قاعة الاوبرا: «هذي غناية ليهم».. نغني كما غنى الرعاة للحياة

الموسيقى التزام،الموسيقى صدى للخفقات الحالمة والاصوات الثائرة، الموسيقى صوت الحالمين وصوت الصادقين

وصرخات المتعبين، الموسيقى مطية للتعبير عن التمسك بالحياة ومطية للقول لا للتهميش وكفانا ظلما وتهميشا هي ايضا اداة للحلم فمع نوتاتها يمكن للمرء ان يركب بساط الحلم ويراقص كلماتها الجميلة، الموسيقى فعل انساني بامتياز وفي هذا السياق كان لقاء جمهور قاعة الاوبرا بمدينة الثقافة مع عرض تونسي الروح متميز تعود عائداته لسكان سفوح جبال القصرين.
«هذي غناية ليهم» هو اسم الحفل الذي احتضنته قاعة الاوبرا بمدينة الثقافة، اثثته الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة محمد الاسود وغنى فيه كل من لطفي بوشناق ومحمد الجبالي ومنير المهدي وهالة الهرماسي مع قراءة شعرية لياسين حمزاوي.

لسكان سفوح الجبال كل التحايا
سكنوا سفوح الجبال، تمردوا كما صخور الجبل تعلموا منه الشموخ والقوة، يعيشون في هدوء ويحاولون معاندة الحياة بعد أن تناساهم التاريخ وقست عليهم الجغرافيا ثم زادهم بؤس الفكر الداعشي مأساة بعد ان استوطن الجبال وحرم الكثيرين من الدخول الى الجبل مرعاهم وسندهم في الحياة، اليهم غنوا بكل الحب ، الى جامعات الاكليل الصادقات ارسلوا رسائل الحب و الحياة، الى الرعاة المتمسكين بجبالهم رغم وعورتها عزفت النوتات المتمردة التي تشحن المستمع بكل طاقات المقاومة، غنوا لأرواح شهداء تونس من الرعاة الذين قاوموا الظلم وجبروت الارهابيين وتمسكوا بجبلهم، غنوا للحياة فالرعاة رغم بساطتهم هم عنوان لإرادة الحياة.
غنوا وعزفت الالات الموسيقية اجمل النوتات، غنوا بمبادرة من الفنان ابن القصرين لطفي الهرماسي المؤمن بحق ابناء جهته في الحياة وحقهم في الابداع ولهم قدموا تظاهرة «هذي غناية ليهم» فهو ليس مجرد عنوان لاغنية وإنما يختصر الاعتراف بجميلهم بدورهم في الحياة والاعتراف بفضلهم في الذود عن تونس من الارهاب فهم خط الدفاع الاول عن كل التونسيين سكان المدن والقرى البعيدة عن مناطق الخطر.

لطفي الهرماسي كان وفيا لمدينته القصرين ولتلك الولاية المناضلة قال الشاعر ياسين الحمزاوي اجمل الكلمات التي تعرف بالقصرين وتحيي رجالها ونساءها الصامدين ليكون الموعد بعدها مع الفنان منير المهدي الذي أمتع جمهور مسرح الأوبرا بصوته الجميل وهو يشدو بأغنية وطنية «بغير هواها لا أرتضي»، وأشار إلى سعادته بالمساهمة في هذا الحفل قبل أن يقدم خاطرة لرابح الفجاري: نحب البلاد ولكن جحيم الصمت أذهلنا، تجوعنا، تقتلنا لنقتات من الصبر الذي فاق تحملنا»، كلمات عن الوطن صاحبتها نوتات الكمنجات الحزينة فكونت سيفنونية مميزة ثم غنى «يا ناس حبوا الناس» وما احوجهم إلى الحب ليقاموا جبروت التهميش وظلم الجبل.
ومن القصرين جاءت لتغني لجهتها، تساهم في حفل موجه الى سكان جهتها، غنت هالة الهرماسي بصوتها الجميل وقدمت صورة عن المرأة القصرينية الشامخة فكان صدى صوتها كاهازيج الحياة التي ترسلها جامعات الاكليل وهن يغنين متحديات كل مصاعب الحياة ليواصلن العمل والحلم بحياة افضل.

