فيلم ساحات الوطن الخلفية في اختتام تظاهرة سينما الريف: هنا يكتبون الحلم بحبر القلب ...

«السينما هى كيفية أن تعيش أكثر من حياة.. حياة جديدة مع كل فيلم تشاهده» كما يقول روبرت ألتمان» وطيلة اسبوع

عاش ابناء المكناسي اكثر من حياة فمع كل فيلم تولد مشاعر جديدة وعلاقة متجددة ونظرة اخرى للسينما فهم هنا متمسكون بالحلم، متمسكون بتفاصيل الامل من العدم يصنعون إلياذة للحب و المقاومة من اللاشيء يكتبون اجمل حكايات بلدتهم المنسية جغرافيا ليبدعوا و يقاوموا بالسينما «وشكون قال السينما تصير كان في القاعات» كما يقول شعار المهرجان.

اختتمت فعاليات الدورة الثانية للمهرجان مساء الخميس في مقهى «علي بابا» الذي تحوّل الى قاعة عرض طيلة الاسبوع، اختتام كتبه ابناء الجهة باخراج وعرض فيلم من انتاج ورشة الفيلم الوثائقي قدمه المخرجان واشرفت عليه المخرجة مروى طيبة وبمشاركة تلاميذ مدينة المكناسي.

السينما توثيق وتأريخ
صوت نسوي يرج القاعة ويزلزل الاذان، صفير الريح يكون بمثابة الموسيقى لغنائها تتغزل بالجهة، عجوز زادها الوشم سحرا و الحولي والحرام تقليدي الصنع اعطياها ابهة الملكات، غناؤها جزء من ذاكرة المكان ووشمها هويتها وكلمات الاغنية جزء من تاريخ تلك الجهة، كاميرا الفيلم توجهت الى قرية النصر تصاحبها اهازيج العجوز العاشقة للحياة.

عنوان الفيلم «ساحات الوطن الخلفية» وفي النصر يوجد من تناساهم التاريخ وحدها الاغاني والاهازيج ظلت تذكر بانتصاراتهم، في ساحة من ساحات الوطن الخلفية التقت الكاميرا بهم أحمد ومحمد وثلة من المناضلين ليتحدّثوا الى الكاميرا عن تاريخ الجهة وقصص المناضلين، يحدثونهم عن جبل عرباطة والشريفية و الناظور والشعبي وكيف توزعت «الحوم» على الجبال لمحاربة فرنسا، ليجازوا بالكثير من النسيان كما يقول عم احمد احد مناضلي الجهة، الكاميرا لامست حكاياهـــــم وقصصهم، اقتربت منهم وعرّفت الصغار بتاريخهم وجغرافية المكان أيضا، التقوا «المكناسي» الاخرى التي لا يعرفونها التقوا مع الواقع اكثر فالفن هو اعادة تشكيل الواقع المحيط وليس خلق واقع جديد كما يقول ستانلي» في الفيلم لعبت الكاميرا دورها التوثيقي التأريخي لتكون شهادات المناضلين وثيقة حيّة تشهد هلى المكان وقصصه التي دوّنت فقط بالاغاني الشعبية

السينما مطية للمقاومة
قاوموا فالحقوق لا تهدى، قاوموا فالحقوق تفتك بالكاميرا والسينما اداة للمقاومة وفي ورشة الفيلم الوثائقي اختارت المجموعة ان تكون المكناسي بكل تفاصيلها محور الفيلم والحكاية، المكناسي بكل ذكريات اهلها وقصص كبارها كانت مطية للانطلاق والتصوير فكان الفيلم جزءا من المكان اليه ينتمي واليه يعود الابناء المولعون بالسينما.
يقول ميشيل جوندري «من الافضل ان تملك ميزانية اقل وحرية اكبر» وفي المكناسي امتلكوا الكثير من الحرية و الجرأة و الصدق دون اموال ليبدعوا، حملوا الكاميرا وتجولوا في المكان اقتربوا من تفاصيله ومن الوانه ليقدموا فيلما يرشح بوجيعة السكان واحلام اطفاله، واغاني نسائه وابداعاتهم.

من المدرسة انطلقت الرحلة مع احلام الاطفال ، وأسئلة حول ما يطمحون إليه، ثمّ توجهت الكاميرا الى الزياتين ومرافقة المرأة العاملة والاقتراب من حكاياتها، فجولة في تاريخ المدينة، تاريخ غنيّ بالقصص والاوجاع والوجيعة والياس، جميعها تلاحمت لتقدم للجمهور فيلما انسانيا عميقا رغم قصر مدة التصوير، فيلم تنطبق عليه مقولة الفريد هتشكوك «هدفك جعل المشاهد في حالة عذاب قدر ما استطعت» وفيلم «ساحات الوطن الخلفية» يعذّبك لانه سيطرح فيك الاسئلة و تدفعك إلى البحث وطرح السؤال عن الحقوق والحريات ، عن الامس واليوم والغد جميعها توثقها الكاميرا لتقدمها لجمهور سينما الريف في المكناسي.

