، هل كل سحر الموسيقى من خلقك ايضا ام ان بمفعول سحرها كان الخلق جميلا؟ إلاهي اسمعت نوتاتهم هلا شعرت انها تخاطب الروح دون حواجز اهي من سمات جنتك الموعودة؟ ام هي اختصار لكل الجمال والسحر الذي نشرته على البسيطة؟ هكذا سيتساءل كل عاشق لموسيقاهم وكل مستمع لسحر نوتاتهم التي تدفعك الى ركوب بساط الحلم دون تفكير.
في لقاء جد رائع كان الموعد مع جمهور عاشق للموسيقى الملتزمة بقضايا الانسان لقاء مع مجموعة لا يكبر افرادها وان تقدموا في السن، في ابن رشيق رفرفت الحمائم البيض وفي رفرفتها نثرت اجمل النوتات كما تنثر ورود العشق ورفع عمار وزكرياء والياس موسيقاهم عاليا ليغنوا للحرية للحب للشهيد للوطن الشامخ العنيد في المهرجان العربي للأغنية الملتزمة.

الحمائم البيض قصة نضال
كلماتهم رنانة موسيقاهم سلاح ضد كل الوان الظلم والتمييز، اصواتهم وهتافاتهم مطيتهم للتعبير عن الرفض، آلاتهم الموسيقية سلاح وقاد يحاربون به كل انواع الظلم، اسمهم جميل وممتع «الحمائم البيض» اسم يدل على السلام ويدعو الى الامل لكنه مشحون بكل شعارات التمرد والدعوة الى الثورة المتواصلة، والحمائم البيض من الفرق الموسيقية الملتزمة التي ظهرت في الثمانينات وتوجهت الى الاغنية الملتزمة كلمة ولحنا للتعبير عن صرخات الشعوب وتكون صوتهم للحرية، اشتق الاسم من قصيد للشاعر التونسي مختار اللغماني «احزان الحمائم البيض» وقد ادت الفرقة القصيد وغنته بعنوان «اقسمت على انتصار الشمس»، هم اقسموا على انتصار الشمس منذ 1980، اقسموا على ان يكونوا شعاع للامل، اقسموا ان تنتشر شمسهم في الفضاءات الطلابية والجامعية والثقافية، اقسموا ان يكونوا شمسا لا تغرب واقسموا ايضا على الولاء فقط للموسيقى الملتزمة لتصبح الحمائم البيض منذ تلك الفترة الى اليوم عنوانا لإرادة لا تكسر وشمس لا تغيب، فغنوا للشيخ امام عيسى وغنوا لأحمد فؤاد نجم وغنوا من اشعار ادم فتحي و ومختار اللغماني ومنور صمادح وغنوا لبابلو نيرودا ومحمود درويش ومعين بسيسو.

موسيقاهم ساحرة، نوتاتهم متميزة، كلماتهم سينفونيات للوجيعة والحب والحياة، كلما عزفوا أمتعوا هم اربعة لكل منهم سحره في العزف، حشاد القبي عازف العود وزكرياء القبي مجنون الكمان وعمار القاسمي عاشق الناي ومروض نوتاته والياس القبي بطل الكولومبي، وفي ابن رشيق اجتمع ثلاثة فقط وهم عمار وزكرياء وإلياس ليمتعوا الجمهور ويدغدغوا الذاكرة ويوقدوا شموع الضياء في الذكرى السادسة لرحيل الشهيد شكري بلعيد.
في العام 2019 وبمشاركتهم في المهرجان العربي للأغنية الملتزمة عزفوا موسيقاهم القوية والصادقة اشعلوا شمعة الامل واستحضروا القليل من ابداعات كثيرة فمنذ اول لقاء بالجمهور عام 1980في منزل بورقيبة والحمائم ترفرف وتنثر اجمل الموسيقات نذكر منها موسيقى المعركة» و «وكر النسور» و «العبور» و «لذة القلق» و «علاء الدين»مع اغاني خالدة يحفظها كل روادهم ابرزها «الشيخ الصغير» و «اوكاموتو» الخمسة الي لحقوا بالجرة» و»صرخة عطش»، غنوا حلموا وشاركوا لجمهور نشوة الاستمتاع بموسيقاهم وهم يهتفون بشعار بالفن والموسيقى سنقاوم جهلهم ولننتصر للحياة ليكون القادة اجمل.

