معرض الفنانة هدى رجب في دار الثقافة بطبربة: Mé-tissage في رحاب الفنانة... الحلم سيد المكان

المرأة كائن هلامي لها وحدها القدرة على ابداع الكون وتغييره وتزيينه ببعض الالوان التي تصنعها من ضحكتها

ومرحها وحبها للحياة، المرأة سيدة المكان سيدة الزمان والإبداع فهي كما الخالق تتماهى معه في عملية الخلق ومن العدم تصنع المرأة المعجزات، اليست من يبعث في السواد كل بياض روحها وتحول برودة اللوحة الى ألوان دافئة تضيء درب محبي الفنون كذلك هي أعمال الفنانة هدى رجب.
في دار الثقافة طبربة منوبة انتظم معرضا تحت اسم mé-tissage تجمع فيه الفنانة ابداعها في النسيج الحرفي مع سحر الفن التشكيلي لتحوك عالمها التشكيلي الخاص والغامض.

سينفونية النسيج والتشكيلي
هدوء يخيم على المكان، لوحات حائطية كبيرة توزعت على كامل فضاء دار الثقافة طبربة من ولاية منوبة، الوان تشد الانتباه والأشكال أيضا، للزائر فرصة للانبهار امام بهاء المنسوجات الكبيرة الحجم وامام التقنيات المختلفة التي تستعملها الفنانة هدى رجب، فهي تمزج النسيج بالتشكيلي لتكتب سيمفونية من الجمال لها تقنياتها الخاصة.
اسم المعرض mé-tissage ومنذ الاسم تجدك مشدودا الى علاقة روحية تجمع الفنانة بكل فنون النسيج، جولة في اللوحات المنسوجات، ستتوقف قبالتها لتسال عن الحجم والمعنى وسر اللون والاسم وغيرها من الجزئيات التي تكتبها الفنانة بكل حرفية ودقة.
فنون النسيج من الفنون القديمة الموجودة في تونس، من يقول النسيج حتما يستحضر الوان الصوف ودقات الخلالة التي تشبه دقات قلب الفنانة وهي منهمكة تصنع لوحتها،تناسج الخيوط وحركتها اثناء كتبة اللوحة تماما ككتابة قصيد غزلي يرسله الشاعر إلى محبوبته الازلية بشكل تصاعدي عادة ما تكون صناعة النسيج فالخيط يصعد دون رجعة يصعد ليكتب الياذة عشق الفنانة لفن جد منهك وصعب، قصص الالوان تنعكس على روح صانعتها فهي سرها وبها تعبر عن حالاتها الوجدانية.

اللوحات المنسوجات ذوات الحجم الكبير ستحمل الذاكرة الى عالم «الكليم» التقليدي بكل خصوصياته وعالم الزربية القروية وعالم المنسوجات اليدوية و»المرقوم» التي تبدع في حياكتها ورقمها النسوة من هذا العالم تستوحي هدى رجب اعمالها لتقدم المنسوجات التقليدية بصبغة جمالية حديثة ومبتكرة.
Mé-tissage رحلة تجمع النسيج بالفن التشكيلي، سينفونية تحملك اليها الفنانة لتسمع صوت الخلالة اثناء كتابتها للنسيج ومعه صوت “الجداد” و«الرقمة» ثم تدخل بك عالم التكعيب واشكال مختلفة تكون اكثر عصرية وحداثة فتجدك تنظر الى المنسوجات التقلييدية بعين فنانة مبدعة حداثية الفكر والعمل.
منسوجات لم تأت من الفراغ وانما من عمل دام سنوات اساسه البحث الفني على ثنائيتي اللعب والحلم، فالفن اساسا لعب ومنه تصنع الفنانة حلما جميلا ينطلق من النسيج لتركب أفكارا وصورا بطريقة فريدة ومتجددة .
لوحات او منسوجات تندرج ضمن مشروع صناعة 20منسوجة بحجم الاربعين متر مربع من النسيج الفني، لوحات او منسوجات تذكر المتفرج بأغنية الفنانة صليحة «أوتاري وعودي، الصوف والسداية، صوت الخلالة وقصايدي وغنايا، صوته هادي، يزهى دليلي ، ويهون عندي في العمل شقاي»، فاللوحة كما القصيد من اللاشيء تصنعه الفنانة، صوف مرمي هنا وهناك تصنع منه اجمل المنسوجات الفنية التي تجمع النسيج التقليدي وتطوره لكتابة لوحات تشكيلية كبيرة الحجم مبهرة ومميزة.