بين الواجهة والخلفية فوارق عديدة فالواجهة عادة ما تكون منمقة مزينة وفي كامل الزينة والبهاء بينما الخلف يكون منسيا مهملا ومكبا للفضلات ، لكلّ مدينة واجهة تتمثل عادة في شارعها الرئيسي الموشى باجمل البنيان والعمارات وخلفيات هي الاحياء المهمشة والمنسية ولانّهم يؤمنون انّ الهامش اجمل لانه اصدق، ولانهم يعرفون ان الزينة زائلة بينما جمال الهامش كالوشم لا يمحى اختاروا الهامش موضوعا للفيلم، اختاروا الخلف وتناسوا الواجهة وسمي الفيلم «ساحات الوطن الخلفية» ففي تلك الساحات تولد قصص الحب وتولد قصص النضال وحكايا الصادقين.

اختتمت الدورة الثانية من سينما الريف، دورة دخلت الى اعماق الريف وقدمت أفلاما للاطفال و الكبار، اكتسحت المقاهي الفضاء اليومي للمواطن ليصبح قاعة للعروض السينمائية و النقاش، اختتم اسبوع من الافلام النقدية والنقاشات الحادة حول مواضيع الافلام ومدى التصاقها بالواقع المعيش، اختتم اسبوع من العمل لتقديم نشاط ثقافي ملتزم في المكناسي يؤمن بالفكرة والانسان.

سيف الدين بن فرج المدير
الفني للمهرجان


«ممتعة هي السينما، ساحرة لقاءاتنا مع الافلام ومع نظرات التعجب و الصدق التي نشاهدها اثناء العرض وبعده، بهذه الكلمات تحدّث المدير الفني لمهرجان سينما الريف سيف الدين بن فرج، الذي اكّد ان عملية اختيار الافلام المعروضة لم تكن اعتباطية وانما اخترنا أفلاما يتقاسم أبطالها وسكان المكناسي الوجه ذاته، افلام تقدم الصراع الأزلي بين المواطن الانسان و السلكة، افلام توثق للصراع بين المطالب بالحق ومغتصب ذاك الحق ووجدت في الافلام التي عرضت القواسم العديدة بينها وبين متساكني المكناسي واريافها.

واشار سيف الدين بن فرج أنه تجمعه علاقة صداقة مع جمعية فن المكناسي وقرر دعم المهرجان منذ ان عرف بالفكرة الاولية ايمانا منه باهمية السينما على الانسان ودورها في التغيير قبل ان يقترحوا ان يكون المدير الفني للمهرجان، واكد محدثنا أنه رغم الصعوبات التي واجهوها خاصة في غياب فضاء للعرض تظلّ التجربة مميزة وومتعة وناحجة لانها تتوجه الى الانسان.

أين وزارة شعار اللامركزية من «لامركزية الثقافة»
مهرجان سينما الريف انجز في دورته الثانية بدعم من المركز الةطني للسينما و الصورة الذي قدم دعم مادي وافلام، و دعمه الاتحاد العام التونسي للشغل ونادي «سيني ب» وروزا لكسمبورغ لكن غابت وزارة الثقافة ومؤسساتها الجهوية عن المهرجان فمندوبية الشؤون الثقافية منذ سيبتمبر و مكلب الدهم في المندوبية دون مجيب، الوزارة كذلك لم تحرّك ساكنا وكانّ شعار لامركزية الفعل الثقافي لا يهمّ لامركزية المكناسي واريافها.

مروى طيبة - مخرجة:


أشرفت على ورشة الفيلم الوثائقي مروى طيبة ابنة قفصة وهي مخرجة فيلمي «عيادية» و «ممنوع ان تحب» واشارت أن الورشة دامت تسعة ايام مع ثمانية شباب من مدينة المكناسي ، اليومين الاولين تعرفت على المكناسي من خلالهم تركت لهم حرية اختيار الشخصية و المكان ، ثم حاولنا الربط بين المواضيع المقترحة ثم انطلقت مرحلة التصوير.

اغلبهم يمسك للمرة الاولى الكاميرا، كانت الرهبة اولا ثم» اقبال كبير على العمل، وانجزنا الفيلم رغم قصر هذه المدة وحاولت مدهم ببعض المفاهيم السينمائية لمساعدتهم على التعلّم.ووعدتهم انني سابقى على تواصل معهم ليشعروا أنهم حقا فاعلون في المجتمع.

وبخصوص تظاهرة سينما الريف اشارت مروى طيبة ان الفعل الثقافي في المناطق الداخلية والريفية عبارة عن تحد حقيقي هنا نظرة اخرى للثقافة وكل مجهود ثقافي هو عملية لزرع الحلم من جديد.

وشارت مروي طيبة انها اختارت التوجه إلى للفيلم الوثائقي اولا لانه الاكثر مسؤولية ويتطلب البحث في المقابل يتطلب امكانيات اقل مضيفة انها تعمل بمقولة بيدرو المودوبار «السينما حياتى، وبين صناعة السينما وصناعة السينما، أعيش لحظات استخدمها كمورد لأفكار أصنع بها السينما».

