فيلم «اسطوانة» تأطير وليد العجروني: السينما رسالة للحب و الحلم والتميّز

السينما مطية للتعليم والمقاومة، السينما رسائل مشفّرة عن الحقوق ورسائل تربوية عن التآزر و التضامن ومساعدة

الاخر رسائل توجّه للطفل عبر الكاميرا فيكون التقاطها أسهل هناك في ربوع تطاوين تعلموا كيف يمسكون الكاميرا، تعلموا ابجديات التصوير وانكبوا يبحثون عن محور للفيلم ليبدعوا وينافسوا اترابهم من المدارس الأخرى لعدة اشهر وهم يقبلون على التعلّم والابداع ومن ثمة تكون من نصيبهم الجائزة الاولى عن فيلم «الاسطوانة».
«الاسطوانة» فيلم من انجاز تلاميذ المدرسة الابتدائية ابو القاسم الشابي باشراف المربي وليد العجرودي وتمثيل الطفلين هادي الانور لقنب وانس الناجح وشارك في إعداده التلاميذ مريم بوعجيلة وانس الناجح وتيسير الجليطي وعبد الله مرسيط ودرة الزواري وحسام راشد وعمر عزيز بوعجيلة ويوسف جمالي ومحمد بودبوس.

السينما اداة للتعلّم
صورة كبرى لمدينة تطاوين، اللون الاصفر هو الطاغي لون اليأس و الجفاف، صوت الريح في الهاجرة يبعث من كلّ مكان ،شمس حارقة كتبت حضورها على بشرة طفل اسمر لفحته الشمس ليقترب لون وجهه الى البني الدّاكن، يظنّه المشاهد يلعب مع صوت جرجرة معدن حديدي، تقترب الكاميرا تدريجيا الى الاسفل الى القاع فتجدك امام طفل يدحرج قارورة الغاز ويبحث بين الدكاكين عن دكّان يبيع الغاز، جسد الطفل الصغير يبدو منهكا مقارنة يثقل قارورة الغاز صورة تحمل المشاهد الى ازمة الغاز التي تعيشها من مدن الجمهورية التونسية، ازمة البحث عن قارورة غاز احيانا تكون شاقة اكثر من صعود جبل ما.
الرسالة الاولى توعوية مفادها تحسيس الطفل بالواقع الموجود وتعليمه كيفية التصرف في الازمات وفي أوقات الشدة ليكون صلبا و ذكيا ولا يهزم وذو شخصية قادرة على اتخاذ القرار.

تتواصل جولة الطفل ورحلة العودة مع ثقل القاروة، تذوب قطعة المثلجات بسبب الشمس، صورة تحيل الى قوة الشمس وقسوتها على الطفل الصغير، ينهك فيجلس طلبا للرّاحة، يمر طفل اخر وبعد هنيهة يعود ومعه عربة صغيرة «برويطة» ليساعد الطفل الاول على ايصال القارورة الثقيلة الى البيت وينتهي الفيلم بابتسامة جميلة يرسمها الطفلان على وجهيهما، الرسالة الثانية رسالة تربوية تشجّع الطفل على مساعدة غيره وقت الشدة والتضامن مع الاخرين ، بالكاميرا وجّهت رسائل تربوية وانسانية من تلاميذ المدرسة الابتدائية ابو القاسم الشابي الى اترابهم والى كلّ الاطفال في محيطهم المضيّق و الموسّع رسائل تربوية وتوعوية تكون عبر السينما فالسينما وسيلة للتعلّم، مطيّة للتعليم و التفكير وليست فقط للترفيه.

«أول فيلم» بداية الغيث فيلم
«الاسطوانة» فيلم من تصوير التلاميذ بعد ورشات في السينما تندرج في اطار البرنامج «اول فيلم» الذي انجزته جمعية ملتقى الجنوب للثقافة و الفنون» بتطاوين بالشراكة مع المندوبية الجهوية لتربية بتطاوين ضمن برنامج «تفنن» لدعم القطاع الثقافي التونسي الذي يموله الإتحاد الأوروبي بشراكة مع «المعاهد الوطنية الثقافية للإتحاد الأوروبي و ينفذه المركز الثقافي البريطاني بتونس.

«الاسطوانة» فيلم من انجاز التلاميذ بعد رحلة فهم للكاميرا، للسينما لمعنى الفيلم و الرسائل التي توصلها الصورة مقارنة بالكلمة، هي تجربة اولى في مدارس تطاوين، تجربة غنية بالتنافس والنجاح والرغبة في تحقيق الأفضل تجربة انطلقت بتدريب المعلمين الذين أصبحوا مدربين لتلاميذهم في 10 مدارس ابتدائية لتكون لتطاوين 10 نوادي سينما، عشرة فضاءات معنوية للحلم للإبداع للاقتراب من واقع الاطفال وأفكارهم عشرة نواد أصبحت ملجأ الأطفال لينحتوا في صخر التصحّر السينمائي الذي يعاني منه الكثيرون ويرووا عطشهم الى الابداع.

الفيلم الفائز لم يأت من فراغ وإنما نبع من حرص المربي على النجاح فهو التلميذ النجيب أيضا ووليد العجرودي من اكثر المعلمين او الوحيد المواكب للتظاهرات السينمائية القليلة في تطاوين، معلم حريص على التعلم وكسب المزيد من الخبرات السينمائية لتمريرها الى ابنائه التلاميذ حرصه بدا واضحا في فيلم ابنائه و نجاحهم في الفوز بالمرتبة الاولى وعن علاقة تلاميذه بالسينما و التجربة عموما يقول العجرودي «اندهشت لتلك الطاقة التي وجدتها عندهم، حقيقة صدمت من ثراء الافكار وتنوعها وسرعة البديهة وهم يمسكون الكاميرا لأول مرة» بهذه الكلمات عبّر عن علاقة تلاميذه بتجربة «اول مشروع» وكيف كان تقبلهم للفكرة ، مضيفا «أبهروني بسرعة البديهة وتعطشهم الى التصوير وهم دقيقون في اختيار النص والفكرة، كلما سألت أجابوني بأفكار مختلفة تنبع من محيطهم وقضاياهم وحكاياهم ومنهم كان الفيلم».

«أول فيلم» مشروع سينمائي انساني مشروع يعيد إلى الطفل الامل في واقعه و يدفعه إلى التصالح مع محيطه والتفكير بايجابية و الرغبة الدائمة في التصوير و البحث عن الجديد دوما، تجربة تثري الرصيد السينمائي لجمعية ملتقى سينما الجنوب تلك الجمعية التي تؤمن ان الجنوب مساحة شاسعة للحلم ومساحة للحب و لمعانقة تباشير الامل وصناعة جيل جديد يريد التغيير ويقاوم بالفنون، جيل يحلم ويسعى لتحقيق أحلامه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115