الكلمة التزام بقضايا الانسان
طفل صغير وعاشق لا يمل عشق الموسيقى محب وفي لعوده رفيق دربه الموسيقي لحضوره كل الابهة والجمال، كملك يتهادى على لركح هو سيد الكلمة، سيد النوتة، كل الآلات الموسيقية تصبح في خدمة العود وتتسابق لارسال اجمل شيفرات العشق، فنان لا يكبر او ربما منذ الازل ولد كبيرا، كلما غنى امتع وأطرب فنان تونسي الروح والكلمة يعشقه التونسييون والعرب جميعهم، الكبير لطفي بوشناق كان سيد الحفل ونبراسا للقوة ايضا.

تماهت النوتات الموسيقية، هاهو الناي يمتع الجمهور بنوتات كأنها شدو الحياة نوتات ابدع في عزفها حسين بن ميلود، ثم تحدث العود فصمت الجميع لينصت، اغنية التحية كانت «هذي غناية ليهم» اغنية يهديها بوشناق للصادقين الكادحين و الحالمين، للباحثين عن الحياة والمتمسكين بتلابيب الامل، اغنية لكل من يخفق قلبه بالحب وينبض بالحياة:

«هذي غناية ليهم...من القلب تحييّهم
اللي عايشين لينا و لا ريف ولا مدينة لولا عرق أيديهم
ويذوبوا كالشمعة و يخبيّو الدمعة على عيون أهاليهم
الناس اللي تعاني..و نساتهم الأغاني..هذي غناية ليهم»

اليهم غنى وامتع، اليهم قدم أجمل النوتات، وقال ابهى الكلمات، فلكلماته وقع البلسم على قلب المستمع، لطفي بوشناق غنى باقة من اجمل اغانيه، قدم «نساية» و»انت شمسي انت» و «نغني كما غنى الرعاة» تلك الاغنية التي تشعر المستمع انها من كتابة الرعاة فهي تلخص حبهم للحياة وشدوهم الدائم وغنائهم برغم الوجيعة، ومن قوة الرعاة استلهمت الاغنية كل تفاصيل الجمال فيها.

لطفي بوشناق ذاك الصرح الموسيقي المميز، لطفي بوشناق الملتزم بقضايا وطنه، الفنان المتمسك بوطنه ووطنيته امتع جمهور قاعة الاوبرا وأكد ان الفن التزام.

الموسيقى صوت الحالمين
ملحمة موسيقية كتبتها الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو محمد الأسود ملحمة ابدع في تصويرها الكمان في تماهيه مع الناي و الدرامز والآلات الايقاعية ملحمة تناسقت مع قوة صوت الفنان محمد الجبالي الذي ختم الحفل باجمل اغنياته التونسية الممتعة مع اغنية لعبد الحليم حافظ، محمد الجبالي صاحب الصوت القوي والشجي غنى لسكان سفوح جبال القصرين وبحضوره ارسل إليهم اجمل شيفرات التمسك بالحق في الحياة ومواصلة نضالاتهم لاجل احلامهم.

ولأن الموسيقى صوت الحالمين في كل مكان غنى الجبالي من التراث الفلسطيني اغنية «يا ظريف الطول» تلك الاغنية التي تناجي فيها حبيبة حبيبها الراحل وتذكره دوما بقيمة الوطن و الارض، اغنية هي تعبيرة عن رعاة الجبل الذين يعيشون هناك بعضهم يخامره حلم الرحيل ليعود مرة اخرى لحب الجبل، اغنية كانها صوت خالتي زعرة ام الشهيدين التي قالت انها ستغادر الجبل، وبعدها تمسكت بجبلها وبوعورة الحياة فيه، لان الجبل رمز القوة والحياة عند كل الرعاة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115