أطفال «المبروكة» و«النصر» و «المش» ضمن سينما الريف: ابتسموا فالسينما مطية للسعادة ...

ابتساماتهم ساحرة، ضحكات صادقة نابعة من حبّ ورغبة في اكتشاف تلك الشخصية الغامضة المضحكة

و الممتعة معا، شخصية شارلي شابلن كانت محور الانطلاق لإسعاد الاطفال قبل عرض الأفلام فضحكاتهم الصادقة كانت بمثابة صكوك النجاح للمشرفين على المهرجان في عروضه قبل الأولية.

هنا الريف بكلّ اعماقه، هنا يسعون لتطبيق شعارات «لامركزية الفعل الثقافي» و الثقافة غذاء للروح والعقل معا، هنا يعملون على تطبيق فصول الدستور التي تنصّ على حق الجميع في الثقافة ويدافعون عن حقوق الطفل في الابداع فعلا وليس قولا، فهنا في ارياف المكناسي تعمل جمعية «فن المكناسي» من أجل صناعة ثورة ثقافية حقيقية، ثورة تنطلق من ايمانهم بقدرة الثقافة على التغيير فطفل اليوم هو مواطن الغد ومتى تشبّع بالفنون باتت شخصيته متوازنة وقادرة على التحليل.

هنا فقر و بؤس يلاحظه الزائر، هنا تهميش تلحظه منذ زيارتك الاولى للمكان وهنا ايضا دروس في الوطنية، فأولئك الاطفال يحدثون الزائر عن تونس، يقاسمونه حبهم للمدرسة فضاء الحلم عندهم و يخبرونك عن قصص البطولة وحكايا الصادقين فالوطن جزء منهم و الوطن لا يرتبط بالأرض و الجغرافيا وإنما بحب دفين وهوية وهواء يتنفسونه يوميا.
في المبروكة انطلقت الرحلة السينمائية رحلة لاكتشاف الاطفال و معانقة تباشير الحلم معهم، وفي قرية النصر كان الموعد مع مشاكسات الاطفال و اسئلتهم الكثيرة عن السينما و في المش كان اللقاء مع الضحكة والبحث عن تفاصيل الشخصية وسرّ لباسها الاسود وسر حركة الفيلم وقصته، لكل طفل قصة ولكلّ حكايته الخاصة وجميعهم اشتركوا في الحلم و الابتسام امام الافلام التي تعرض امامهم في شاشة كبرى يشاهدونها للمرة الاولى.

هنا الريف بكل تفاصيله، هنا طفولة متعطشة للحياة وللإبداع هنا صغار مازالوا جدّ تلقائيين يمارسون كل انواع اللعب و يحلمون ويعايشون الواقع بكل بساطة، هنا ارض خصبة للإبداع ومساحة للحلم، هنا يكون للفيلم الملتزم بقضايا الانسان وقعه في نفس ذالك الطفل فيكبر معه حبّ الابداع و البحث عن البديل كما تنمو الثورات، هنا يترك الفيلم اثره عند ذلك الطفل و يتعلّم منه ابجديات المقاومة فتحفر بعض التفاصيل في ذاكرته وتنمو معه ليكبر وهو يبحث عن الاتزان و التمرّد وعدم الخنوع.

هنا لقاء للسينما و كتابة تفاصيل الاحتجاج الثقافي يخطها ابناء جمعية فن المكناسي في قرية نائية وبعيدة ومنسية عرفت لسنين انها قرية لا تخنع وأبناؤها كما شعلة ملتهبة للحرية فهذه القرية كلّ مرة يكتب اسمها في الذاكرة الوطنية بحبر الاحتجاج والحركات الثورية المنحازة الى المواطن وفي الاعوام الاخيرة تعيش على وقع حركات ثقافية تنحاز للطفل الريفي وتدافع عن حقه في الفنون.

تظاهرة سينما الريف تقدمها جمعية فن المكناسي، جمعية تعمل بمقولة ليس مهما ان تحب التغيير وتنتظر الرقي والتحضر على العتبة، الاهم ان تسعى وتبدأ بتسطير درب، طريق يتجاوز حدود العتبة وظلمتها، ان تسير يدا بيد رفقة مجموعة تعانق الحلم وتمارسه ليصبح واقعها وجمعية فن في المكناسي اختارت الحلم سلاحها والثقافة مطية للحلم، حلم تريد ان تتشاركه مع ابناء المكناسي وارياف المبروكة و النصر والمش.

وللاشارة فجمعية «فن في المكناسي» انطلقت في العمل الثقافي منذ عامين وتعرّض أعضاؤها للعديد من التهديدات بمجرد اعلان نشاطهم الثقافي اذ كُفّروا وهُدّدوا بالسحل، وأُتهموا بالشذوذ والالحاد وغيرها من النعوت التي اطلقها رافضو الثقافة والإبداع ولكن ابناء الجمعية لم يتراجعوا عن حلمهم وتمسكوا بحقهم في الإبداع فليس المهم ان تحلم بل الاهم هو نضالك وكفاحك من أجل تحقيق حلمك، وظهور هذا المولود الجديد أضفى على حياتي طعم التغيير والمبادرة على حد تعبير بهاء قمودي المشاكس كما يسميه أصدقاؤه الذي يعمل وجمعيته بمقولة ادم فتحي «نحن نرعى الزهور ونحب الجمال و نريد الطيور حرة في الأعالي فإذا ما الربيع لم يكن للجميع قسما لن نطيع غير صوت الحمم» .

فن المكناسي تعمل بامكانيات جد قليلة وتسعى لتطبيق لامركزية الثقافة وتتوجه الى اطفال الارياف لتفتك حقهم في الثقافة وتدافع عن حقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية وحق التعليم بالفنون، فالفنون اداة للرفض والاحتجاج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115