أمين قمودي المكلف بالاعلام و الاتصال
نعم نحلم وسنحقق احلامنا باكتساح
السينما للريف


نحلم ونسعى لتحقيق حلمنا، من اللاشيء انطلقت الفكرة وها قد تحققت وسنسعى لتكبر وتزهر افلاما عديدة، نعم نحلم لأنه من حقنا الحلم ومن حقنا تحقيق احلامنا، بهذه العبارات ابتدأ المشاكس امين القمودي تصريحه للمغرب.

وامين قمودي من المجموعة الاولى التي اسست لجمعية فن المكناسي عرف بتمرده على الموجود ورغبته الدائمة في التغيير واثراء المشهد الثقافي في المكناسي بتظاهرات وعروض تلقائية وممتعة.

واضاف امين القمودي ان السينما في الريف في دورتها الثانية تجربة ممتعة لانها لامست المواطن خاصة وان السينما اكتسحت فضاءاتهم اليومية اي المقهى «لا اريد عددا كبيرا من المتفرجين، يكفينا عدد قليل يتابع باهتمام ويناقش العروض لاقول إننا نجحنا».

وأشار أن التجربة في المدارس الريفية كانت جدّ ساحرة فرغم تلقائيتها الا انها اسعدت اطفال الريف واكد ان الهدف الاول هو اسعاد الاطفال وتعويدهم بثقافة الفرجة السينمائية ومشاهدة افلام جد مميزة .

وبخصوص المهرجان اكد القمودي ان المهرجان خرج من الدعم الذاتي الذي بنيت عليه الدورة الاولى الى الحصول على دعم من اطراف أخرى على غرار الاتحاد ومركز الوطني للسينما والصورة في اطار التعريف بالتظاهرة وبداية وضع استراتجية عمل تسوق للمهرجان ولدوره في بناء مشهد ثقافي مختلف في المكناسي واريافها، واكد انه رغم بيروقراطية الادارة سيكبر المهرجان ويزهر افلاما انسانية تؤمن بقدرة ابن الريف على الابداع.

غفران القمودي - تلميذة:
السينما قرّبتني من الواقع والتاريخ


هادئة الطباع، حادة في النقاش ، دائمة السؤال والرغبة في معرفة التفاصيل تساهم في تأثيث حلقات النقاش وتدوين كلّ المعلومات التي تسمعها، غفران القمودي الفتاة الوحيدة التي شاركت في ورشة الفيلم الوثائقي الذي اشرفت على تاطيره المخرجبة مروى طيبة ، تلميذة جدّ ذكية، تحدثت عن تجربتها في الورشة واكدت انّها تجربة سينمائية ممتعة وبعيدا عن التقنية وتصوير الفيلم و المونتاج و طريقة التصوير التجربة كانت ممتعة، تجربة انسانية «مستني في شخصي»، ودفعتني لاكون اجتماعية و «نعرف نخمم» و اعرف كيفية التعامل مع الاشخاص من الاجيال المختلفة والطبقات الاجتماعية ايضا، تجربة غيرت طريقة التفكير وتحليل المعلومة بطريقة اخرى ،احلل بحرفية اكثر ونتعمق في تفاصيل الصورة ونفعتني التجربة من حيث معرفتي بالمناضلين ومقاربة الحقيقة والتعامل معها، تعرفت على تاريخ الجهة بالوثائق والاسماء بعيدا عن الكتب، تجربة جعلتني اغالب الخجل واتعلم كيفية التواصل مع الآخر وأصبحت أنظر للسينما نظرة مغايرة نظرة ، ملؤها حبّ الاطلاع وانجاز العمل بعشق لا يوصف، تجربة دفعتني لاكتشف غفران ايضا».

عبد الغفار مشي تلميذ ثالثة تقنية:
ابدعوا فالسينما حياة


«كانوا 10 ايام سمحين» للمرة الاولى امسك الكاميرا بيدي، وتعلمت العديد من الاشياء، تجربة انسانية واجتماعية أضافت لي الكثير، دخلت «جواجي» المكناسي اكتشفت اريافها واكتشفت الانسان الريفي الذي يسكنني بطريقة اخري و تعاملنا مع نار الشباب التي تشحننا بطريقة ابداعية، الطموح، اذ تقترب اكثر للواقع مع السينما.
سينما الريف تجربة جميلة جدا، ريفنا مهمّش لكن بالسينما ربما نثريه ونكشف مواهبه ونقدمها الى الاخر، وفي تصريحه توجه عبد الغفار برسالة الى اترابه مفادها ان هبوا وابدعوا فالثقافة متنفس و الثقافة مطية للحياة وكلّ يتناولها بطريقته فداخل كل انسان انسان اخر يريد الكتابة و الابداع و تحطيم القوالب الجاهزة التي فرضتها العادات والمجتمع والدولة علينا، ابدعوا فالابداع حياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115