سليانة في مدينة الثقافة: الثقافة والتاريخ وجهان لعملة واحدة هي الوطن

تتواصل الجولة الثقافية في ربوع الجهات، جولة توفرها مدينة الثقافة من خلال استضافة الجهات محملة بتاريخها وحكاياها

وفنونها لتقديمها في المدينة ببهوها وساحاتها وقاعاتها، وحلت مساء الجمعة سليانة ضيفة على مدينة الثقافة، سليانة الجميلة جاءت مجلّلة بكل تعاليم الحياة الى مدينة الثقافة بتونس.
الجولة في ربوع سليانة كانت عبر المنسوجات التقليدية والموسيقى والابداعات الحرفية، جولة شملت زاما التاريخية وتيمسوا الساحرة ومكتريس الجميلة وكسرى عروس الجبال وقصور عبد الملك التاريخية وبرقو مدينة الموسيقى والحب والكريب بتاريخها وبوعرادة الغنية بالقصص وبلاريجيا مدينة اخر معارك حنبعل جميعها كانت جزءا من الذاكرة جزءا من احتفالية عرفت بسليانة وتاريخها وتراثها وهويتها الموسيقية والابداعية عموما.

حسن القيزاني: فنان يجلب الانتباه
الوان زاهية تبعث في النفس الانشراح الى جانب معارض الصناعات التقليدية خاصة المنسوجات التي ابدعت النسوة في كتابة تفاصيلها وألوانها تستقبل الزائر ليكتشف القليل من سحر سليانة لوحات تشكيلية تعرف بفناني الجهة وإبداعاتهم وقصصهم مع اللون.
مجموعة من الاطفال تحلقوا حول طاولة ما، كل يسال بطريقته، وسطهم انهمك في العمل، بلون بني وعلى الخشب بني اللون كلون التراب و الارض انهمك الفنان في رسم بورتريه لأحد الضيوف، فنان مختلف يرسم بالنار على الخشب، تقنية فريدة نادرة اساسها كي الخشب والرسم عليه، يرسم دون أن ينتبه للواقفين، يجيب عن السؤال ويعود الى لوحته «فتقنية البورتريه تتطلب الكثير من الدقة و التركيز كما يقول»، هو الفنان العصامي التكوين المبدع الذي عشق الرسم بكل تنويعاته وأشكاله حسن القيزاني.

القيزاني كان نبراس الضوء في المعرض بتقنياته المختلفة صنع الحدث وجلب الجماهير لمشاهدته اثناء الرسم والتي تحملت تعب الوقوف لانتهاء الرسمة واطلاق تعبيرة «واو تقولش بلحق» فالصورة المرسومة مطابقة تماما للصورة الفوتوغرافية، رسمها بكل دقة وحب طفل صغير لاتمام لعبة يتقنها جيدا.
ينحدر من الهناك من مدينة تاريخية جد ممتعة، من تيمسوا العظيمة تعلم ان يكون قويا وحالما، من تيمسوا التاريخية شرب عبق التاريخ وتعطر بسحر الجغرافيا فكان مبدعا وصنع لنفسه مسارها الفني المختلف عن تجربته يقول حسن القيزاني للمغرب « انطلقت منذ الصغر في الرسم عانقت جميع الالوان وحلمت مع كل الخطوط ورسمت الزيتي والمائي وكل اشكال الفنون التشكيلية، وذات مرة شاهدت هذه التقنية، اي تقنية الرسم بالنار اعجبت بها وشقيقي يعيش في فرنسا هو من اقتني لي الالة انذاك ومنذ ثلاثين عاما وانا ارسم بهذه التقنية المختلفة والفريدة في البداية رسمت المناظر الطبيعية، ومواضيع تمسني وتهم لحياة اليومية ثم توجهت الى التجربة الاصعب اي رسم البورتريه لانه يتطلب وقتا اطول وتركيزا أكثر بهذه الجمل القليلة يلخص تجربته فالرسم عنده اهم من الكلمات.

