على هامش التظاهرة التونسية الفرنسية المشتركة «ليلة القراءة»: تنوّع في برامج التشجيع على المطالعة... وبعد؟

في ظلّ تنوّع شبكة المكتبات العمومية في تونس بوجود والى موفى السنة الماضية 123

وحدة مكتبيّة موزعة على 24  مكتبة جهوية  و361  مكتبة قارة للشباب والكهول والأطفال و38 مكتبة متنقلة وفق ما أفادنا به الاستاذ إلياس الرابحي مدير ادارة المطالعة العمومية بوزارة الشؤون الثقافية وفي ظلّ تعدّد التظاهرات ذات الصلة بالترغيب في المطالعة والتشجيع على القراءة يبقى السؤال مطروحا وحارقا حول مدى نجاح هذا التنوّع في البرامج المنظّمة من ممثّلي كل المكتبات سالفة الذكر في ارتفاع نسبة القراءة في تونس وفي انجاح الخطط الوطنية ذات الصلة بالترغيب في المطالعة.

لتسليط الضوء على هذا الموضوع وحتى يكون هذا الملف دقيقا في معطياته لابدّ من الاشارة أولا الى ان رصيد هذه المكتبات يضم في مجموعه  7.4 مليون عربيّا وغير عربي أي بنسبة  0.67 كتابا لكل ساكن في حين تسعى وزارة الشؤون الثقافية إلى توفير كتاب لكل ساكن خلال المخططات القادمة كما تتسع المكتبات القارة إلى  35.743  مقعدا أي بمعدل مقعد لكل 320  ساكنا فهل نجحت هذه المؤسسات في بلوغ الهدف الذي تشتغل عليه ادارة المطالعة العمومية لبلوغ كتاب لكل مواطن.

للاجابة على هذا السؤال لابدّ من الاشارة الى ان هذه المكتبات يؤمها سنويا ما يقارب 2.654.451 مطالعا منهم  1.093.039مستعيرا بمن فيهم 91.30./. من التلامذة والطلبة و5.02./. من الاطارات والموظفين و2.42./. من العملة والحرفيين و1.26./. ممّن ليس لهم أي عمل وتقدّم لفائدة هؤلاء الروّاد الى جانب خدمات المطالعة بمفهومها التقليدي مجموعة من البرامج والتظاهرات والانشطة الثقافية ذات الصلة بالتشجيع على المطالعة والتحفيز عليها وضن أطر مهيكلة باشراف عدد هام من الجمعيات ذات الصلة بأحبّاء الكتاب والمطالعة وهي تظاهرات تتميّز في أغلبها بالتنوّع والطرافة من ذلك تنظيم المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بزغوان وبرعاية من والي الجهة وبالشراكة مع إدارة المطالعة العمومية بوزارة الشؤون الثقافية وجمعية أحباء المكتبات العمومية وشبكة المكتبات العمومية بزغوان لتظاهرة “ليلة القراءة بزغوان” في دورتها الأولى وذلك يوم 19جانفي الجاري حيث تندرج هذه التظاهرة في اطار التعاون  الثقافي  بين وزارة الشؤون الثقافية التونسية ووزارة الثقافة الفرنسية وضمن البرنامج الوطني “تونس مدن الآداب والكتاب”وبما يهدف حسب ما صرّح به الاستاذ إلياس الرابحي مدير ادارة المطالعة العمومية بوزارة الشؤون الثقافية الى « مزيد تسليط الضوء على المكتبات العمومية وتقريب الكتاب من المواطن والتشجيع المطالعة خصوصا وان التجربة الفرنسية ذات الصلة أثبتت في السنة الماضية  نجاح فتح المكتبات الفرنسية ليلاً لتشجيع الشباب على القراءة حيث شهدت  ليلة القراءة إقبالاً كبيراً وهو ما يشجّعنا في تونس على الشراكة مع هذا البرنامج لمزيد فتح المكتبات مجاناً للإطلاع على الكتب الثقافية الجديدة والقديمة»

وأكيد أن تنظيم هذه التظاهرة تمت «تونستها» وفق خصوصيات تونسية صرفة إذ أعتقد أن الظروف الأمنية ببلادنا لا تسمح بتنظيم «ليلة للقراءة» في الفترة الليلية وعلى مدار 24 ساعة ولكن تمت تونسة هذه التظاهرة بولاية زغوان وفق توجّهات تونسية صرفة تقوم على إشعاعها على كل مدن وأرياف الجهة وضمن مقاربات تشاركية بين الادارة والنسيج الجمعياتي وتكريس المبادىء الدستورية التي تقرّ اللامركزية واللامحورية الثقافية والثقافة التضامنية والمندمجة وتوظيف الفضاء العمومي المفتوح لتستهدف هذه التظاهرة الاطفال واليافعين وأوليائهم والعائلات والمودعين بالمؤسسات السجنية والاصلاحية وكذلك إنشاء أماكن للقراءة المؤقتة في المساحات «غير المعتادة» مثل  المدارس والمنتزهات وغيرها وبهدف خلق ديناميكية ثقافية في الجهة وإرساء عادات ثقافية تساهم هذه التظاهرة في تكريسها وتكون المنطلق الأساسي لبناء خطة جهوية للتشجيع على المطالعة بما يتناغم مع الخطة الوطنية ذات الصلة والتي خصصت لتطويرها عديد الملتقيات منها الملتقى الوطني للمطالعة العمومية الذي انتظم في شهر نوفمبر الماضي بولاية المهدية وتحت شعار»»النسيج الجمعياتي ودوره في إرساء اللامركزية الثقافية» إلى جانب تنظيم الايام الدراسية حول النظام الداخلي للمكتبات العمومية بمدنين في شهر سبتمبر الماضي  وتنظيم الدورة الثالثة للملتقى الوطني لجمعيات أحباء المكتبة والكتاب بمدينة قربة بولاية نابل وتحت شعار «المطالعة رهان حضاري» وغيرها من الملتقيات الدراسية التي تسعى إلى تطوير هذه الخطة بما يتناغم مع تطوّر رؤى التونسي ومشاغله وتثاقفه وتفاعلاته والتطوّر الرقمي والتكنولوجي والمجتمعي عموما

