بعد فوزه بجائزة «ابن عربي الدولية للأدب»، المترجم رضا مامي لـ«المغرب»: الترجمة واجب حتى نكون سفراء للثقافة التونسية في الخارج

إذا كانت الترجمة هي «الإفراج عن فكرة أسيرة»، فلقد نجح الشاعر والمترجم التونسي رضا مامي في تحرير أسر عشرات الأفكار

وفك أسرار القصائد والأبيات... فإذا به ينثر شذرات من الشعر التونسي ما وراء البحار وفي القارات الأخرى، ويسافر بها من المحلية إلى العالمية. وتتويجا لجلّ أعماله انطلاقا من ترجمة الشابي إلى الإسبانية وصولا إلى كتابه «أنطولوجيا الشعر التونسي المعاصر الملتزم»، فاز الدكتور رضا مامي بجائزة «ابن عربي الدولية للأدب» بعد أن نجح في ترويض الحرف لينطق بلغة أخرى وليطير في السماوات البعيدة بلا قيد.

في استعارة اسمها من رمزية الفيلسوف والمتصوف الأندلسي «ابن عربي»، تمنح جائزة «ابن عربي الدولية للأدب العربي» لقبها ووسامها إلى شخصية عربية تقديرا لعطائها في مجالات الترجمة أو الشعر أو الرواية...
تتويج دولي بتوقيع إسباني

بعد أن حصل على جائزة جوستافو أدولفو بيككر الدولية للأدب (2013) وجائزة Escriduende للشعر في معرض مدريد للكتاب لعام 2015 وتم نشر مجموعة من أعماله الشعرية في مكتبة سيرفانتيس الافتراضية، يعانق من جديد أستاذ التعليم العالي في اللغة والآداب الاسبانية بجامعة منوبة رضا مامي  نشوة النصر والفوز بتتويجه بجائزة «ابن عربي الدولية للأدب» 2018.

ماهي نقاط القوّة التي رجحت كفة الميزان لصالح المترجم رضا مامي؟ وماذا تعني هذه الجائزة الأدبية المرموقة لصاحبها؟ يجيب صاحب جائزة «ابن عربي الدولية» فيقول في تصريح لـ «المغرب»: «كنت محظوظا باختياري من طرف دار النشر الإسبانية الشهيرة والعريقة «سيال بيجماليون» في العاصمة الإسبانية مدريد لأكون صاحب جائزة ابن عربي الدولية للأدب تتويجا لجلّ أعمالي سيّما منها نشري لثلاثة دواوين شعرية بالإسبانية وترجمة كتاب «من عيون شعر الشابي» إلى الإسبانية وإصدار كتابي المعنون بـ «أنطولوجيا الشعر التونسي المعاصر الملتزم»... هذا التكريم يتجاوز شخصي ليكون هدية إلى تونس ومبدعيها التي جاء تتويجها من طرف لجنة تحكيم مشهود لها بالكفاءة وتضم 10 أعضاء من النقاد والمختصين والأكاديميين من بينهم الدكتور شكري المبخوت والدكتور عادل خذر من تونس».

شعر الشابي في جامعات أوروبا وأمريكا الجنوبية
لم تقف ترجمة الشاعر رضا مامي لكتاب «من عيون شعر الشابي» إلى اللغة الإسبانية عند حدود التجربة وانتهى الأمر بل كانت هذه الترجمة المتدفقة بوهج النص الأصلي وصخبه قادحا لاهتمام الجامعات الإسبانية لتقرّر إدراج شعر الشابي ضمن برامج تدريس الأدب المقارن والأدب العربي المعاصر المترجم وفي أقسام الترجمة. وقد كشف الدكتور رضا مامي لـ»المغرب» أن هذا الكتاب بلغ طبعته الرابعة ويحظى بمتابعة واسعة في إسبانيا وكولومبيا وهناك نيّة واتصالات مثمرة لإدخال الشعر التونسي وبالخصوص قصائد الشابي في حركة البحث العلمي بأمريكا وأوروبا الجنوبية.