نترك «عم حسن» كما يسميه ابناء قعفور لنواصل الجولة مع أعماله فهذه امرة بدوية بلباسها التقليدي تحمل جرة الماء، وذاك حلاق «عربي» يجلس احدهم امامه والابتسامة تعلو الوجوه وثالثة فتاة شابة جميلة تنظر اليك مباشرة فتشدك لتواصل اكتشاف بقية الأعمال ورابعة لمشهد طبيعي لمدينة تيمسوا الجميلة رسومات كانها قولة درويش:
أما رَأَيّتُم شَارِداً... عيناهُ نَجّمَتان ؟
يَداهُ سَلَّتانِ مِن رَيّحان
وَ صدّرُهُ وِسادة النُجوم و القَمر
وَ شَعرهُ أُرجوحةٌ لِلريحِ وَ الزهر !
أَما رَأيتم شَارِداً ..مُسافراً
لا يُحسنُ السفر

تجربة حسن القيزاني التي انطلقت منذ ثلاثين عاما لازالت متواصلة لازال يرسم بالنيران و التقنية التي يستعملها اسمها باللغة الفرنسية
Pyrogravure:l'art de décorer le bois avec des marques de brûlure à l'aide d'un objet chauffé

وتسمى الالة التي يرسم بها un poker والقيزاني يعلم هذه التقنية للأطفال في ورشته بقعفور و للطلبة في معهد الفنون والحرف بسليانة ولكن «من السهل خلق حرفي، لكن يصعب خلق فنان، لأن الفن موهبة» على حد تعبيره، حسن القيزاني ابن تيمسوا صديق النيران التي حولها الى مطية للرسم لازال يرسم ويريد ان يعلم هذه التقنية للأطفال ليواصلوا مشواره الابداعي.

الشاوية: الموسيقى هوية
صوت القيثارة يرج المكان فيجيبه صوت البندير كلاهما يدعو الجمهور الى قاعة المبدعين الشبان للاستمتاع بالنغمات البدوية في مسحة مغربية وعصرية نغمات تنبع من جهة سليانة بكل اجزائها دون تمييز، عرض يناديك لاكتشاف عرض الشاوية الذي يقدمه الفنان نضال اليحياوي.
في المبدعين الشبان، في تلك القاعة المربعة الشكل، اختلفت الالات الموسيقية واختلفت الانماط الموسيقية وتماهت الالوان في عرض الشاوية، من الشاوي والجبلي تنفتح الموسيقى على الجاز والالكترونيك من موسيقى تراثية تكون رحلة اليحياوي والمجموعة الى موسيقات العالم فنضال اليحياوي فنّان آمن بقدرة الموسيقى التونسية على اكتساح الاركاح العالمية، عشق الموسيقى وتماهى مع قدسيتها هو فنان بمجرد ان يصعد على الركح يتحول ويصبح هدوءه جنونا، فنان « فوق الركح اشعر انني داخل دائرة سحرية اشعر بالسعادة، على الركح «نشيخ» لاني استنشق عبق الموسيقى وسحرها واريد ان يشاركني الجمهور نشوتي» كما يقول نضال نشوة انتشرت في القاعة ليبادر الجميع بالرقص والاستمتاع بسحر النغمة البدوية.
من «الربع» في برقو انطلق الحلم ليجوب الجبال ويبحث في اغانيها وحكاياها، لجمهور مدينة الثقافة قدم صحبة عازف الايقاعات فلفول وعازف الزكرة والقصبة فوزي اجمل اغاني الحدود، بتجديد موسيقي وطوعوا الجاز والموسيقى الالكترونية لخدمة الاغاني الشاوية الجبلية، للجمهور غنى «ما عندك سو» و «خلخال بورطلين» اغان بدوية تتغزل بالمرأة البدوية و بلوعة الفراق «ما عندك سو مريضة هاي، ماعندك سو جانا الخبر وعلمنا توه، خويلي في الفرش ملوح ، ريحة شعرو بالعطر تفوّح» وفي عرض الشاوية تكون كلمة «خالي، خويلي» من اكثر الكلمات التي تظهر في كل الاغاني و»خالي» معناها الحبيب وللحب غنت المجموعة وابهرت الحضور.
سليانة ضيفة ايام الجهات، سليانة بكل تاريخها الضارب في القدم وتنوعها الموسيقي و الابداعي كانت جزءا من الذاكرة الجماعية جزءا من التاريخ التونسي منذ القدم سحر سليانة في اللوحات والمعارض يغري حتما بزيارة كل تفاصيلها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115