زكرياء القبي عاشق اكمان الذي لا يمل
يلاعب أوتـــار الكمنجة كطفل يعشق لعبته، يداعبها كمحب يتأمل شعر محبوبته ويلامس سحــرها، يراقصها كما راقص التانغو، موسيقى الة الكمان تصبح اجمل مع زكرياء القبي فهو العاشق المتيم بكمانه، هو العازف الماهر الذي يعزف بكل الحب فتكون النوتات مختلفة، الموسيقى في «لذة القلق» تكون كأنها صرخة داخلية ربما هي تعبيرة عن وجيعة الفنان يحولها الى نوتات جميلة موجعة وممتعة، لسنوات وزكرياء القبي يلاعب كمانه، يخرج من قلبه اجمل الالحان والنغمات، نغمات حنونة حينا ومتمردة احيانا أخرى متى يعزف ستشعر انه يقول «انا لست انا، انا نوتات تائهة ثائرة، أنا رقة الكمان وصرخات الموجوعين، انا الحُلمُ والحلم ونبض الجمال، يعزف وكأنه يعيد قسمه الأول:
«اراك يا بلدي حلما في اعين الكبار، وفجرا سرمديا في اعين الصغار، ولحنا في مواويل الفلاحين،اراك ابدا شامخا عنيدا يا اجمل وآخر اغنية رددها الشهيد، فلملم الجرح والأسى لأننا من جرحنا سنصنع الضياء».
كلما عزف زكرياء صنع الفارق فلموسيقاه سحرها، لطريقة عزفه المتفردة ايضا حضورها فكلما امسك الكمان تحول الى مارد لا يقهر فهو يرقص ويراقص النوتات، سريع الحركة كموج لا تعيقه حركة المد ولا حركة الجزر، زكرياء القبي قنديل يضيء عتمات موسيقى الكمان، طفل لا يكبر فكل فيديوهات المجموعة عبر السنين تبرز انه يعزف بنفس الحماس والروح يعزف بكل تلقائية وطفولة.

عمار معلم الصبيان طفل لن يشيخ
نوتات الناي الهادئة تتصاعد تدريجيا، صوته يغري المتفرج بإغماض عينيه والتأمل إلى حد السمو الى عالم هلامي تنتفي فيه كل الحدود والحواجز المكانية والزمانية، صوته كصرخات العشاق وانين المبعدين، هي تعبيرة عن وجيعة الوطن والمواطن، صوت الناي الحزين يبعث في الروح الألم مع تدرجات الصوت يصبح املا جديدا فهو كالرماد الذي يخلف النيران نظنه ميتا ليشتعل فجأة ويوقظ جذوة التمرد فينا، عازف الناي الممتع الطفل عمار القاسمي او معلم الصبيان كما يحلو لاترابه ومحبيه تسميته فهو المعلم والعاشق لتلك الالة والملتزم بقضايا الوطن والانسان، عمار القاسمي عازف الناي في مجموعة الحمائم البيض، المتيم كطفل يصنع نايه بيديه موسيقاه ساحرة وصاخبة، يخاطب الجمهور بين النوتة والاخرى، أداؤه يجمع الغناء والنكتة والتماهي مع موسيقاه، كل من يستمع اليه يطلب منه بنت القمرة الاغنية التي تقول كلماتها « بنت القمرة عشقتني وانا غريب، ماتعرفشي الي في بلاد الغربة الحب صعيب، شجرة تمنيتك في قلبي، فروعها تظلل عقلي،عروقها تنبت في قلبي، شجرة تمنيتك، لكن في زمان الغربة تموت الامنيات» اغنية يغنيها عمار القاسمي منذ اعوام لكن لكن مرة طريقة مختلفة في الاداء والآهة و توزيع اللحن و الكلمة ايضا فهو المبدع الازلي الباحث عن التجديد دوما.
اللقاء مع الحمائم البيض ممتع دوما، لقاء ممزوج بروح شبابية لا تكبر فرغم تقدم اغلبهم السن لازالت الروح الشبابية ميزتهم، اللقاء مع الحمائم البيض ممتع ومغر ويدفع المتفرج للغناء ورفع الصوت مع جنون الكمان وسحر الناي وروعة الكولومبي والهتاف عاليا باجمل ما كتبه ادم فتحي «الشيخ الصغير».

«إن شخت كالجذع يوما
وغادرتني الطيور
فقد مشيت طريقي ولم تعقني الصخور
سيملؤون السلال ليرحلوا بالقليل
و أكتفي بالقليل لأصنع المستحيل
كم عاش غير طويلا من أجل
حلم ضئيل
وعشت من أجل غيري عيش المحب الجسور»

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115