مؤشرات ضعيفة للقراءة في تونس:
ورغم هذا المجهود المبذول فإن المؤشرات الوطنية في قطاع المطالعة والمكتبات العمومية مفزعة حيث تكشف الإحصائيات عن ضعف كبير لمعدّل القراءة الوطني التونسي يقرأ 0.58 كتابا سنويا ليظلّ السؤال حارقا:أين مكمن الخلل؟ومن يتحمّل مسؤولية هذا الخلل الدولة أو المواطن ذاته؟
للاجابة عن هذا السؤال أكّد الأستاذ إلياس الرابحي مدير ادارة المطالعة العمومية بوزارة الشؤون الثقافية أن أمننا الثقافي لا يقلّ أهمية عن الأمن العسكري ليشدّد على دور المكتبات العمومية كمحرك ومحفز اجتماعي وكفضاء للديمقراطية والحوار معتبرا أن المكتبة العمومية هي فضاء للتعليم والتعلم وأنها منصهرة في السياسة الثقافية للدولة والتي تسعى لبناء شخصية قاعدية تونسية ومن أجل تهذيب الذوق العام ورغم ما يبذل من جهود في الغرض على مستوى المؤسسات الحكومية ذات صلة بالمطالعة والمكتبات فإنه تم تعزيزها بحوالي 80 جمعية أحباء المكتبة والكتاب أي جمعيات مهنية تساعد على تنشيط الحياة الثقافية والبرامج ذات الصلة بالكتاب وبما يتناغم مع البرنامج الوطني لوزارة الشؤون الثقافية «تونس،مدن الآداب والكتاب»بما يهدف إلى المساهمة في بلورة الأمن الوطني الثقافي الذي لا يقل قيمة عن الأمن الزراعي والعسكري باعتبار ان للمكتبات وضمن رهانها الحضاري أدوارا جديدة من شأنها ان تساهم في بناء الشخصية التونسية الواعية المثقفة

أمة لا تقرأ حتى تاريخ صلوحية المنتجات الاستهلاكية:
ومن هنا وبقراءتنا في المعطيات سالفة الذكر يبدو ان مسألة اهتمام التونسي بالكتاب مسألة خطرة بأتم معنى للخطورة باعتبار ان المسؤولية ملقاة على عاتقه في نسبة كبيرة منها خصوصا وان المتوفّر حاليا على مستوى المؤسسات يفي بالحاجة الى المطالعة كما ان بعث جمعيات لأحبّاء الكتاب والمكتبات يؤكّد حرص الدولة على فتح المجال للمواطن للانخراط في سياستها التشاركية مع المواطن لايجاد الحلول البديلة لترسيخ عادة المطالعة لديه أو لنقل بالأحرى إعادة مجد الكتاب للتونسي كما كان من قبل شغوفا به رغم ان ظروف المطالعة كانت أضعف بكثير مما هي عليه وهنا تتحمّل وسائل الاعلام نصيبh من هذا الوهن الناتج عن ضعف البرامج الثقافية وغلبة برامج»البوز» والترفيه ممّا تسبّب في ضعف درجة القراءة والمطالعة ولكن يبقى الحلّ في رأيي مرهونا بمدى رغبة المواطن في إلتهام الكتاب واقتناعه أن الكتاب خير جليس وأن الأمة التي لا تقرأ أمة ميتة بطبعها وأن طوفان الجهل لا يوقفه إلا سدّ العلم  وان الشعوب التي تلتهم الكتاب إلتهاما لا يمكن اللحاق بها من طرف أمة لا تقرأ حتى تاريخ مدة صلاحية المنتوجات الغذائية التي تستهلكها ... فالقراءة في النهاية هي روح الحياة لذا عليك أيها المواطن أن تقرأ حتى وإن كنت تغرق فالعلم يرفع بيتا لا عماد له والجهل يهدم بيت العزّ والكرم
جدير بالذكر ان العالم العربي ينتج 5000 كتاب في السنة في حين تنتج أمريكا سنويا 30 ألف كتاب ويقرأ الطفل العربي بمعدّل 7 دقائق في السنة في حين يقرأ الطفل الامريكي بمعدل 6 دقائق يوميا والاروبي يقرأ 35 كتابا في السنة والمواطن العربي وللأسف يقرأ أقلّ من كتاب في السنة لتوازي ثقافة أوروبي واحد ثقافة 2800 عربي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115