صراخ الالوان وصراعاتها
الوان زاهية، واخرى داكنة، منسوجات موشاة بابهى الالوان واخرى كتبتها بالاسود والابيض، للون رمزيته كذلك الاسم فمن اسم اللوحة او المنسوجة يمكن الغوص في خفايا اللون وخباياه، اولى اللوحات التي تستقبل الزائر عنوانها dentelle d’aegent لوحة يطغى عليها اللون الرمادي ويتوسطها الاصفر بتدرجاته مع القليل من الزهري والبرتقالي،الوان باهتة تشدك للبقاء اطول فترة امام اللوحة لمعرفة كيف نسجت وتقاسيم اللون مع الشكل.

ولان النسيج عملية بداعية تكون جزءا من الروح تغوص بك الفنانة في خباياها الذاتية من خلال لوحة plumbago لوحة تجمع الرمادي الغالب ثم تكتب التفاصيل والاشكال بالاسود مع الاحمر والبني الوان تحيل الى التوتر و القلق والوجيعة وكانها نقل لمعاناة الفنانة اثناء نسيج اللوحة والتركيز المطلق على صباغتها وكتابتها لوحة ينطبق عليها قول الفنان بول سيزان “ التلوين أن يكون على الرسام تسجيل إحساساته باللون، وكل ما عدا ذلك أي كل قيم الفضاء والمنظور يمكن أن يضحى به، يضحى به في سبيل إحساساته باللون، فحين يملك اللون ثراءه، يملك الشكل تمامه».
يمكنك مواصلة الجولة ومسح ادران القلق لتجدك امام لوحة la vadrouille وميزتها اللون الاصفر وفي علم الالوان اللون الأصفر هو اللون الذي يجلب الانتباه ويُعزِّز المنطق ويتردد صداه من الجانب الأيسر من الدماغ، أي جانب المنطق والإدراك، وبجانب أنَّه لون العقل والفكر فقد أشار العلماء بأنَّه يدل أيضا ًعلى نفاد الصبر والانتقاد، واستعمال الفنانة للون في اللوحة المبهرة كانه دعوة لاعمال الفكر اثناء تحليل ابعادها ومقاصدها .

مبهرة هي الالوان في لوحة rêveحين تجمع الاحمر والاخضر، وساحرة حركات اللون في منسوجة gnavelle الغنية بكل الالوان الاولية والثانوية، ومقنعة حركات اللون في منسوجة visions imaginées اما لوحة «زهوة الياسمين» فتحدثك بلغة مبهمة لغة اللون الساحرة .
فللون لغة وهذه اللغـة لا تدين للمنطق بشيء، فليس من شأن العمل الفني الإحالة إلى شيء آخر غيره حتى لو كـان هذا الشيء الواقع نفسه لأن العمل الفني يجب أن يتحدّث عن الواقع بلغة الفنـان الخاصـة وماهياتة الوجدانية الذاتية» كذلك هو صراخ الالوان وهسهساته في منسوجات ولوحات هدى رجب.».
للألوان حضورها وسحرها لكن يظل سحر الابيض والاسود هو الاجمل فالفنانة تميل الى اللونين في اغلب اعمالها على غرار منسوجة croissent instantané - mouzika noir et blan ومن الاسم ترسم الفنانة باللون الاسود موسيقى ايقاعاتها متناسقة تمتع الروح وتشعرك انك في رحاب عالم من الجمال.
وعن اهمية اللون وخصوصيته كتبت الفنانة عواطف منصور في بوابتي» ان «يمثل اللون جزءا هاما في حياة الفرد والجماعة ويمثل عاملا وظيفيا وجماليا وفنيا، وهو يحوّل الشكل إلى عمل فني مبتكر ومتقن وهـذا لا يبدعه الفنان من فراغ، فهو يستخدم الخامات والمواد الأوليـة، ينظمهـا ويرتبها ويخضعها لأفكاره، ومن هذا المنطلق تتمثل وظيفة اللون الأساسية في أنه يجعل التعبير للإحساس الجمالي مـن خلال لغة تعبيرية فنية أصيلة طرازا وأسلوبا فنيا يصور الواقع بفكر خاص.
جولة في رحاب النسيج والفن التشكيلي جولة مغرية مع ابداعات امرأة حالمة بالتغيير وصناعة طابع تشكيلي خاص بها، جولة مع حركتي الخيط والخط تحملك فيها هدى رجب الى عوالمها الخاصة حيث يكون الحلم سيد المكان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115