لماذا اختار رضا مامي أن يترجم للشابي؟ وهل هو راض عن محاولته إيصال النفس الشعري المميز لشاعر الخضراء في نقل أبياته من العربية إلى الإسبانية؟

جاءت الإجابة على لسانه كما يلي: «مع الأسف، أؤمن بأن الشعر لا يترجم، ولكن هي ضرورة لأنّ الترجمة هي الوسيلة الوحيدة لنعرف الآخر وليعرفنا الآخر. إن شعر الشابي وأبياته التي تحمل مرتبة الرمز في الذاكرة التونسية سيما وقد اقترنت بثورته وصراخه بإرادة الحياة تستحق أن تطرق أبواب العالم من الباب الواسع حتى نثبت عظمة هذه البلاد المبدعة. ولا أذيع سرّا إذا قلت بأني أحس بفخر واعتزاز لأني نجحت في إيصال صوت الشعر التونسي إلى القارات الأخرى وتداول اسم الشابي وشعره ليس فقط كمنطلق للدرس والبحث بل كمصدر إلهام ومنبع إبداع...».

15 شاعرا تونسيا تنطق أبياتهم بالإسبانية
لئن جاء تتويج الشاعر والمترجم رضا مامي بجائزة «ابن عربي الدولية للأدب العربي» عن مجمل أعماله فقد رفع كتابه «أنطولوجيا الشعر التونسي المعاصر الملتزم» من حظوظه في التتويج. وفي تقديم لهذا الكتاب الصادر باللغة الإسبانية وتعريف بمحتواه، أوضح صاحبه رضا مامي بالقول:» هو عبارة عن مختارات لشعراء تونسيين معاصرين يمثلون مشارب فنية مختلفة ولكنهم على اختلافهم يجمع بينهم الالتزام الذي لا يقتصر على المفهوم المحدود في بعده السياسي بما هو مقاومة بل الالتزام في معناه الشامل والواسع بما هو التزام الإنسان بقضايا الإنسان. وقد ضم الكتاب 50 قصيدة ترجمتها من العربية إلى الإسبانية بتوقيع 15 شاعرا تونسيا من بينهم الراحل محمد الصغير أولاد أحمد وآدم فتحي ومنصف الوهايبي ومنصف المزغني وكمال بوعجيلة وجميلة الماجري وومحمد الغزي وسامي نصر وصالح السويسي ومنور صمادح... كما أرفقت هذه القصائد المترجمة بدراسة لهذه التجارب الشعرية المبوبة إلى 4 فترات هي فترة الاستعمار وفترة حكم بورقيبة وزمن حكم بن علي وفترة الثورة وبعدها... وكانت الخلاصة بأن الشعراء على اختلاف فتراتهم ومشاربهم تجمعهم نقطة التقاء هي الالتزام بقضية ما».

التجربة ضرورة للحاق بركب الحضارة
ما بين مقولة تؤكد «أن الأثر غير المترجم يعتبر نصف منشور» وأخرى ترى في «الترجمة حسناء ولكن خائنة» أين يضع المترجم رضا مامي تجربته؟ يجيب صاحب جائزة «ابن عربي الدولية» فيقول: «سأتحدث من منطلق تجربتي الذاتية ودون الغوص في التفاصيل العلمية ونظريات التجربة... شخصيا أعتمد مقياسين صارمين في الترجمة، وهما أن أكون وفيا في إيصال رسالة الشاعر إلى قارئه وإن كان ناطقا بغير لغته وألا يكون النص في لغته الجديدة فاقدا لروحه ونبضه ووهجه كنص شعري بامتياز. لا أعتقد أن المترجم قد يخون النص. وشخصيا هناك نصوص أعجز عن ترجمتها ليس جهلا أو ضعفا في القدرات بل بكل بساطة لأنها نصوص لا تترجم. وأعتقد أن مترجم الشعر عليه أن يكون محبا للشعر وقارئا جيدا له ولمَ لا أن يكون شاعرا»!

وفي تقييمه لأداء «معهد تونس للترجمة» اعتبر المترجم التونسي رضا مامي أن هذا المعهد هو مكسب للثقافة التونسية واستحقاق لأن الترجمة واجبة والشعوب التي لا تترجم تبقى متخلفة عن ركب الحضارة والحداثة... ولكن من الضروري أن يتعامل المعهد مع دور نشر أجنبية حتى تتكفل بترويج الكتاب المترجم من طرف التونسيين في بلد اللغة المترجم إليها.

شدّد الدكتور رضا مامي على «أن دور الأستاذ لا يقتصر على التدريس بل عليه أن يكون مؤطرا وباحثا وسفيرا لثقافتنا ومترجما لإبداعات هذا البلد».

وفي ختام حديثة باح لنا صاحب صاحب جائزة «ابن عربي الدولية للأدب» بمشاريع كتب في الأفق وهوية مسودات عمل تتعلق بترجمة آثار أديب ومفكر كبير هو محمود المسعدي عساه ينقل من العربية إلى الإسبانية بعضا من كنوز «حدث أبو هريرة قال...» و«السدّ».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115