تونس عاصمة للثقافة الإسلامية 2019: هل يكون حظها أفضل من صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016 ؟

لئن كانت تونس أرض تقاطع الحضارات وتبادل الثقافات، فليس من الغريب أن تكون ذات إشعاع ونفوذ وصدى في الفترة الإسلامية كما

كان حضورها في كلّ عهودها وعصورها... وفي هذا السياق يأتي اختيارها من طرف منظمة «الإيسيسكو» عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2019. فهل سيكون لهذا الحدث أثر باق وعلامة راسخة أم سينتهي وكأنه لم يكن بعد انفضاض الجموع عن مراسم الاحتفالات وانصراف الحشود عن مواكب التشريفات؟

منذ سنة 2005، أطلقت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) برنامج عواصم الثقافة الإسلامية ليحط الرحال في عام 2019 في أربعة عواصم للثقافة الإسلامية، وهي: مدينة تونس ومدينة القدس عن المنطقة العربية، ومدينة بندر سيري بيغاوان عن المنطقة الآسيوية، ومدينة بيساو عن المنطقة الإفريقية.

التظاهرة في العاصمة ونافذة على المهدية والقيروان
يحل ّركب عاصمة الثقافة الإسلامية للمرة الثانية بتونس حيث تمّ اختيار مدينة القيروان عاصمة للثقافة والتراث الإسلامي سنة 2009. ويأتي اختيار عواصم الثقافة الإسلامية على خلفية الدور الذي تقوم به في خدمة الثقافة والآداب والفنون والعلوم والمعارف الإسلامية عبر مسيرتها التاريخية.

وتعلّق «الإيسيسكو» آمالا عريضة على برنامج عواصم الثقافة الإسلامية من أجل «استثمار العطاء الثقافي التاريخي لهذه العواصم، في بناء الحاضر والمستقبل على المبادئ المستلهمة من الحضارة الإسلامية، التي هي إرث مشترك للإنسانية جمعاء، باختلاف شعوبها، وتباين أجناسها، وتعدّد مشاربها الثقافية، وتنوّع عناصرها الفكرية وخصوصياتها الحضارية».

ومن المنتظر أن يرفع ستار استهلال تظاهرة تونس عاصمة الثقافة الإسلامية لسنة 2019 يوم 21 مارس المقبل في مدينة الثقافة. وقد أكد وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين، في جلسة عمل بوزارته لضبط التصورات الأولية والتحضيرات الفنية والاتصالية لهذه التظاهرة، مشاركة 67 دولة فضلا عن عدد مهمّ من الهيئات العربية في افتتاح هذا الحدث. وشدّد الوزير على ضرورة أن يقترن برنامج التظاهرة بالموروث التراثي لولايتي المهدية والقيروان، وذلك سعيا إلى أن تكون 2019 سنة الترويج لتونس والتعريف بها في عمقها الحضاري والإسلامي. ومن محطات تظاهرة تونس عاصمة للثقافة الإسلامية زيارة للمسلك السياحي والثقافي بالمدينة العتيقة بتونس للتعريف بالتراث الإنساني المعماري والحضاري العربي والإسلامي، بالإضافة إلى جامع الزيتونة الذي يعتبر إحدى منارات العلم والمعرفة في بلدان المغرب العربي.

هل ستكسب تونس الرهان؟
بعد 3 سنوات تجدّد تونس العهد مع الألقاب العربية، فبعد أن لبست تاج عاصمة الثقافة العربية سنة 2016 تسلمت بلادنا مشعل عاصمة الثقافة الإسلامية 2019. فهل سيكون حظ الثانية أفضل من الأولى؟

لم يكن حدث صفاقس عاصمة للثقافة العربية في مستوى الانتظارات الكبيرة والتطلعات الطموحة، فإذا به يتضاءل ويصغر ما بين تعسر وتعثر وتشتت... وإلى اليوم لم يكتمل برنامج التظاهرة بعد، ولا يزال مشروع المكتبة الرقمية يراوح مكانه!

ربما يكون مستقبل تونس عاصمة للثقافة الإسلامية أفضل باعتبار احتضان «المركز» بما يوّفره من امتيازات إدارية ومالية وهيكلية... وحتى بما يضعه من فضاءات مناسبة في خدمة الحدث سيما وقد أصبحت لنا مدينة للثقافة. لكن شرط ألا يحتكر هذا المركز لوحده الأضواء والقرار بل أن يشع في الجهات وينطلق من موروثها وإبداعها ليربح الرهان وورقة الانتصار.

قد تغيّر تظاهرة تونس عاصمة للثقافة الإسلامية وجه بلادنا في بلادنا والخارج وقد كانت أرض العلم والأدب والطب ومختلف العلوم والفنون... متى وجدت لها استراتيجية عمل ناجعة واستشرفت لها طريقا جديدا يخالف السائد والمعتاد. فلقد ثبت أن سوق الاحتفالات والحفلات ليست سوى بهرج ينسى بمجرد أن ينتهي وتنطفئ شموعه ليبقى السؤال: ماذا بقي لنا في النهاية؟

قد تكون تظاهرة تونس عاصمة للثقافة الإسلامية 2019 فرصة ثمينة لإعادة نسج صورة بلادنا في الخارج وتصحيح ما علق عنها من بعض الأوهام تأكيدا على أن ثقافتها الإسلامية لم تكن يوما مدعاة تطرف وتشدد وإرهاب بل عنوان تفوّق وإبداع، وتسامح واعتدال... فإلى أي مدى سيكون مشعل هذه التظاهرة وقادا ومشعا؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115